- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
لماذا تخشى تركيا “السيناريو المرعب” في حال تفجر الأوضاع في العراق وانهيار الحكومة المركزية؟
لماذا تخشى تركيا “السيناريو المرعب” في حال تفجر الأوضاع في العراق وانهيار الحكومة المركزية؟
- 31 أغسطس 2022, 4:19:57 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
إسطنبول- “القدس العربي”: تراقب أنقرة التطورات المتلاحقة في العراق وسط خشية متزايدة من تفجر الأوضاع بشكل أكبر وانهيار الحكومة المركزية وهو ما يعني “سيناريو مرعبا” لتركيا سياسياً وأمنياً واقتصادياً وحتى ديموغرافياً، الأمر الذي دفع محللين للتحذير من تكرار “النموذج السوري” في العراق في وقت تسخر فيه الدبلوماسية التركية كافة جهودها لطي صفحة الفوضى والخلافات في المنطقة.
وعقب تصاعد التوتر في العراق، أصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً حذرت فيه رعاياها من الاقتراب من مناطق الاشتباكات ودعتهم إلى عدم التنقل، وحثت في بيان آخر كافة الأطراف العراقية على تجنب العنف وحل المشاكل من خلال الحوار.
وجاء في بيان الخارجية التركية: “التطورات التي شهدها العراق في الآونة الأخيرة تهدّد وحدة واستقرار البلد”. وشدد البيان على أن استقرار وأمن العراق مهم جدا بالنسبة لتركيا، داعيا كافة الأطراف لضبط النفس، معربا عن القلق إزاء أعمال العنف المتصاعدة.
وعلى الرغم من أن المواقف الرسمية التركية بقيت محصورة في بيان وزارة الخارجية، إلا أن محللين ومقربين من الحكومة عبروا عن خشية بلادهم من “سيناريو مرعب” قد يعصف بتركيا في حال تفجر الأوضاع بشكل أكبر في العراق وخروجها عن السيطرة، محذرين من أن السيناريو الأخطر قد يتمثل في انهيار الحكومة العراقية، وهو ما لن يكون في مصلحة أنقرة على الإطلاق.
وتتمثل أبرز المخاوف التركية في أن استمرار الاشتباكات قد يؤدي إلى توسعها وبالتالي إمكانية انهيار الحكومة المركزية، وهو ما يعني سيطرة المليشيات والجماعات المسلحة على الدولة، الأمر الذي سيكون له عواقب كارثية على تركيا التي تربطها حدود بطول أكثر من 300 كيلومتر مع العراق.
ومن شأن أي سيناريو لانهيار الحكومة والجيش وانتشار المليشيات أن يشكل تهديداً حقيقياً على الأمن القومي التركي والحدود التركية بشكل خاص ويعطي مساحة كبيرة لتمدد وتوسع تنظيم بي كا كا المصنف إرهابياً في تركيا ويتخذ من شمال العراق قاعدة أساسية له، وفي هذا السياق يجري استحضار “النموذج السوري” من جانب تمدد وتوسع الوحدات الكردية مستفيدة من الفوضى التي شهدتها البلاد على مدى السنوات الماضية وما توفره هذه الأوضاع من إمكانية لتخزين السلاح والحصول على موارد مالية للتوسع.
كما من شأن أي انهيار للسلطة المركزية أن يهدد المصالح التركية المباشرة في العراق حيث السفارة التركية في بغداد والقنصليات في أربيل والموصل وغيرها، إلى جانب القاعدة العسكرية التركية في بعشيقة والانتشار العسكري التركي في أقصى شمال العراق، وهي جميعها مصالح حيوية لتركيا ستكون تحد تهديد تنظيم بي كا كا والمليشيات الشيعية التي حاولت استهدافها أكثر من مرة في السنوات الماضية.
وعلى الرغم من وجود خلافات بين أنقرة وبغداد، وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية معروفة بقربها من إيران، إلا أنها تبقى حكومة مركزية قوية تغلب المصالح الوطنية للبلدين ولا تنجر خلف “الحسابات الضيقة”، على عكس سيناريو انتشار الفوضى وتغول المليشيات بشكل مباشر في السيطرة على البلاد.
يضاف إلى السيناريوهات السابقة، السيناريو الأخطر بالنسبة لتركيا والمتعلق بملف اللاجئين، حيث تسود خشية حقيقية من أن يؤدي تردي الأوضاع الاقتصادية وتدهور الأوضاع الأمنية إلى موجة هجرة جديدة لا سيما من المكون السني والتركماني وهو “سيناريو مرعب” بكل معنى الكلمة للحكومة التركية قبيل موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في وقت تحاول فيه التخفيف من تأثير ملف اللاجئين السوريين على توجهات الناخبين الأتراك.
كما أن سيناريو حصول موجة هجرة لا يتعلق فقط بالخشية من الآثار السلبية على الداخل التركي وملف الانتخابات وإنما بمستقبل التوزيع الديموغرافي للسكان في شمالي العراق والخشية من حصول تغير جديد على غرار ما حصل عقب سيطرة تنظيم “الدولة” على مناطق متفرقة بالعراق حيث لا تمنح تركيا منذ عقود جنسيتها لتركمان العراق للمحافظة على وجودهم في مناطقهم الأصلية هناك.
يضاف إلى كافة الأسباب السابقة، الملف الاقتصادي، إذ يعتبر العراق أحد أبرز الشركاء الاقتصاديين لتركيا في المنطقة والعالم حيث يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ملايين الدولارات، ومن شأن أي سيناريو للفوضى أن يشكل ضربة كبيرة للاقتصاد التركي والصادرات والواردات بين البلدين في وقت تركز فيه الحكومة التركية جهودها على استراتيجية زيادة الإنتاج والصادرات لمعالجة الصعوبات الاقتصادية التي تمر فيها البلاد.