- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
ماذا بعد موافقة الاتحاد الأوروبي على حظر النفط الروسي؟
ماذا بعد موافقة الاتحاد الأوروبي على حظر النفط الروسي؟
- 4 يونيو 2022, 4:16:00 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يُظهر الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الروسية أن الاتحاد قرر الذهاب إلى أبعد مدى فيما يتعلق بالضغوط على موسكو وسط الحرب المستمرة في أوكرانيا، حيث يخاطر الحظر بإعاقة النمو الاقتصادي في دول الاتحاد الأوروبي لشهور قادمة.
وفي 30 مايو/أيار، وافق زعماء الاتحاد الأوروبي على حزمة سادسة من العقوبات ضد روسيا تشمل حظر وصول معظم النفط الروسي إلى دول الاتحاد.
وتشمل العقوبات النفط الخام والمنتجات البترولية التي تدخل الاتحاد الأوروبي عن طريق البحر، لكنها تستثني النفط الخام الذي يتم تسليمه عبر خطوط الأنابيب. وبينما ستعلن بروكسل تفاصيل العقوبات في الأيام المقبلة، قال مسؤولون إن الحظر النفطي سيغطي ما يقرب من 70% من واردات النفط الروسية في المدى القريب ونحو 90% بحلول نهاية العام.
وتمنع العقوبات كذلك شركات الاتحاد الأوروبي من تقديم خدمات التأمين للناقلات الروسية، وهو ما يهدف إلى تقويض صادرات النفط الروسية إلى دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي، حيث تعد شركات الاتحاد الأوروبي اللاعب الرئيسي في قطاع التأمين على الناقلات.
وقررت حكومات الاتحاد الأوروبي أيضا طرد "سبير بنك"، أكبر بنك في روسيا، من نظام "سويفت" الدولي وتوسيع القائمة السوداء للأفراد الروس المتورطين في جرائم حرب مزعومة في أوكرانيا.
ويوجد مقر معظم شركات تأمين الشحن في أوروبا لذلك فإن حظر تقديم خدمات التأمين للناقلات الروسية قد يكون له تأثير أكبر على صادرات النفط الروسية من الحظر النفطي نفسه حيث سيقوض ذلك قدرة روسيا على بيع النفط إلى الصين والهند ودول أخرى لم تفرض حظرا على النفط.
ويشير الجدل المطول حول الحظر النفطي إلى أن الاتحاد الأوروبي سيكافح لفرض عقوبات إضافية على روسيا مع زيادة التأثير الاقتصادي على الدول الأعضاء. واقترحت المفوضية الأوروبية في البداية حظر النفط في 4 مايو/أيار، لكن المجر اعترضت على ذلك بسبب اعتماد الدولة شبه الكامل على النفط الروسي.
ويعد إعلان 30 مايو/أيار انتصارا سياسيا للاتحاد الأوروبي لأنه سمح بإرسال رسالة موحدة، لكنه أيضا انتصار سياسي واقتصادي للمجر لأن بودابست مُنحت استثناء "مؤقتا" من الحظر. ومن الناحية النظرية ينتهي الإعفاء بمجرد تطوير كرواتيا للبنية التحتية اللازمة لتزويد المجر بالنفط ولكن لم يتم الإعلان عن جدول زمني رسمي.
وتم منح سلوفاكيا وبلغاريا وجمهورية التشيك وقتا أطول من بقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتنفيذ الحظر بسبب اعتمادها الكبير على النفط الروسي ومحدودية البنية التحتية لاستيراد النفط من مصادر أخرى.
ويشير هذا إلى أن فرض عقوبات أوروبية على الغاز الطبيعي الروسي ستظل بعيدة المنال نظرا للتأثير الاقتصادي الكبير الذي قد تتركه مثل هذه الإجراءات على معظم دول وسط وشرق أوروبا، إلا إذا اضطر الاتحاد إلى اتخاذ هذا القرار مع حدوث تصعيد كبير في أوكرانيا مثل استخدام الأسلحة النووية التكتيكية.
وحتى لو اقترحت المفوضية الأوروبية في نهاية المطاف حظر الغاز الطبيعي الروسي، فقد شكلت المجر سابقة للبلدان للمطالبة بإعفاءات، مما سيحد من نطاق الحظر. وفي حين أعلنت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل ليتوانيا استقلالها التام عن الغاز الطبيعي الروسي، فإن دولا أخرى (بما في ذلك دول أكبر مثل ألمانيا وإيطاليا) لا تزال تعتمد بشدة عليه.
ويعني ذلك أن برلين وروما ستستمران في البحث عن موردي غاز طبيعي بديلين في الأسابيع والأشهر المقبلة، لكن من غير المرجح أن يدعما فرض حظر على الغاز الطبيعي الروسي على المدى القصير إلى المتوسط.
وأدى قرار روسيا قطع إمدادات الغاز الطبيعي عن دول الاتحاد الأوروبي والشركات الخاصة التي ترفض اعتماد نظام صممه الكرملين لتسديد المدفوعات بالروبل إلى حدوث انقسامات بين دول الاتحاد الأوروبي.
وامتثلت شركات الطاقة في بعض البلدان، مثل ألمانيا وإيطاليا، لنظام الدفع بالروبل، بينما تواجه الشركات في بلدان أخرى، مثل بولندا وبلغاريا وفنلندا وهولندا والدنمارك، تراجع في الإمداد بسبب قرارها عدم الامتثال. في غضون ذلك، أرسلت المفوضية الأوروبية إشارات متضاربة حول ما إذا كان النظام يتماشى مع عقوبات الاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤولو الاتحاد الأوروبي إنه في حالة فشل المجر أو أي دولة عضو أخرى في تنفيذ الحظر المفروض على النفط الروسي، ستسعى المفوضية الأوروبية إلى فرض زيادات جمركية على النفط الروسي، ما سيجعله أقل قدرة على المنافسة ويقلل الصادرات إلى أوروبا.
وبسبب العقوبات المفروضة على النفط، من المرجح أن تواجه الأسر والشركات في معظم الدول الأوروبية ارتفاعا في أسعار الطاقة، ما يؤدي إلى زيادة تكلفة المعيشة في أوروبا وبالتالي زيادة مخاطر الاضطرابات الاجتماعية.
وبينما كانت أسعار الطاقة في ارتفاع منذ أواخر عام 2021، أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ضخ قدر أكبر من عدم اليقين في أسواق الطاقة والغذاء العالمية من خلال خلق المزيد من الاضطرابات في سلسلة التوريد.
وقد يؤدي الحظر الجديد الذي فرضه الاتحاد الأوروبي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، على الأقل مؤقتا، ما يعني أنه حتى إذا وجدت الدول الأوروبية موردين بديلين، فإن تكاليف الطاقة للأسر والشركات في الاتحاد الأوروبي ستظل مرتفعة.
وفي الواقع، بعد يوم من إعلان الحظر النفطي، أعلن "يوروستات" أن التضخم في منطقة اليورو وصل إلى مستوى قياسي بلغ 8.1% في مايو/أيار، مرتفعا من 7.4% في أبريل/نيسان. و قال مكتب الإحصاء الأوروبي إن التضخم مدفوع بارتفاع أسعار الطاقة وفي المرتبة الثانية ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
واعتمدت معظم دول الاتحاد الأوروبي تدابير متعددة للتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء على الأسر، لكن هذه الإجراءات جاءت على حساب زيادة الإنفاق المالي. وفي حالة قيام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة خلال الربع الثالث، ستجد الحكومات أن الاقتراض لتغطية نفقاتها العامة أصبح أكثر تكلفة.
ومن المرجح أن تُبقي معظم الحكومات الإنفاق العام مرتفعا لتقليل مخاطر حدوث اضطرابات اجتماعية ولكن ذلك لن يلغيها تماما. وسوف تعرضهم هذه السياسة لأزمات الديون في المستقبل، خاصة إذا استمرت تكاليف الاقتراض في التصاعد.
وأدى إعلان الحظر النفطي، إلى جانب إعلان السلطات الصينية أنها ستبدأ في تخفيف قيود "كوفيد-19" في بكين وشنجهاي، إلى ارتفاع سعر خام برنت فوق 120 دولارا للبرميل في 30 مايو/أيار للمرة الأولى منذ أواخر مارس/آذار.
وسيعزز معدل التضخم المرتفع في منطقة اليورو قرار البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة في يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول للمرة الأولى منذ أكثر من عقد. ومع ذلك، فإن المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي منقسم داخليا حول الكيفية التي يجب أن تكون عليها عمليات رفع أسعار الفائدة.
وقال بعض أعضاء مجلس الإدارة إن زيادة بمقدار نصف نقطة قد تكون ضرورية، تماشيا مع الخطوة الأخيرة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. لكن آخرين دافعوا عن زيادات أقل بمقدار ربع نقطة، بحجة أن الارتفاع المفاجئ في أسعار الفائدة من شأنه أن يخلق تقلبا كبيرا في أسواق الديون.
وقد تلجأ بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى زيادة الضرائب لتعزيز إيرادات الدولة وبالتالي تجنب زيادة الاقتراض. لكن ذلك سيؤدي إلى تدهور بيئة الأعمال في تلك الدول وربما يثبط استثمارات القطاع الخاص.
وفي الأسابيع الأخيرة، فرضت دول في الاتحاد الأوروبي مثل إيطاليا والمجر، وكذلك دول خارج الاتحاد الأوروبي مثل المملكة المتحدة، ضرائب غير متوقعة على شركات الطاقة الكبيرة من أجل تمويل بعض تدابير الإغاثة وسط الأزمات.
وحتى الآن، لم تشهد أوروبا أي موجات كبيرة من الاضطرابات الاجتماعية المرتبطة بالارتفاع الأخير في تكاليف المعيشة، ويرجع ذلك في الغالب إلى تدابير التخفيف التي فرضتها الحكومات الوطنية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي.
ولكن مع مواجهة منطقة اليورو الآن مستويات غير مسبوقة من التضخم، فإن فرصة الاحتجاجات وعدم الاستقرار السياسي ستزيد كلما طال ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية في الدول الأوروبية.
المصدر | ستراتفور