- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
كيف يُترجم التوتر الروسي الأميركي على الأراضي السورية؟
كيف يُترجم التوتر الروسي الأميركي على الأراضي السورية؟
- 13 يوليو 2022, 11:10:42 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تظن الولايات المتحدة أن وجودها العسكري في سورية منذ تشكيل التحالف الدولي للحرب على "داعش" في آب/ أغسطس 2014، ضرورةٌ فرضتها طبيعة تلك الحرب.
وكان التنظيم الإرهابي قد سيطر في حزيران/ يونيو من العام نفسه على مناطق واسعة غرب وشمال غربي العراق، وشرق وشمالي شرق سورية.
ومن ناحية أخرى عمدت واشنطن إلى تطوير إستراتيجياتها، لتشمل السعي لتثبيت خفض العنف في سورية لمنع حدوث أزمة إنسانية جراء الحرب المستمرة منذ 2011.
لكن تبقى المهمة الأساسية للقوات الأميركية، دعم قوات حليفة لها شمالي شرق سورية، لمنع ظهور "داعش" أو عودته مجددا بعد "هزيمته عسكريًا" في آذار/ مارس 2019.
نشاطات "داعش" تراجعت في العامين الأخيرين تدريجيًا إلى حدودها الدنيا، ولم يعد يشكل تهديدًا جديًا للأمن والاستقرار في سورية أو في العراق ودول المنطقة الأخرى.
الأمر الذي يثير تساؤلات حول جدوى استمرار وجود قوات أميركية في سورية بأعداد كبيرة نسبيًا وتجهيزات قتالية في أكثر من موقع، بما فيها قاعدة "التنف" على المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن.
في مقابل ذلك، تشكل القوات الحليفة لإيران تهديدًا جديًا لأمن الجنود الأميركيين والمصالح الأميركية في سورية.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن "إحصائيات" لوسائل إعلام أميركية، أن إيران وحلفاءها في سورية نفذوا نحو 29 هجومًا على منشآت ومصالح أميركية في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها هجمات في سورية، للفترة بين تشرين الأول/ أكتوبر 2021 وأوائل حزيران/ يونيو الماضي، لكن الإدارة الأميركية لم ترد على تلك الإحصائيات.
الأسابيع الأخيرة شهدت سجالات بين مسؤولين أميركيين ونظراء لهم روس في موسكو وسورية.
ومنتصف حزيران/ يونيو الماضي، نقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين عسكريين أن موسكو حذرت القوات الأميركية من أنهم وجّهوا ضرباتٍ جوية ضد مسلحي قوات "مغاوير الثورة" المتحالفين مع الولايات المتحدة جنوب شرقي سورية.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول عسكري أميركي قوله، إن المسؤولين العسكريين الروس أخطروا الأميركيين نيّتهم الهجوم قبل 35 دقيقة من بدئه.
ورغم وجود قنوات اتصال بين الطرفين لتحذير كل منهما الآخر لتجنّب أي خطأ أو سوء تقدير أو تداخل في العمليات العسكرية، لكن لا تزال هناك تخوفات من الطرفين باحتمالات اشتعال حرب مباشرة أو عبر القوات الحليفة لهما.
ففي الأسبوع الثالث من حزيران/ يونيو، أي بعد نحو أسبوع على الهجوم الجويّ الروسيّ على قاعدة "التنف" التي توجد فيها قوات أميركية وأخرى من دول التحالف وقوات محلية، حلقت مقاتلتان روسيتان في أجواء قريبة من طائرات أميركية مسيرة كانت تنفذ مهمة قتالية ضد أحد قياديي "داعش" ما دفع واشنطن إلى تحذير الطائرتين من خلال استدعاء مقاتلتين أميركيتين إلى المنطقة.
ونقلًا عن مسؤولين أميركيين، أشارت "واشنطن بوست" إلى أن مسؤولين عسكريين في سورية وثّقوا تهديدات عسكرية روسية لمقاتلات أميركية، دون أن يطلب الجانب الروسي موافقة مسبقة من الأميركيين وفق ما هو معمول به ومتفق عليه بين الجانبين.
ومنذ التدخل العسكري الروسي في سورية في أيلول/ سبتمبر 2015، اتفقت موسكو وواشنطن على وضع آليات مشتركة عبر قنوات اتصال يقوم من خلالها أي جانب منهما بإخطار الجانب الآخر بالعمليات العسكرية والأنشطة الأخرى لتجنب أي سوء تقدير من أحدهما.
وعلى مدى سنوات طويلة، قلّما حدثت احتكاكات بين الولايات المتحدة وروسيا إلا في حالات نادرة.
في شباط/ فبراير 2018، هاجمت طائرات أميركية أرتالًا لقوات معظمها من شركة "فاغنر" الروسية ومن قوات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وأخرى حليفة لقوات النظام في ريف دير الزور، لمنعها من الوصول إلى حقل "كونيكو" النفطي الخاضع لسيطرة قوات سورية الديمقراطية "قسد" الحليفة للولايات المتحدة والمدعومة منها.
وبعد تعيين الجنرال مايكل إريك كوريلا، رئيسًا جديدًا للقيادة المركزية الأميركية أواخر حزيران/ يونيو الماضي، أولى اهتمامًا إضافيًا بالتوترات الأميركية مع كل من إيران وروسيا في سورية، من خلال عدد من اللقاءات مع قيادات عسكرية من التحالف الدولي في قاعدة "التنف" لبحث سبل تجنّب سوء التقدير أو مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تؤدي إلى صراع غير ضروري، مع التأكيد على أن قوات بلاده "ستدافع عن نفسها، ولن تتردد في الرد".
ولا يستبعد محللون غربيون احتمالات الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث لكليهما تواجد عسكري لدعم أطراف متحاربة.
ووفق تقديرات غربية، تحتفظ روسيا بأكثر من خمسة آلاف جندي وعشرات المقاتلات في قاعدة "حميميم" مركز قيادة القوات الروسية، بينما تنشر الولايات المتحدة أكثر قليلا من 900 جندي معظمهم مدربين واستشاريين، وبينهم جنود قوات متخصصة بالإنزالات الجوية لمطاردة عناصر "داعش" والقبض عليهم.
وتدعم الولايات المتحدة قوات سورية الديمقراطية "قسد"، وهي ميليشيات محلية مرتبطة بمنظمات تصنفها الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب، مثل تنظيم "بي كي كي"، وهي على خلاف مع قوات النظام، وسبق أن قاتلا بعضهما في شمال شرق سورية.
بينما تدعم روسيا قوات النظام السوري والقوات المتحالفة معه المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وقوات أخرى محلية تدعمها روسيا.
ويعتقد مسؤولون روس أن الولايات المتحدة تستخدم قاعدة "التنف" لتدريب وتسليح "مقاتلين متطرفين تكلفهم بتنفيذ هجمات إرهابية في سورية"، وفق تصريحات المبعوث الخاص للرئيس الروسي لسورية ألكسندر لافرنتيف، منتصف حزيران/ يونيو الماضي.
ومنذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في شباط/ فبراير الماضي، والأحاديث التي تتناقلها وسائل الإعلام المحلية والأجنبية عن تقليص روسيا وجودها العسكري في سورية، والتدخل الأميركي إلى جانب أوكرانيا ورغبتها في التضييق على الوجود الروسي في سورية، بدا واضحًا أن الملف السوري عاد إلى أولويات اهتمام الإدارة الأميركية.
ويأتي ذلك في محاولة لملء الفراغ الذي قد تخلّفه روسيا في سورية، لمنع إيران من استغلال ذلك بالتزامن مع تصاعد حدة التوترات بين إسرائيل والأردن من جهة، وإيران من جهة أخرى، في ظل دعوات أردنية لتشكيل تحالف أمني إقليمي لمواجهة تهديدات القوات الحليفة لإيران على حدود الأردن الشمالية.
ويرى خبراء أن مزيدًا من انسحاب القوات الروسية أو تقليل مستوى الدعم الجوي لقوات النظام السوري سيدفع القوات المرتبطة بإيران لتكثيف تمركزها في مواقع ومناطق كانت تتحاشى الوصول إليها للحفاظ على علاقاتها مع روسيا في سورية.