- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
لوفيغارو: بين روسيا وفرنسا.. الجزائر تعول على “التعددية”
لوفيغارو: بين روسيا وفرنسا.. الجزائر تعول على “التعددية”
- 22 يونيو 2023, 5:44:00 ص
- 389
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إن عبارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون التي وصف فيها نظيره فلاديمير بوتين بـ“صديق الإنسانية خلال زيارته لموسكو الأسبوع الماضي، تركت المستشاريات الغربية في حالة من الشك.
ومع ذلك، فإن ميل الجزائر إلى موسكو ليس جديدا، فروسيا حليف استراتيجي تاريخي للجزائر (دعم الاتحاد السوفياتي المقاومة الجزائرية ضد فرنسا)، وموردها الرئيسي للأسلحة وشريكا اقتصاديا مهما (مع 3 مليارات دولار من التبادلات التجارية).
وأشارت الصحيفة إلى أن الجزائر كانت من بين 37 دولة امتنعت عن التصويت في الثاني من مارس 2022 على القرار “الذي يطالب روسيا بالتوقف الفوري عن استخدام القوة ضد أوكرانيا” ويطالب بانسحاب فوري للقوات الروسية والدعوة إلى سلام ”عادل ودائم”. من جانبها، أيدت روسيا ترشيح الجزائر كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقد حصلت على هذا الوضع في بداية يونيو، وطلبها الانضمام إلى مجموعة البريكس.
وتنقل “ليبراسيون” عن صحافي جزائري متخصص في السياسة الخارجية، لم تذكر اسمه، قوله إن موقف الجزائر على مستوى الساحة الدولية قد تطور: اليوم، لم يعد هناك لم يعد هناك مجال لمسألة عدم الانحياز (من اسم الحركة التي تأسست خلال الحرب الباردة، رافضة الاستقطاب بين الكتلة السوفياتية والكتلة الغربية) ولكن “تعدد الانحياز” أو “التعددية”. واعتبر هذا الأخير أن عدم الانحياز لم يعد يعني شيئا تقريبا في السياق الدولي الحالي، حيث نشهد فرض قوى ناشئة، كالصين والهند، لنفسها على الجميع.
ويرى باحث جزائري أنه “ يبدو أن العالم السياسي ثنائي القطب (الولايات المتحدة/ الغرب، مقابل روسيا/ الصين) يفسح المجال ببطء لعالم أكثر دقة، حيث يرغب الفاعلون الآخرون (بريكس وتركيا والجزائر) في موازنة السياسة الغربية المهيمنة في فترة ما بعد الحرب.
كانت عضوية الجزائر في البريكس مطروحة على الطاولة منذ بضع سنوات بالفعل. لكن الجزائر تمكنت من اغتنام الفرصة التي أتيحت لها في أعقاب الحرب بين روسيا وأوكرانيا. والحياد المؤيد لروسيا الذي أبدته الجزائر سيكون تعهدا إضافيا يتم تقديمه للروس وبريكس. هذه الأخيرة، التي ترغب في إنشاء محور أفريقي قوي ملتزم بقضيته (الجزائر – أبوجا – بريتوريا) ، يمكّنها، باسم الدوافع السياسية، أن تغض الطرف عن حقيقة أن الجزائر لا تفي بجميع الشروط الاقتصادية للانضمام إلى النادي.
إن وجهة النظر المهيمنة داخل النظام الجزائري تقوم على فكرتين قويتين: الأولى، هي أن الهيمنة الغربية قد انتهت. والثانية، أنه من الممكن التفاوض على مكان صغير مع قوى تشترك في ثقافة سياسية سلطوية (الصين، روسيا) أو صلات تاريخية (جنوب إفريقيا). كانت الجزائر تبحث عن مكان منذ السبعينات ولكن دون نجاح حقيقي باستثناء بضع نقاط تم تسجيلها في السياسة الخارجية ولا سيما في إفريقيا. ولكن بعد ذلك، ماذا عن “الشراكة الاستثنائية” مع فرنسا؟ وينسحب الجزائريون إلى شعور الهزيمة الذي عبّرت عنه باريس، التي شهدت تلاشي أحلامها بعلاقة ثنائية قوية بسبب الأزمات. في عهد بومدين (رئيس الجزائر من 1965 إلى 1978)، دافعت الجزائر عن التعددية، كما يتذكر دبلوماسي سابق. لكننا لم نقطع قط مع أحد، لا مع الفرنسيين ولا مع الأمريكيين، تنقل الصحيفة عن الباحث الجزائري.
والتصور بأن الجزائر “تنفصل” عن أوروبا ليس سوى انطباع مرتبط بحدة الأزمات بين باريس والجزائر وتكرارها. الحماس الذي أعقب زيارة إيمانويل ماكرون للجزائر في أغسطس 2022 أفسح المجال لكساد عميق في شتى المجالات، في ظل قطيعة يغذيها في فرنسا اليمين واليمين المتطرف، وفي الجزائر من قبل التيارات الشعبوية القومية. مؤخراً، طالب سياسيون فرنسيون بمراجعة اتفاقية 1968 (التي توفر مزايا للجزائريين الراغبين في الاستقرار في فرنسا). بينما قررت الجزائر تعديل شروط عزف النشيد الوطني، بإعادة مقطع “معاد” لفرنسا.
لكنّ دبلوماسيا جزائريا سابقا قال “لوفيغارو” إنه على عكس الأزمة بين المغرب والجزائر، فإن الأزمة الهيكلية، ومهما كانت التوترات بين فرنسا والجزائر، فهي دورية. فالجزائريون يريدون أن يُظهروا أنهم ليسوا مضطرين للإسراع، ولا أن تملى عليهم سياستهم. سينتهي المطاف بتبون عاجلاً أم آجلاً بالذهاب إلى باريس، التي ستظل وجهة أساسية حتى إشعار آخر، ولكن وفقا للساعة الداخلية الجزائرية، بحسب الصحافي الجزائري سالف الذكر، مضيفا أن الغيوم الحالية سوف تفسح المجال للشمس في الوقت المناسب. فحتى لو كان المكان المميز لفرنسا مهددا بشكل واضح لصالح دول أوروبية أخرى، مثل إيطاليا على سبيل المثال، فإن باريس والجزائر ستستمران في تعاونهما لفترة طويلة جدا، وفق الصحافي سابق الذكر.