ما هي أسباب تأجيل التعديل الوزاري في حكومة اشتية؟

profile
  • clock 25 أغسطس 2021, 7:25:59 م
  • eye 734
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كشف موقع "شبكة قدس" الفلسطيني بحسب مصادر خاصة قالت للموقع أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA ناقش خلال زيارته للمقاطعة في رام الله في 12 أغسطس الجاري مسألة ما بعد الرئيس محمود عباس، وضرورة صياغة الترتيبات اللازمة لملئ الفراغ الذي قد يخلفه منعا للصراعات الداخلية التي قد تستغلها قوى المعارضة الفلسطينية.


وأوضحت المصادر أن الأمريكيين اقترحوا على الرئيس عباس استحداث منصب نائب الرئيس لضمان مستقبل السلطة بعد غيابه، واختيار شخصية مقبولة إسرائيليا وأمريكيا، وطلبوا كذلك معالجة الانشقاقات داخل حركة فتح خاصة قضية محمد دحلان.

التعديل الوزاري غير مقنع

وأشارت المصادر إلى أن الطرح الأمريكي في ما يتعلق بالحكومة الفلسطينية الحالية هو تشكيل حكومة تكنوقراط مقبولة على حركة حماس، تكون قادرة على إدارة شأن قطاع غزة بما يسهل عملية إعادة الإعمار والترتيبات المالية للمساعدات الدولية أو العربية.

وبحسب المصادر، فإن التعديل الوزاري تأجل قبل عدة أسابيع وتحديدا في يوليو الماضي بطلب من المصريين، الذين طلبوا منحهم مزيدا من الوقت - برغبة أمريكية - من أجل إقناع الأطراف الفلسطينية كافة بتشكيل حكومة تكنوقراط، لكنهم فشلوا في مهمتهم آنذاك.

وتقول المصادر إن الأمريكيين يرون في سلام فياض الشخص المناسب لتولي منصب رئيس الوزراء، لكن ذلك يتعارض مع رؤية فتح خاصة بعد أن طلب فياض بأن يكون له صلاحيات واسعة في إدارة ملفي الأمن والمال.

وبحسب المصادر، فإن فكرة التعديل الوزاري لا تلقى استحسانا من الأمريكيين والأوروبيين وبعض الأطراف العربية كمصر، لأن مسألة إعادة إعمار قطاع غزة وعودة المساعدات بالنسبة لهم لا تتحقق إلا بحكومة لديها صلاحيات للعمل هناك ومتفق عليها مع حماس.


وكان رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح منير الجاغوب قد نشر في وقت سابق بأن التعديل الوزاري على حكومة محمد اشتية سيجري يوم الجمعة 20 أغسطس، لكنه عاد ونشر لاحقا أن التعديل قد تأجل إلى أجل غير مسمى دون أن يوضح طبيعة الأسباب.

ويوم أمس الثلاثاء أعلنت اللجنة المركزية لحركة فتح أن أمر التعديل الوزاري متروك للرئيس عباس، ولم توضح الأسباب التي تقف وراء التأجيل. فيما تشير مصادر قدس أن التعديل يلاقي أيضا معارضة داخلية في فتح حول الأسماء المستبدلة والتي يجري الحديث عن تعيينها، بالإضافة لخلافات على وزارة الداخلية وبقاء بعض الوزراء في مناصبهم مثل وزير الخارجية رياض المالكي.

ونفى رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح الجاغوب في حديث مع شبكة قدس أن يكون للأمريكيين دور في تأجيل التعديل الوزاري، وقال "نحن لسنا مقاطعة أمريكية، ولا نأخذ تعليمات من الأمريكيين، وهذا حديث عار عن الصحة".

وعلّق الجاغوب على إعلان اللجنة المركزية لحركة فتح بترك أمر التعديل للرئيس عباس بأن "هذا من صلاحياته أصلا، وهو من يحدد إن كان إجراء التعديل في هذه المرحلة مناسب أم لا، وهو من يقدر الموقف بدل أن يبدي كثيرون رأيهم في المسألة، ويقرر في أسماء الوزراء".

وبحسب الجاغوب، فإن التأجيل والتأخير أمر طبيعي، لأن هناك مناقشات في الموضوع.

خلافات داخل فتح تطفو على السطح

ويرى مراقبون تحدثوا لـ قدس أن الخلافات داخل حركة فتح شديدة الوضوح في هذا السياق، فمثلا خلال الحديث عن التعديل الوزاري شاركت وزير الصحة وعضو المجلس الثوري لحركة فتح مي كيلة منشورا على صفحتها في فيسبوك يهاجم الخطوة، وقد كُتب فيه: في كل الأمور يتشاطرون على النساء، الدكتورة مي كيلة من أنشط الوزراء، وعيب في كل تشكيل وزاري يتم تقليص مشاركة النساء، على أي حال التعديل الوزاري لم يكن سوى لعبة شطرنج".

أما عضو المجلس الثوري لحركة فتح أحمد كميل، فقد أكد لـ قدس في 29 يوليو الماضي أنه علق عضويته في المجلس الثوري للحركة؛ بسبب التعيينات الجديدة التي لا تنسجم مع مخرجات الدورة الأخيرة للمجلس. وأضاف: "باختصار لن أكون شاهد زور وما يجري حالياً مخالف لما تم اتخاذه من قرارات.. المجلس الثوري للحركة في دورته الأخيرة اتخذ قرارات بإجراء تغييرات شاملة في مختلف المؤسسات".

"التأجيل في الحالة الفلسطيني يعني الإلغاء"

ويرى المحلل السياسي هيثم دراغمة أن الحالة الفلسطينية تعودت على أن التأجيل يعني الإلغاء، وهذا ينطبق على مسألة التعديل الوزاري الذي أعلن عن تأجيله أكثر من مرة، مشيرا إلى وجود خلافات بالأساس داخل اللجنة المركزية حول الأسماء المستبدلة والتي يجري الحديث عن تعيينها.

واعتبر دراغمة أن السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح يتعلق بأداة القياس والاختيار لاستبدال وزير أو تركه في منصبه، وهذا مرتبط بالإنجازات التي حققها خلال وجوده في الوزارة، وبالتالي فإن ما يجري هو استبدال شخوص لا سياسات، لأن الأسماء يتم فرضها بعيدا عن الكفاءة وغيرها من المعايير.

وقال المحلل السياسي دراغمة في مقابلة مع شبكة قدس إن الأمور قد تتجه نحو تغيير حكومي كامل، لكن هذا لم يتأكد بعد، "ونحن ما زلنا نتخبط، وأخطأنا في الماضي، وهل كان الوزراء في حكومة اشتية هم الأفضل؟.. التعديل الحكومي لا يخضع لدينا لمعايير علمية وإنما لاعتبارات حزبية فقط، وبعض الأسماء أصبحت كأهرامات مصر".

ولم يستبعد دراغمة وجود دور دولي وإقليمي في تأجيل التعديل، قائلا إن فكرة التعديل أصلا جاءت بعد فوز جو بايدن في الانتخابات الأمريكية، ومطالبة الإدارة الجديدة للسلطة الفلسطينية بتشكيل حكومة فلسطينية قادرة على حل الأزمات خاصة الاقتصادية منها سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأضاف أن اعتبارات الإدارة الأمريكية تكمن في عدم وصول المواطن الفلسطيني لحالة من اليأس والإحباط حتى لا يكون لذلك انعكاسات أمنية وسياسية خاصة بسبب تردي الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وصعوبة وصول المساعدات الدولية لقطاع غزة، فكان التوجه الأمريكي هو تشكيل حكومة قادرة على إدارة هذه الأزمة.

وأكد أن "لا شك أن هناك تدخلات أمريكية وقد رأينا زيارات لمسؤولين أمريكيين لرام الله، وكذلك مسؤولين من دول أخرى عربية وأوروبية، ولربما من بين الطروحات التي قدمت هو تشكيل حكومة قادرة على إدارة الأزمات في الواقع الفلسطيني، ولكن السلطة يجب أن توضح لهؤلاء أن المشكلة بالأساس سياسية وليست اقتصادية، لأن عدم قدرة الفلسطيني على استخدام موارده والوصول إليها في مناطق ج وغيرها يعني أن الأزمة ستبقى قائمة".

"تأجيل التعديل يعكس صراعا داخليا"

ويرى الخبير القانوني ماجد العاروري في حديث مع شبكة قدس أنه كان من اللافت للنظر يوم أمس إعلان اللجنة المركزية أنها تركت القرار في موضوع التعديل الوزاري للرئيس محمود عباس، رغم أن الأمر من صلاحياته ولا يحتاج لقرار من اللجنة المركزية.

واعتبر العاروري أن تأجيل التعديل أكثر من مرة يعكس حالة من الضعف وعدم القدرة على اتخاذ القرار داخل المؤسسات الفلسطينية بسبب تصارع القوى بين الأطراف المختلفة داخل الحزب الحاكم والسلطة، والسبب هو عدم إجراء الانتخابات، وبالتالي لا يوجد مؤسسات حقيقية لتقرر في مثل هذه القرارات.

وقال إن "تصارع القوى يخلق صعوبة في اتخاذ القرار، وبالعادة في مثل هذه الحالات فإن تعطيل القرار أسهل من اتخاذ قرار جديد، في ضوء وجود مراكز قوى متشابهة في القوة، وواضح للمراقبين والمواطنين أن هناك عدم قدرة على اتخاذ قرارات، حتى أن رئيس الوزراء غير قادر على اتخاذ قرارات ضمن صلاحياته".

وتابع الخبير القانوني العاروري: تخيل أنهم حلوا بلدية نابلس وحتى الآن غير قادرين على تشكيل مجلس بلدي، وهذا يعكس حجم الخلل وعدم القدرة على اتخاذ قرار على مستوى بلدية، وهذا يؤكد أننا بحاجة إلى حكومة تستند لمجلس تشريعي منتخب، وما دون ذلك أي حكومة ستكون ضعيفة لأن مرجعيتها القوى التي شكلتها، وستخضع لمراكز قوى مختلفة في المصالح.


التعليقات (0)