مؤرخ لبناني: ثورات الربيع العربي لم تؤد إلى تغيير حقيقي

profile
  • clock 30 يناير 2023, 1:39:56 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قال الكاتب والمؤرّخ اللبناني "فواز طرابلسي"، إن ثورات الربيع العربي لم تؤد إلى تغيير حقيقي، وإنما فقط إلى تغيير رئيس ونائبه.

ورأى في حديثه لبرنامج "المقابلة" على فضائية "الجزيرة" الأحد، أن ثورات الربيع العربي لم تؤد إلى تغيير حقيقي في الدول المعنية، فلم تسقط أنظمة، وكل ما جرى هو استبدال نواب رئيس برؤساء.

ونوه إلى كتابه "ثورات بلا ثوّار" والذي أوضح فيه أن الثورات كانت بدون ثوريين، وأن الانتفاضات الشعبية العربية كانت الأولى ضد العولمة "النيوليبرالية"، وأثرها على الطبقات الوسطى والشباب والطبقات الشعبية، وأن الشعارات التي رفعت خلالها (خبز وحرية وعدالة اجتماعية) كانت معبرة جدا وهي تشخيص للأسباب والمطالب.

وأضاف "طرابلسي": "لكن المفارقة الضخمة أن تلك المطالب لُخصت في انتفاضات سلطوية".

وأشار إلى الدور الأمريكي الواضح في الانتفاضات الشعبية العربية، وأن الهدف كان كيفية المحافظة على الأنظمة الحاكمة مع تغيير جزئي من خلال الاستعاضة عن الرئيس بنائبه، وهو ما حصل في البداية في مصر، وقال إن الجيش كان وراء التغيير كما حدث فعليا في اليمن.

وأوضح المؤرخ اللبناني أن تلك الإجراءات لم تحدث في سوريا لأن تغيير الرئيس بنائبه سيكون بمثابة تغيير في طبيعة السلطة، بالإضافة إلى أن النظام السوري قدم نفسه كأنه يقاتل ضد الإرهاب الدولي.

وقال إن الولايات المتحدة كان لديها برنامج للتغيير في سوريا، وإن النزاع السوري كان قد بدأ يستدرج التدخلات الخارجية، إيران ومليشياتها وروسيا وجيشها وتركيا، وأصبح الدور الأميركي العسكري يقتصر على حماية المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.

كما تحدث عن دور نخب اليسار في ثورات الربيع العربي، وقال إن الحالة الشعبية كانت فرصة لليسار لكي يستخدم ما لديه من جهاز نظري فكري وتجربة، وأن يجدد صلته بقواعده الاجتماعية؛ أي الصلة المنظمة بالناس.

وأكد أن كل القوى المنظمة غابت عن المشهد باستثناء الإسلاميين الذين كانوا لديهم قراءة لما يجري.

ولفت إلى أن الاحتجاجات الشعبية التي حصلت في لبنان عام 2019 لم تختلف عن ثورات الربيع العربي.

وأكد أن نظام السلطة السياسية في لبنان هو نظام سلطة أحزاب مسلحة، وهو نظام معقد، وأشكال الولاء فيه تُستدرج بالطائفة وبدونها، مؤكدا أن الطائفية لها عدة وظائف، منها التغطية على نظام من الفساد والإفساد "مافيوي"، وهو نظام قائم على إنتاج المصالح الاقتصادية من خلال القوة والجيش، متحدثا عن تكوين جديد للاقتصاد اللبناني نتج عن عهد إعادة الأعمار.

وقال إن النظام الطائفي في لبنان تعرض لهزات وانفجارات في أعوام 2011 و2015 و2019، وما وقع في السنة الأخيرة، وهو الأوسع، لم يكن مختلفا عمّا وقع في بلدان الربيع العربي.

وشهد لبنان في 2019، تظاهرات احتجاجية حاشدة، تطالب برحيل رموز النظام ومحاسبة الفاسدين، واستعادة الأموال المنهوبة، رافعة شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".

وتوجد ثلاث رئاسات في لبنان، هي رئاسة الجمهورية ويتولاها مسيحي ماروني، ورئاسة الحكومة ويتولاها مسلم سُني، ورئاسة مجلس النواب (البرلمان) ويتولاها مسلم شيعي، وهو ما يعتبره منتقدون ترسيخًا للطائفية.

ومنذ صيف العام 2019، خسرت الليرة أكثر من 95% من قيمتها أمام الدولار، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً عند 1507 ليرات.

ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.

وتُعتبر الأزمة الاقتصادية المتمادية الأسوأ في تاريخ لبنان. وعلى مدى ثلاث سنوات، بات أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.

ولم تنجح السلطات بعد في تنفيذ إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزف الحاصل. وأعلن الصندوق في أبريل/نيسان توصله إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة 3 مليارات دولار على 4 سنوات، لكن تطبيقها مرتبط أيضاً بالتزام السلطات تنفيذ إصلاحات مسبقة، بينها توحيد أسعار الصرف.

ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءاً، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق "ميشال عون" في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة، آخرها اليوم، في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة، خصوصاً أن أي فريق سياسي لا يملك أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشح.

ويؤشر فشل البرلمان في انتخاب رئيس حتى الآن إلى أن العملية الانتخابية قد تستغرق وقتاً طويلاً وتطول أشهراً عدة، في بلد نادراً ما تُحترم المهل الدستورية فيه.

التعليقات (0)