- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
لماذا يحتاج أردوغان إلى الأسد أكثر من أي وقت مضى؟
لماذا يحتاج أردوغان إلى الأسد أكثر من أي وقت مضى؟
- 23 أغسطس 2022, 4:56:17 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تشير الضربات الجوية التركية الأخيرة على النقاط الحدودية السورية إلى جولة أخرى من المواجهات بين دمشق وأنقرة، لكن الهدف الرئيسي لتركيا هي المليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.
وبالنظر إلى أن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" يعيد تموضع بلاده بعيدا عن السياسات التي انتهجتها خلال الربيع العربي، فيبدو أن الوقت حان لإعادة ضبط العلاقات في سوريا. ويُظهر الاجتماع الأخير لوزير الخارجية التركي "مولود تشاووش أوغلو" مع نظيره السوري "فيصل المقداد" أن أنقرة شرعت بالفعل في طريق استعادة العلاقات مع دمشق.
وفي حين أن هذا الطريق طويل ومليء بالخدع الروسية والإيرانية، فإن "أردوغان" الذي يواجه انتخابات - تهيمن عليها قضايا الإرهاب والتركيبة السكانية واللاجئين السوريين - ليس لديه خيار سوى محاولة إصلاح العلاقات مع دمشق، لكن هذه المصالحة قد تتركز حول الجوانب العملية لاتفاقية أضنة لعام 1998 أكثر من الرجوع إلى حالة العلاقات في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كان "أردوغان" و"الأسد" يقضيان عطلة معا في البحر الأبيض المتوسط.
وبينما يناور "أردوغان" بمهارة بين الناتو وروسيا بشأن أوكرانيا، فقد وصل كثيرا إلى طريق مسدود خلال محاولته تحقيق التوازن في سوريا.
وبينما تعتبر تركيا شمال غرب سوريا فناء خلفيا لها، فإن أي هجوم جديد على الشمال الشرقي من شأنه أن يخلق مشاكل للجماعات المدعومة من تركيا في أماكن أخرى. وبالتالي ليس أمام "أردوغان" سوى عقد صفقة مع "الأسد".
وبينما استفادت تركيا من الحرب أوكرانيا حيث لعب "أردوغان" ببراعة دبلوماسيته المعتادة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، فإن الانقسامات هائلة في سوريا.
ولا يمكن لتركيا أن تدعي أنها تحارب تنظيم "الدولة الإسلامية"، حيث تنظر واشنطن إلى "قوات سوريا الديمقراطية" على أنها أحد الأبطال الرئيسيين في الحرب ضد الإرهاب. ولا يمكن لأنقرة أن تدّعي أنها تتصرف كمحاور مع دمشق بنفس الطريقة التي فعلتها منذ أكثر من عقد.
ولا يمكن لتركيا أن توازن تحركاتها مع الروس أيضًا بالرغم من العلاقة متعددة المستويات بين أنقرة وموسكو. ولن يتخلى "بوتين" عن "الأسد" من أجل "أردوغان" لأن سوريا كانت الحليف العربي الاستراتيجي لموسكو لأكثر من 5 عقود، وتعمل حاليًا كمحور رئيسي لعودة روسيا إلى الشرق الأوسط.
وبعد حملة "أردوغان" الأخيرة للتصالح مع السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل، لا يمكنه ادعاء دعم جماعات الإسلام السياسي مما جعله يفقد بعض الزخم الذي أحرزه في عام 2011.
وفي قمة طهران الشهر الماضي، حذرت كل من روسيا وإيران "أردوغان" من خطورة أي عملية عسكرية جديدة. وحاليا تجري حرب استخبارات إيرانية تركية، ويبدو أن الأمر يتسع بالرغم أن أنقرة وطهران لا ترغبان في الصدام بشأن شمال سوريا.
في الوقت نفسه، ما يزال الروس غاضبين من تأثير الطائرات بدون طيار التركية على القوات الروسية في أوكرانيا، وهو الأمر الذي ظهر أيضا في الصراع الأرميني الأذربيجاني. ويعني كل هذا أن على الجيش التركي التفكير مليًا قبل شن أي عمليات جديدة.
وبينما لم يتمكن "أردوغان" من توحيد المعارضة السورية لتولي الحكم في دمشق، فإن سياسته تجاه سوريا على مدى العقد الماضي وحدت خصومه السياسيين المحليين، بما في ذلك زعماء المعارضة الذين وقفوا على العمليات التركية في سوريا. وأدى ذلك إلى عدم ارتياح داخلي وخلافات حادة حول التصورات.
وتلقي أحراب المعارضة التركية باللوم على اللاجئين السوريين فيما يتعلق بالمشاكل الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وتدعو هذه الأحزاب إلى إعادة العلاقات مع دمشق وإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وتعتبر أن هذا الأمر أفضل طريقة لمغازلة الناخب التركي. وبالفعل أصبح "أردوغان" أمام معضلة كبيرة بسبب قضية سوريا.
ومع دعم روسيا والولايات المتحدة للتقارب الكردي مع دمشق باعتباره الخيار الأكثر قبولا، ليس أمام أنقرة خيار سوى المصالحة مع دمشق. وقد يرى قادة المعارضة السورية أنه من المستحيل أن يتخلى "أردوغان" عنهم، ولكن كما أظهر الرئيس التركي من خلال اتصالاته المتجددة مع قادة الشرق الأوسط الذين توترت علاقته معهم سابقًا، لا يوجد سبب يمنعه من إصلاح العلاقات مع "الأسد".
وبالرغم من الخطاب القومي والضربات الجوية الأخيرة، فإن نافذة الوقت تتقلص أمام "أردوغان" لحل عقدة سوريا قبل الانتخابات المقبلة. من جانبه، يمكن لـ"الأسد" الانتظار لأنه بمرور الوقت يصبح "أردوغان" أكثر احتياجا إليه وليس العكس.
المصدر | كمال علم/ميدل إيست آي