- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
لكحل رابح يكتب: حسابات الربح والخسارة في الانتخابات التركية.. لهذه الأسباب سيفوز أردوغان
لكحل رابح يكتب: حسابات الربح والخسارة في الانتخابات التركية.. لهذه الأسباب سيفوز أردوغان
- 23 مايو 2023, 4:51:39 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بانتخابات مزدوجة رئاسية وبرلمانية خاضتها الأحزاب السياسية التركية بتاريخ 14 مايو/أيار 2023 حسم الشعب التركي وبمشاركة قياسية بلغت 86.98% ممن له حق التصويت، أي بمجموع ما 55.8 مليون ناخب، حيث حصل تحالف الجمهور والذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أغلبية مريحة بـ323 مقعداً من أصل 600 مقعد بالبرلمان.
في المقابل أُجِّل حسم منصب الرئيس، وهو الجزء الأهم دستورياً؛ حيث ستعقد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يوم 28 مايو/أيار 2023، لقد لاقت هذه الانتخابات اهتماماً وترقباً كبيرين داخلياً وخارجياً، ووُصف الاستحقاق بالمصيري، وبالأهم في تاريخ تركيا الحديثة.
إذا كان اهتمام الأتراك وتنافسهم طبيعياً ويمكن فهمه أو تفهمه انطلاقاً من طبيعة المواطن التركي ومن تركيبة مجتمعية متباينة والذي يمكن ملاحظته في طبيعة وتوجهات الأحزاب المكونة للتحالفين الرئيسيين "الجمهور" وتحالف المعارضة المسمى "تحالف الشعب"، لكن غير الطبيعي الاهتمام الدولي المبالغ فيه الذي تلحظه إن اتجهت شرقاً أو غرباً وعلى جميع المستويات، وهذا مما نحاول فهمه وتحديد خلفياته في هذه السطور.
الاهتمام الخارجي بالانتخابات التركية
منذ سنوات وقبل إعلان الرئاسة التركية عن تنظيم الانتخابات في موعدها الدستوري أسست المعارضة التركية بدعم ورعاية غربية واضحة تحالفها الذي بُني حول قضية مركزية واحدة وهي إسقاط "أردوغان" ومشروعه وإعادة تركيا إلى دورها ووضعها ما قبل حكم "العدالة والتنمية".
لنتفق ابتداء على أن التنافس بين الأحزاب والتيارات عادي ومن طبيعة العمل السياسي أو لنقل من ضرورات الاستحقاقات الانتخابية، لكن ما نُدينه هو فتح التدخل الخارجي، وهذا ما برز بقوة ما قبل وفي أثناء المرحلة الأولى للانتخابات، حيث نسجل تخلي الغرب عن تحفظه ونفاقه المعهود وادعاءاته باحترامه لخيارات الشعوب وقناعاتهم، وانخرط بكل قوة في حملة تشويه وتجييش كبيرين ضد تحالف الجمهور ورئيسه "أردوغان" خاصة، مقابل دعم إعلامي ورعاية لصالح تحالف الشعب ومرشحة "كمال كليجدار أوغلو" وظهر ذلك عبر:
- تصريحات مباشرة وغير مسبوقة لرسميين غربيين على رأسهم الرئيس الأمريكي بايدن يذمون فيها أردوغان ويدعون لإسقاطه واختيار منافسه.
- حملات منظمة على وسائل الإعلام المختلفة هدفها الأساسي تشويه أردوغان، واستصغار إنجازاته ونجاحاته مقابل الإشادة بـ"كمال كليجدار أوغلو" ومشروعه الواعد القائم على التعهد بإقامة مشاريع غير واقعية مثل الانضمام إلى "الاتحاد الأوروبي".
- القيام بإجراءات عقابية مالية واقتصادية بدأت منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق "ترامب" الذي أعلنها صراحة واستمرت دون صخب على عهد سلفه، لمضاعفة معاناة الاقتصاد التركي "ضرب العملة، وزيادة التضخم" بهدف زيادة الضغط ودفع الناخبين للتذمر والانقلاب على أردوغان وتحالفه.
- عملوا بشكل حثيث حتى جمعوا بين المتضادين من دعاة الانتصار للعرق بتحالف القوميين الكرد مع القوميين الترك لدعم "أوغلو" ومشروعه.
مؤشرات وإشارات في الانتخابات التركية
أمام هذه الصورة الغريبة وجب علينا التنبيه لبعض النقاط التي نسجلها من هذه المعركة المصيرية، فنقول إن المفاجأة ليست عدم توفيق أردوغان لحسم استحقاق الرئاسة من الجولة الأولى، إنما لفشل المعارضة الموحدة في ذلك، وهو الذي شكل صدمة لأنصارها، رغم الحرب الاقتصادية التي قادتها أمريكا وزادها وباء كورونا، وحالة التضخم في تركيا، ثم أتم الحلقة الزلزال المدمر الذي وقع في جنوب تركيا في فبراير/شباط 2023.
يضاف إلى ذلك المجهودات الغربية الجبارة في حشد الكل ضد أردوغان والتحذير منه، وظهر ذلك في أغلفة الكثير من الصحف الغربية، لكن نجد من الغريب أن ينتصر عليهم بفارق 5% من أصوات الناخبين، والتي تمثل حوالي أكثر من 2 مليون ونصف المليون صوت من مجموع الأصوات الصحيحة.
كما عرت نتائج الجولة الأولى ادعاءات نتائج آراء الناخبين الأتراك قبل الانتخابات والتي قادتها ونظمتها مؤسسات استطلاعات الرأي؛ حيث منحت الفوز للمرشح "كمال كليجدار أوغلو" نسبة عالية وصلت إلى 60% من الأصوات.
فـ"أوغلو" الذي حصل فعلاً على أقل من 45% قد أضيف لهذه النسبة من قبل مؤسسات استطلاعات الرأي 15% أي ما يعادل حوالي 8 ملايين صوت، وهو رقم ضخم بجميع المقاييس ولا يمكن بأي حال من الأحوال إدراجه.
مهما كانت نتائج الجولة الثانية سيبقى أردوغان صورة واقعية لمبدأ التدافع الذي أقامنا عليه ديننا في قوله تعالى: "ولَوْلا دفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعْضَهم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ"، فبعد 20 عاماً من الحكم والنجاحات الباهرة التي حققها في مجال الطاقة، الاقتصاد، الصناعات المدنية والعسكرية.. إلخ، وتحويله تركيا إلى قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب، كان بإمكانه أن يلجأ إلى ثقافة المؤامرة التي تستهدفه، وهي واقعة فعلاً وشرسة جداً، أو لنقل ليأخذ استراحة محارب وهي مستحقة ويمارس سياسة الكرسي الشاغر.
لكن ما يثير الإعجاب ويجعله محل تأسٍّ واقتداء شراسته في مواجهة مخططات إسقاطه وإفشال مشروعه، وذكائه وحسن تدبيره السياسي.
المتوقع من جولة الإعادة في الانتخابات التركية
بالرغم من التعبئة القصوى لتحالف المعارضة فقد خسر الأغلبية البرلمانية، وكان قاب قوسين من أن يخسر الرئاسة، ومع هذه الخسائر غير المتوقعة فقد تحالفه حماسته وأصيب في مقتل، بينما تحالف الجمهور بقيادة أردوغان زادت عزيمته وثقته في نفسه وشعبه.
فعلى "كمال كليجدار أوغلو" وتحالفه أن يستدركا فارق 5% من الأصوات، ويضاف إلى ذلك سيطرة أردوغان وتحالفه على البرلمان كورقة رابحة أخرى تزيد في جمع الناس حوله وخاصة المترددين منهم.
فإذا ركزنا على هذه العوامل التي ظهرت كنتائج للجولة الأولى التي فاز بها تحالف أردوغان الانتخابي، نقول بدون أدنى شك إن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" سيحسم الجولة الثانية لصالحه وبفارق مريح جداً، ليكمل مشروعه بنقل الشعب التركي إلى مكانة أفضل، وأن يظل داعماً لإخوانه في الدين والتاريخ والمصير المشترك من شعوب الشرق الأوسط.