- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
ماهر شاويش يكتب: ضربة قوية للوبي الإسرائيلي.. كيف خسرت شركة نقل إسرائيلية صفقة بقيمة مليار يورو في هولندا؟
ماهر شاويش يكتب: ضربة قوية للوبي الإسرائيلي.. كيف خسرت شركة نقل إسرائيلية صفقة بقيمة مليار يورو في هولندا؟
- 11 يوليو 2023, 4:36:20 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بدأت القصة عندما عنون منتدى الحقوق في هولندا The Rights Forum أحد تقاريره قبل أسابيع قليلة بالعبارة الآتية: "مقاطعة جنوب هولندا تلقي بحقوق الإنسان تحت الحافلة".
وأضاف في ذات التقرير: مطلوب من الحكومات استبعاد الشركات المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان من العقود الحكومية. ومع ذلك، سمحت مقاطعة جنوب هولندا لشركة الحافلات EBS بتقديم عطاءات. ومن وجهة نظر منتدى الحقوق أن هذا تصرف غير مسؤول وغير مقبول.
وفي التفاصيل ناشد منتدى الحقوق، بشكل عاجل، مقاطعة جنوب هولندا؛ لاستبعاد EBS من مناقصة النقل بالحافلات في منطقة جنوب هولندا، وفي رسالة إلى السلطة التنفيذية الإقليمية، يشير The Rights Forum إلى أن EBS متورطة بشكل وثيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من خلال شركتها الأم الإسرائيلية. على هذا الأساس، كان يجب على المقاطعة استبعاد EBS من العطاء. وكتب منتدى الحقوق: "إنه أمر غير مسؤول وغير مقبول أن يتخلى الإقليم عن التزامه بحماية حقوق الإنسان".
فقد تم الإعلان في الشهر الماضي عن أن EBS هي واحدة من 4 شركات حافلات وقعت لتوفير النقل بالحافلات في جنوب هولندا، اعتباراً من نهاية هذا العام. وتضم هذه المنطقة 18 بلدية، ومن المتوقع أن تقرر المقاطعة أياً من الأربعة سيفوز بالعقد.
ماذا عن الشركة؟
Egged Bus Sytems – EBS وتعتبر الفرع الهولندي لشركة Egged الإسرائيلية، وهي شركة حافلات متعددة الجنسيات تعمل في "إسرائيل" وهولندا وبولندا. وتتمتع الشركة بسمعة سيئة بسبب أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديداً القدس الشرقية والضفة الغربية. ولديها شبكة من خدمات الحافلات التي تربط "إسرائيل" بالمستعمرات الإسرائيلية غير القانونية (المستوطنات) في تلك المنطقة.
شركة حافلات EBSالإسرائيلية
وفي دور مزدوج، تعتبر Egged حلقة وصل أساسية في النظام الإسرائيلي للاحتلال والاستيطان غير القانونيين، ويصاحب هذا النظام انتهاكات هيكلية للحقوق (الإنسانية) لملايين الفلسطينيين، فضلاً عن جرائم الحرب (بما في ذلك الاستيطان والجرائم ضد الإنسانية وكذلك الفصل العنصري).
ولقد تمت دعوة شركة "إيغد" مرات عديدة على مر السنين لاحترام حقوق الإنسان ووقف أنشطتها في المستوطنات. لكنها تجاهلت كل تلك الدعوات. وفي بداية عام 2020، دفع هذا الممثل السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى إدراج الشركة في قاعدة البيانات (القائمة السوداء) للشركات التي تشارك بنشاط في استيطان الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كيف تحركت مؤسسات المجتمع المدني ضدها؟
بناء على ما سبق قامت BDS Netherlands بحملة ضد EBS، لأن الشركة الأم Egged تعمل أيضاً في "إسرائيل" والأراضي المحتلة، بل إنها تقدم حافلات النقل المحظورة على الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية. كما تحتفظ الشركة بخطوط حافلات من وإلى المستوطنات، وتوفر المواصلات لعمال السجون الإسرائيليين.
وقد استفادت حركة المقاطعة في حملتها هذه من السياسة الهولندية التي لا توفر في مجال حقوق الإنسان والمسؤولية الاجتماعية للشركات والمشتريات للحكومات مجالاً على الإطلاق للعمل مع شركات مثل Egged / EBS.
كونها تنتهك التعاون مع مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان (UNGPs)، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ من تلك السياسة. ويعتبر التزام الدول وهيئاتها بحماية حقوق الإنسان، ومسؤولية الشركات عن احترام حقوق الإنسان، هي عناصر أساسية في المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة.
وتؤكد جميع وثائق السياسة ذات الصلة على أهمية المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، باعتبارها معياراً للحكومات والشركات، وجزءاً مما يُسمى إرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تغطي موضوعات مثل البيئة والفساد، بالإضافة إلى حقوق الإنسان. ومن المهم أيضاً في هذا السياق أن مقاطعة جنوب هولندا قد ألزمت نفسها ببيان التكليف والمشتريات المسؤول اجتماعياً.
وكذلك حددت الحكومة الهولندية – المركزية واللامركزية على حد سواء – لنفسها بشكل قاطع "دوراً مثالياً" في الامتثال لإرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة. وتصادق عليها جميع الشركات الهولندية وتتصرف وفقاً لذلك. وبالنسبة لكل من الحكومات والشركات، لا يعني هذا فقط أنه يجب عليهم احترام حقوق الإنسان بأنفسهم، ولكن أيضاً يجب عليهم ضمان خلو سلاسل الإنتاج والتجارة وغيرها من السلاسل التي هم جزء منها من الانتهاكات.
ولتحقيق هذه الغاية ينبغي عليهم إجراء جرد واسع لجميع مجالات وأنشطة وعلاقات العمل لتحديد الأماكن التي يكون فيها احتمال حدوث انتهاكات حقوق الإنسان أكبر وأهم، ويجب أن يكونوا مستعدين للخضوع للمساءلة العامة عن هذا الجرد، والتدابير التي يتخذونها نتيجة لذلك.
وأيضاً الحكومات الهولندية، بدورها، ملزمة باختبار الشركات التي تريد أن يتم أخذ عقودها العامة بعين الاعتبار لضمان احترامها لحقوق الإنسان، إذا لزم الأمر، ويجب عليهم الإصرار والمساعدة في إعداد وتنفيذ خطة التحسين. وبالنسبة للشركات التي تشارك في أنشطة في "مناطق النزاع" من خلال الروابط التجارية، "ينبغي إيلاء اهتمام خاص لمخاطر حقوق الإنسان"، ويجب وضع تحليل للمخاطر وخطة عمل "في أقرب مرحلة ممكنة".
وكجزء من Egged، تعتبر EBS مثالاً نموذجياً لمثل هذه الشركة. إذا رفضت شركة ما تنفيذ التحسينات، فلا يوجد خيار آخر سوى استبعاد العقود، وهذا هو مضمون القواعد العامة للأمم المتحدة.
وغني عن البيان أن الحكومات تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه المواطنين في هذا السياق. ومن واجبهم حماية المواطنين، وهم في هذه الحالة ركاب وسائل النقل العام، من التعرض للشركات المتورطة في الانتهاكات. وفي حالة عملهم مع شركة متورطة، فلن يتورطوا في الانتهاكات بأنفسهم فحسب، بل سيشملون أيضاً المسافر. وفي هذه الحالة، يساهم المسافرون غالباً دون أن يدركوا في الأنشطة المخالفة للشركة، وبذلك تفشل الحكومات في الوفاء بواجبها في توفير وسائل نقل عام جيدة لجميع مواطنيها.
خلاصة الجهود
وضمن كل ما سبق طرحه من معطيات، ونتيجة لهذه الحملة، وبضغط من حركة المقاطعة BDS في هولندا التي نجحت في جمع آلاف التواقيع الاعتراضية خلال الأسابيع الستة الفائتة، صاحبها وقفات توعية وتوزيع منشورات أمام المحطات المركزية. وكذا الجهد الذي بذله منتدى الحقوق في هولندا إعلامياً وحقوقياً في تسليط الضوء على القضية، ومواكبة التطورات والمستجدات المتعلقة بها خسرت شركة الحافلات الإسرائيلية EBS مناقصة نقل الحافلات في منطقة جنوب هولندا، وبدلاً من EBS، اختارت المقاطعة شركة Qbuzz B.V التي حصلت على امتياز بقيمة مليار يورو لمدة 13 عاماً.
ويظهر جلياً، بناء على هذه النتيجة مرة أخرى، الحاجة إلى BDS كحركة مقاطعة نشطة في هذا المجال، وإلى تضافر الجهود مع مؤسسات المجتمع المدني مثل منتدى الحقوق وغيرها خلال معارك المواجهة مع اللوبي الإسرائيلي ومؤسساته في هولندا بشكل خاص، والقارة الأوروبية والعالم كله بشكل عام.