- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
لماذا يماطل نتنياهو في الاستجابة لطلب بايدن “وقف إطلاق النار”؟
لماذا يماطل نتنياهو في الاستجابة لطلب بايدن “وقف إطلاق النار”؟
- 20 مايو 2021, 4:10:36 م
- 673
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
حصلت أمس تطورات دراماتيكية في اليوم العاشر لعملية إسرائيل في قطاع غزة. في البداية أُطلقت أربعة صواريخ من لبنان نحو عكا ومنطقة الكريوت.
وعلى الفور نشر البيت الأبيض بياناً رسمياً عن مضمون المحادثة الهاتفية الرابعة منذ بداية العملية بين الرئيس الأمريكي بايدن ورئيس الحكومة نتنياهو.
هذه المرة شدد بايدن لهجته وأبلغ نتنياهو عن أمله بحدوث هدوء جوهري على الأرض بدءاً من (الأربعاء). وهذه الأحداث تقربنا من نهاية العملية، لكن إمكانيات الدمار الكامنة لم يتم استنفادها بعد.
يبدو أن المسؤول عن الإطلاق في الشمال هي منظمات فلسطينية. فمنذ العام 2014 نشر أن حماس تريد إقامة شبكة إرهاب في مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان،
بحيث تستطيع استخدامها لإطلاق الصواريخ وفتح جبهة ثانوية ضد إسرائيل في حالة حدوث مواجهة في القطاع.
ومنذ بداية العملية، تم تسجيل 3 رشقات من لبنان ورشقة من سوريا. منطقة الكريوت كانت الهدف الأبعد والمدوي أكثر للإطلاق حتى الآن،
رغم أن الصلية انتهت بدون إصابات. من المرجح أن هذا الإطلاق لم يكن لينفذ بدون موافقة ولو صامتة من حزب الله.
وهو الآن يضع إسرائيل أمام معضلة، وهي بأي قوة سترد دون أن يتم جر حزب الله إلى المواجهة.
حسب الرد الأولي، إطلاق قذائف المدفعية، يبدو أن إسرائيل لا تريد تصعيد التوتر في الشمال.
لنتنياهو موضوع ملح أكثر للرد عليه، وهو مطالبة لبايدن غير المسبوقة بوقف إطلاق النار.
رئيس الحكومة لم يسمع لغة كهذه من سلف بايدن في هذا المنصب، ترامب. عملياً،
يبدو هذا طلباً متشدداً جداً من الإدارة الأمريكية لإسرائيل منذ الطلب الذي قدمته وزيرة الخارجية كونداليزا رايس في حرب لبنان الثانية في 2006 بعد أن تم اتهام إسرائيل بقتل مدنيين في كفر كنّا.
وانتهى طلب رايس في حينه بوقف إطلاق نار إنساني لمدة يومين، وبعد ذلك تحاربت إسرائيل وحزب الله لمدة أسبوعين آخرين.
ولكن بايدن يريد وقفاً شاملاً هذه المرةنتنياهو عدة أسباب تمنعه من عدم الاستجابة الفورية لطلب لبايدن.
النشاطات العسكرية ضد حماس أثمرت حتى الآن إنجازات محدودة، بدون أي حسم واضح لإسرائيل؛
من الصعب عليه الظهور كمن خضع للضغط الأمريكي لأنه سيهاجم من اليمين بسبب إظهار الضعف؛
وإن إنهاء العملية مع شعور بأن نتنياهو لم يوفر البضاعة الأمنية التي وعد بها، سيبقي احتمالاً ضعيفاً لخصمه يئير لبيد لتشكيل الائتلاف حتى انتهاء مدة التفويض في 2 حزيران.
ما زالت الخطوة المطلوبة الآن هي الاستجابة لطلب بايدن ومحاولة تحسين الثقة بينهما.
بعد المكالمة الهاتفية وبعد زيارة “البئر” (مقر القيادة) للواء العمليات في قيادة الأركان في مقر وزارة الدفاع،
قال رئيس الحكومة إنه “يقدر دعم صديقه جو بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.
وأضاف بأنه يصمم على استمرار العملية إلى حين استعادة الهدوء، وفي الواقع هو تجاهل مضمون طلب بايدن.
يبدو أن هناك حدوداً لقدرته على صد مثل هذه الضغوط من دولة توفر لإسرائيل الدعم الدبلوماسي الكبير ومساعدات أمنية بمبلغ 3.8 مليار دولار سنوياً.
ومن غير المستبعد أن يكون قرار أمريكا معاملة نتنياهو بشكل حازم وعلني نوعاً من البروفا العامة قبل العرض الكبير وهو معارضة إسرائيل المتوقعة لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران.
إلى حين اتضاح الرد الإسرائيلي، ستحاول حماس مراكمة إنجازات معنوية أخرى. وارتفاع عدد الصليات من الشمال يشير إلى قدرتها على إزعاج إسرائيل في ساحات أخرى، إضافة إلى أعمال العنف التي اندلعت داخل الخط الأخضر والمواجهات في القدس ومحاولة تنفيذ عمليات التي ازدادت في الضفة الغربية.
من المرجح أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار فستطلب حماس إنهاء المعركة بإطلاق صلية قوية جداً،
التي ستعتبرها كعملية انتصار أخيرة. وقد تزيد إسرائيل شدة القصف ضد حماس والجهاد الإسلامي.
يعمل على محاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار رجال وزير المخابرات المصرية، الجنرال عباس كامل.
والأمم المتحدة تشارك هي أيضاً، لكن إسهام قطر كما يبدو إسهاماً ثانوياً. الاتفاقات السابقة بعد عملية “عمود الدخان” في 2012 وعملية “الجرف الصامد” في 2014 لم تكن مفصلة بشكل خاص،
وعلى الأغلب لم تطبق بشكل كامل. هدف إسرائيل الرئيسي سيكون إعادة الهدوء،
وبعد ذلك ستشاهد إذا كانت ستنجح في ترجمة الثمن التنفيذي الذي جبته من حماس لطلبات صارمة أكثر بخصوص تقييد صناعة الأسلحة المحلية في القطاع.
ستطلب إسرائيل رقابة على إدخال المواد ثنائية الاستخدام إلى القطاع، التي قد تستخدم في إنتاج الوسائل القتالية.
الأجواء الظاهرة التي تشير إلى أننا في الأيام الأخيرة للعملية،
تزيد عدد مناورات التضليل والخداع التي يقوم بها جميع اللاعبين تجاه بعضهم البعض. هذه الأمور تجري أيضاً في الساحة الداخلية.
فهناك المستوى السياسي والعسكري ينشغلان في الحفاظ على صورتهما، وكل واحد منهما يريد إبعاد نفسه عن المسؤولية عن إنهاء العملية.
مساء أمس، نشر في قنوات التلفاز نبأ غريب بشكل ما،
وهو أن الجيش الإسرائيلي يريد مواصلة العملية لأنه -حسب تقديره- توجد احتمالية لاغتيال رئيس الذراع العسكري في حماس محمد الضيف. أولاً،
من الواضح للجميع (بما في ذلك حماس)، أن الضيف ورئيس حماس في القطاع يحيى السنوار مستهدفان دائماً من قبل إسرائيل. ثانياً،
إذا تحسنت احتمالية المس بالضيف فلماذا يعلن الجيش الإسرائيلي عن ذلك في وسائل الإعلام؟
نتنياهو أحسن صنعاً عندما قال في لقائه مع الدبلوماسيين الأجانب بأن إسرائيل لا تستبعد عملية برية في القطاع. عملياً،
لا يبدو أن هناك استعدادات حقيقية لعملية برية للجيش الإسرائيلي في القطاع.
عملية “حارس الأسوار” تركز على استخدام القصف الجوي وإطلاق النار عن بعد من خارج القطاع، وتم إرسال لواءين مقاتلين نحو الجنوب.
تصريح نتنياهو لا يعتبر جزءاً من ألاعيب الحرب النفسية أمام حماس، بل هو مناورة أمام هيئة الأركان.
في حالة حدوث تدهور شديد فلا توجد إمكانية لاستبعاد هذا السيناريو، لكن يبدو أن جميع عوامل القوة في إسرائيل تريد الامتناع عن ذلك.
إضافة إلى ذلك، ففي هذه المرة وخلافاً لعمليات سابقة في غزة، لم يسمع حتى في الساحة السياسية طلب لاحتلال القطاع.
لذلك، تصريح نتنياهو لا يعتبر جزءاً من ألاعيب الحرب النفسية أمام حماس، بل هو مناورة أمام هيئة الأركان.
رئيس الحكومة يعطي إشارات على أن الخيار البري موضوع على الطاولة. وإذا لم يتم تنفيذ ذلك (وعلى الأغلب لن ينفذ) فسيكون تحت مسؤولية شخص آخر.
من لهم ذاكرة طويلة سيتذكرون قضية تسريب العرض السري للجيش الإسرائيلي على الكابنت في أواخر عملية “الجرف الصامد” قبل فترة قصيرة من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
في حينه، أُبلغ عن تنبؤ عسكري يقول إن احتلال القطاع سيكلف مئات القتلى، وبطريقة معينة لم يتم العثور حتى الآن على من سرّب هذا العرض.
على خلفية الشعور بالاستنفاد في الجيش وفي المستوى السياسي، هناك أمل لدى الجمهور بأنه لا يتم جرنا الآن إلى عملية “جرف صامد 2” طويلة ودموية في القطاع.
ولكن يجب الأخذ في الحسبان خطراً جديداً وهو: إزاء المواجهات الكثيرة في الضفة وضعف السلطة الفلسطينية، هل يمكن أن نتدهور نحو انتفاضة ثالثة في المناطق؟