- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
مئة عام على معاهدة لوزان بين تركيا و"الحلفاء".. هل انتهت؟
مئة عام على معاهدة لوزان بين تركيا و"الحلفاء".. هل انتهت؟
- 25 يوليو 2023, 3:50:20 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مرت 100 عام على توقيع معاهدة لوزان بين ممثلي تركيا ودول الحلفاء من بينها بريطانيا وفرنسا، في سويسرا، والتي غيرت معالم الشرق الأوسط، ولا تزال سارية، رغم الأساطير التي قيل بشأنها.
وبعد مفاوضات استمرت لثمانية أشهر، وقعت معاهدة لوزان في 24 تموز/ يوليو 1923، وفرضت تسوية نهائية بين الأتراك ودول الحلفاء التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى والتي ساهمت في القضاء على الإمبراطورية العثمانية، وتأسيس تركيا الحديثة.
وبدأت المرحلة الأولى من المعاهدة في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1922، وتعثرت مرات عدة، وفي 4 شباط/ نوفمبر 1923رفض الوفد التركي برئاسة عصمت إينونو التوقيع، وغادر اللورد كرزون رئيس الوفد البريطاني لوزان، وبدا وكأن المفاوضات انهارت، واستؤنفت في 23 نيسان/ أبريل 1923، بعد الانقطاع لأسباب عدة منها مشكلة المضائق والتعويضات والموصل وكركوك وديون الدولة العثمانية.
وفي النهاية أبرمت معاهدة لوزانَ في 24 تموز/ يوليو 1923، كمعاهدة سلام، وبمقتضاها ألغيت معاهدة سيفر لعام 1920، والتي أجبرت الدولة العثمانية على توقيعها بوصفها إحدى الدول الخاسرة في الحرب العالمية الأولى.
وكانت معاهدة سيفر التي وقعت في 10 أب/ أغسطس 1920، مجحفة بحق الشعب التركي وللدولة العثمانية، فقد اقتطعت مناطق واسعة يقطنها أتراك من تركيا، واعترفت باحتلال مناطق أخرى في الأناضول جرى الاستيلاء عليها أواخر الحرب العالمية الأولى.
وتضمنت معاهدة سيفر 433 بندا، وجرى بموجبها تقاسم أراضي الدولة العثمانية، واعتمدت في مبدئها الأساسي على تقسيمات "سيايكس بيكو"، وفق مناطق نفوذ فرنسي وبريطاني وإيطالي ويوناني، مع منطفة حكم ذاتي مستقل للأكراد، ووطن قومي لليهود في فلسطين.
وكانت تركيا الحالية، مقسمة إلى أربع مناطق، إسطنبول والمضائق مع بريطانيا، وإزمير وما حولها مع اليونان، وسيطرت إيطاليا على الساحل الجنوبي وجنوب غربي الأناضول، وفرنسان في قيليقيا جنوب شرق الأناضول. كما أنه بموجب سيفر، تقرر إنشاء دولة جديدة وهي أرمينيا شرق الأناضول والتي تضم ولايات فان وقارص وأرضروم وطرابزون، وإقليم كردي في الجنوب الشرقي من الأناضول، كما أن الامبراطورية العثمانية ألزمت على الاحتفاظ بأسطول بحري وجيشين صغيرين من دون سلاح ثقيل وطيران وسفن حربية، ووضعت ميزانيتها المالية تحت إشراف هيئة من الدول الحلفاء.
ورفضت الحركة التركية الوطنية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، المعاهدة، واجتمع ممثلون عنها في أنقرة فيما اسمه "الجمعية الوطنية العليا" في 1920، وصوتوا على رفضها، وهكذا تشكلت سلطتان متنازعتان، واحدة برئاسة آخر سلاطين الدولة العثمانية محمد السادس، في إسطنبول، وأخرى في أنقرة استأنفت القتال ضد الحلفاء وتمكنوا من استعادة العديد من الأراضي من الفرنسيين واليونانيين.
واشتملت معاهدة لوزان على 143 مادة تم تقسيمها إلى عدة أقسام رئيسية، منها المضائق التركية، والتي تم تعديلها بعد ذلك من خلال معاهدة مونترو عام 1936، وإلغاء التعهدات بشكل تبادلي، وكذلك تبادل السكان بين اليونان وتركيا، فضلا عن الاتفاقيات المشتركة الموقعة بين الطرفين، وغيرها.
ونصت بنود المعاهدة على استقلال تركيا وتحديد حدودها، كما نصت كذلك على حماية الأقليات المسيحية اليونانية الأرثوذكسية في تركيا، وكذلك حماية الأقليات المسلمة في اليونان.
ما أهم النتائج التي نجمت عنها اتفاقية لوزان؟
مع توقيع معاهدة لوزان، فإن معاهدة سيفر التي كانت موادها مجحفة للغاية بالمسبة للإمبراطورية العثمانية، أصبحت باطلة.
كما أنه تم إنهاء الخلافات بين كافة الأطراف، وتم تحديد حدود الجمهورية التركية الحديثة والتي تخلت عن كافة حقوقها المتبقية من الإمبراطورية العثمانية.
وفقا للاتفاق الذي تم التوصل إليه في نهاية المفاوضات، تم قبول الحدود السورية على النحو المحدد في معاهدة أنقرة الموقعة في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 1921. كما تقرر أن يتم تحديد الحدود العراقية في المستقبل من خلال اجتماع بين المملكة المتحدة والجمعية الوطنية التركية الكبرى.
وبينما تم قبول الحدود اليونانية، بموجب معاهدة مودانيا والتي بموجبها يتم انسحاب القوات اليونانية من تراقيا الشرقية حتى ماريتسا وكذلك الانسحاب من أدرنة، فإن اليونان تنازلت عن منطقة كارا أغاتش لصالح تركيا كتعويض عن الحرب.
وبقيت الحدود السوفييتية كما تم تحديدها باتفاقيات غيمري وموسكو وقارس وتم التراجع عن اقامة دولة أرمنية شرق الأناضول.
وبينما تم إلغاء امتيازات تركيا المالية والسياسية في الدول العربية، في مصر والسودان وليبيا، وكذلك قبرص وتراقيا الغربية، تركت جزيرتي بوزجادا جوكجيدا إلى تركيا، فيما أعطيت الجزر الأخرى هناك إلى اليونان
وفقا للمعاهدة، تم تسجيل امتثال المدارس الأجنبية داخل حدود الدولة التركية للقوانين التركية وتنظيم التعليم المدرسي يخضع للدولة التركية.
وتمت الموافقة عل بقاء بطريركية فينير اليونانية في تركيا بشرط عدم إقامة علاقات مع الكنائس الأجنبية ، وتم إلغاء الامتيازات الممنوحة للأقليات، وقبول جميع الأقليات كمواطنين أتراك، وقرر تبادل اليونانيين المقيمين في الأناضول مع الأتراك المقيمين في اليونان.
الاتفاقية أفقدت حق تركيا في الجزر الـ12 في بحر إيجه، والتي سلمتها إيطاليا إلى اليونان بعد الحرب العالمية الثانية.
وجرى تحديد الحدود الإيرانية على أساس معاهدة شيرين (زهاب)، أما الحدود مع بلغاريا فتم تحديدها بموجب معاهدة إسطنبول لعام 1913.
وبالنسبة لولاية هطاي، فقد انضمت إلى تركيا نتيجة استفتاء أجراه سكان المنطقة في العام 1939.
وبسبب عدم التوصل إلى توافق بشأن الموصل، تفاوضت المملكة المتحدة وتركيا لاحقا فيما بينهما، لكن تركيا تخلت عن مطالبها في الموصل باتفاقية الحدود وحسن الجوار الموقعة بين تركيا وإنجلترا والعراق في عام 1926.
وفي نطاق معاهدة لوزان، فقد الغيت كافة الامتيازات التي منحتها الامبراطورية العثمانية إلى دول أجنبية، وبالتالي أصبح إلزاميا على كافة المؤسسات التجارية العاملة في الجمهورية التركية الامتثال لقوانين الجمهورية.
وبالنسبة للمضائق، فإن السفن والطائرات غير العسكرية يمكن أن تمر عبر مضيق البوسفور في وقت السلم. ومع ذلك؛ قرر نزع السلاح من جانبي المضيق وتشكيل هيئة دولية برئاسة تركية لضمان المرور، وتم أخذ هذه المادة أيضا تحت ضمان جمعية الأمم. وفي هذه الحالة؛ منع الجنود الأتراك أيضا من دخول مضيق البوسفور، ولكن تم تغيير هذا البند باتفاقية ''مونترو'' الموقعة في عام 1936.
ومنحت معاهدة "مونترو" تركيا الحق الكامل بالسيطرة على المضائق وضمانات المرور للسفن المدنية في وقت السلم، وقيد مرور السفن البحرية التي لا تنتمي إلى دول البحر الأسود، حيث أعطت المادة 21 لتركيا الحق في إغلاق الممرات البحرية في حالة الحرب أو الأخطار المتوقعة.
هل تنازلت تركيا عن الموصل؟
المؤرخة التركية سيفتاب ديميرجي، ذكرت أن الموصل كانت مسألة حساسة بالنسبة لتركيا وهي جزء من "الميثاق الوطني"، كما ان بريطانيا متمسكة بها بسبب نفطها.
وأشارت إلى أن الوفد التركي طالب من اللورد كرزون، بالتوصل إلى توافق بشأن إجراء استفتاء، لكن الممثل البريطاني رفض لك لأنه يدرك بأنها القبائل هناك تريد تركيا، وكان القرار الصادر عن عصبة الأمم المتحدة عام 1926حول الموصل خسارة لتركيا، لافتة إلى أن تركيا كانت تخطط عام 1925 لاستعادة الموصل، لكن التمرد في جنوب شرق البلاد حال دون ذلك.
مزاعم غير صحيحة بشأن اتفاقية لوزان
كانت هناك لاعديد من المزاعم المتعلقة بشأن معاهدة لوزان، أبرزها، أنها تنتهي بعد 100 عام من توقيعها أي في العام 2023، وأنها تحتوي على مواد سرية.
البروفيسور التركي شاغري أرهان، ذكر أن هناك خطأ شائع بأن مدة المعادة 100 عام، وهذا غير صحيح، مشيرا أيضا إلى أنه لا يوجد بنود سرية في المعاهدة، وإن كان الأمر كذلك لظهرت أمامنا حاليا.
أما الشائعة الأخرى، فهي تتعلق بأن الكونغرس الأمريكي رفض المصادقة على معاهدة لوزان، وهذا غير صحيح بحسب الخبير التركي، الذي أشار إلى أن الولايات المتحدة لم تكن طرفا بالاتفاقية لا في لوزان أو في سيفر، وهي تعترف بحدود تركيا.
ونوه إلى أنه هناك اتفاقية أخرى في لوزان تم رفضها ليس لها علاقة بالمعاهدة، كانت تهدف لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والولايات المتحدة.
كما أن الاتفاقية لا تتضمن أي إشارة بشأن حق تركيا في التنقيب عن النفط والموارد الطبيعية، في اتفاقية لوزان وان هناك مواد سرية تتعلق بالمناجم فيها، وهي إشاعة تقع ضمن إطار "نظرية المؤامرة"، غير مثبتة.
ومن الشائعات غير الصحيحة، بشأن معاهدة لوزان، أنه إذا أصبحت الموصل وكركوك تحت سيادة دولة غير العراق بأي شكل من الأشكال، فإن لتركيا الحق في ضمهما مباشرة.