مأمون الشناوي يكتب :مسافرون

profile
مأمون الشناوي كاتب وشاعر
  • clock 26 يونيو 2021, 8:32:07 م
  • eye 726
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نحن جميعاً مسافرون !!. 

لانسافر عبر المكان فقط ، ولكن عبر الزمان أيضاً !!. 

نبدأ هذا السفر منذ لحظة مولدنا وينتهي بنا عند إيداعنا القبر ، وعودة الأحبة ، وسمع وقع أقدامهم تضرب الأرض فتثير الغبار علي وجهنا المُسجَي !!. 

مسافرون عبر الزمان ، نعم !!. 

نمشي علي طريق قد يبتدئ حريريّاً ناعماً مُعبداً أملساً مثل خدود حبيبتي ، نسير عليه ونحن نشدو ونطرب ، وننتشي فرحين بالربيع علي جانبيّه ، والعصافير ترفرف فوقنا والحمامات البيض !!.

ثم فجأة قد يبدو لك مطب سخيف يجبرك أن تُهدئ من سرعتك ، وتتأمل هذا المطب وتدير في رأسك طريقة عبوره ، قد يحتاج أن تلتف حوّله لكي لا تخسر كثيراً بالتصادم معه !!.

ثم يُعيد الطريق إنبساطه أمامك ، وتحلو في عينيّك الرحلة ، وإذا بكوبري يمتد أمام ناظريّك ، فتصعده ، ما أحلي الصعود دوماً إلى العُلا ، قد يكون ذاك الصعود ترقية في عمل ، أو نجاح لابنك أو تفوق لابنتك ، أو ديّن سددته ، أو رزق أتاك من حيث لاتحتسب !!.

لكن الكوبري لايدوم ، فتشدك الجاذبية وترغمك علي الهبوط ، فتنصاع هابطاً وروحك ترتعش وقلبك يكاد ينخلع !!.

لكن الطريق لاينتهي مادام العمر ممتداً أمامك ، قد يعبر فجأة كلب فتدهسه وتمضي ، لا تتوقف لدهس الكلب لكنك تتشاءم من بؤس الطالع وتشعر بغصة في حلقك وتغيير مزاجك للأسوأ !!.

طوال الرحلة وأنت تتفرج علي مشاجرات ومشاحنات ومعارك ، ورجال يقتتلون علي توافه الدنيا وملذاتها ، ونسوة يستحممن علي شاطئ الطريق في دلال ، وأخريات يحملن الهَمَّ طشوتاً فوق رؤوسهن من نكد وغمّ !!.

لكنك تسير ، وتمضي في سفرك مُرغماً ، فطريق العمر مازال مفتوحاً أمامك !!.

هذا نفق بدا وعليّك أن  تجتازه ، يا إلهي ، هذا النفق مُظلم ، وأنا وحيد ليس معي إلا عزيمتي وإيماني وصبري ، قد يكون هذا النفق غرفة عمليات ، أو زنزانة في معتقل ، أو وقفة أمام قاضٍ أو وكيل نيابة يتحدد مصيرك علي ضوء كلماتك ، كما قد يكون هذا النفق مُظلماً كما ظننت ، أو به بصيص من ضوء خافت ، أو مُضاء بوهج شديد مثل غرفة العمليات لكنك لاتعي مايجري لك ، فأنت بين يديّ الله والطب ، الطب يحاول والله يقرر ، ثم تنجو بفضل الله وتعبر النفق راضياً مرضياً ، فتتنفس الصعداء وتحمد الله !!.

وتعود السيّر علي طريق العمر عبر الزمان ، وقد يصحبك فيه مَن تحب ومَن تكره ، ومَن هو مفروض عليّك لاتحبه ولا تكرهه ، وقد يكون القدر قد خبأ لك غاليّاً ينتظرك قُبيّل الرحيل !!.

ثم تتوقف !!.

كيّف ، لا تسأل ،

متي ، لا شأن لك !!.

الطريق لم ينته ولن ينتهي ، لكنه انتهي بالنسبة لك أنت وحدك ، فتترك خلفك عالمك كله ، بما فيه ومَن فيه ، لتبدأ طريقاً آخر لانهاية له ، وليس فيه مطبات ولاكباري ولا أنفاق ، ولاكلاب !!.

التعليقات (0)