مترجم: بالأرقام.. أمريكا تغلق أبوابها في وجه ملايين اللاجئين

profile
  • clock 19 يونيو 2022, 3:17:56 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

منذ عام 1980، انخفض عدد اللاجئين المقبولين في الولايات المتحدة بصفة عامة، على الرغم من أن الحاجة إلى إتمام عمليات إعادة توطين اللاجئين قد ارتفعت ارتفاعًا مذهلًا. وحول هذه القضية، نشر موقع «Vox فوكس» الأمريكي تقريرًا أعدَّته المراسلة الصحافية سيجال صموئيل، سلَّطت فيه الضوء على تفاقم أزمة اللاجئين حول العالم بينما تنخفض أعداد اللاجئين المقبولين في الولايات المتحدة، وهذا ما وصفته الكاتبة بأنه تقاعس أمريكي عن الدور المنوط بها. 

في مطلع تقريرها استشهدت المراسلة بالبيانات الأخيرة الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي أفادت أن عدد الأشخاص، الذين أُجبروا على الفرار من أوطانهم على مستوى العالم قد تجاوز، لأول مرة على الإطلاق، رقمًا صادمًا يقدر بـ100 مليون. ويشمل هذا العدد – 100 مليون – اللاجئين، وطالبي اللجوء، والنازحين داخل حدود بلادهم بسبب الصراعات. وإذا جمعنا هؤلاء في بلد واحد، فستحتل هذه الدولة المرتبة الرابعة عشرة من حيث عدد السكان على مستوى العالم.

وفي هذا الصدد، صرَّح فيليبو جراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قائلًا في بيان صحافي: «رقم قياسي لم يكن ينبغي تسجيله على الإطلاق. ويجب أن يدق هذا العدد ناقوس الخطر» في الدول الغنية بالذات، مثل الولايات المتحدة، التي لم تضطلع بمسؤولياتها الأخلاقية والسياسية تجاه قضية النازحين.

ومن جانبها قالت إليزابيث فويدل، مديرة برنامج الرعاية الخاصة في المشروع الدولي غير الربحي لمساعدة اللاجئين: «لدينا في الولايات المتحدة رؤية خيالية وطنية بشأن كوننا ملاذًا آمنًا وأننا أمة من المهاجرين. وظلت الولايات المتحدة، لوقتٍ طويل، تحتل المرتبة الأولى عالميًّا من حيث إعادة توطين اللاجئين. لكني أعتقد أنه من المنصف بالتأكيد أن نقول إننا تقاعسنا عن هذا الدور خلال السنوات العديدة الأخيرة. ويمكنك أن تلاحظ انخفاضًا حادًّا للغاية في هذه المسألة عمومًا».

عدد اللاجئين المقبولين في الولايات المتحدة سجَّل رقمًا قياسيًّا متدنيًّا

يشير التقرير إلى أن مجرد إلقاء نظرة على الرسم البياني التالي، ستلاحظ أن عدد اللاجئين المقبولين انخفض بصفة عامة في السنوات الأخيرة، وكان أعلى مستوى له في عام 1980، عندما وُقِّع مشروع اللاجئين الأمريكي ليصبح قانونًا.

العدد السنوي للاجئين المقبولين في أمريكا خلال الفترة من عام 1980 حتى 2022

ويضيف التقرير أن هناك بعض التقلبات التي تحدث خلال الأزمات التاريخية حول العالم. فعلى سبيل المثال كان هناك ارتفاع حاد في عدد اللاجئين خلال فترة التسعينات من القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وارتفاع آخر في عام 2016 بعد أن زادت حدة أزمة اللاجئين السوريين. لكن العقود القليلة الأخيرة اتَّسمت عمومًا باتجاه تنازلي واضح في عدد اللاجئين، حتى في ظل ارتفاع عدد الأشخاص الذين أُجبروا على الفرار من أوطانهم.

معظم اللاجئين يفضلون البقاء في الدول المجاورة لبلدهم الأصلي

يؤكد التقرير أن الولايات المتحدة لديها القدرة والموارد والمساحة لتكون ملاذًا آمنًا لكثير من الناس. ومع ذلك يُبرز الوضع الراهن شيئًا آخر، وهو أن هناك دولًا أخرى في جميع أنحاء العالم، والتي في الغالب لديها قدرات أقل بكثير وموارد أقل بكثير، تستقبل عدد لاجئين نسبة إلى عدد سكانها أكبر بكثير من الأعداد التي تستقبلها الولايات المتحدة. وفي حقيقة الأمر، وحتى مع اندلاع الحرب في أوكرانيا على الأقل، لا تزال البلدان النامية تستضيف 85% من لاجئي العالم.

وبحسب ما ذكرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كانت هذه الدول الخمس تستضيف أكبر عدد من اللاجئين اعتبارًا من منتصف عام 2021:

– تركيا: 3.7 مليون.

– كولومبيا: 1.7 مليون.

– أوغندا: 1.5 مليون.

– باكستان: 1.4 مليون.

– ألمانيا: 1.2 مليون.

ويوضح التقرير أن قيام دولة باستضافة لاجئ لا يعني حتمًا أنها ستعيد توطينه بصفة دائمة. وبدرجة ما من غير المفاجئ أن يرتفع عدد اللاجئين في الدول المجاورة لبلدانهم الأصلية. وقد يرغب بعض اللاجئين في البقاء بالقرب من بلادهم على أمل أن يتمكنوا من العودة إليها يومًا ما، فعلى سبيل المثال سنجد أن انتقال اللاجئ من سوريا إلى تركيا أسهل له من الوصول إلى الولايات المتحدة.

وينقل التقرير عن هيلين ديمبستر، مديرة مساعدة في «مركز التنمية العالمي» قولها: «العديد من هذه البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لا تمتلك الموارد اللازمة لتلبية احتياجات سكانها، ناهيك عن الملايين من الوافدين الجدد. ومع ذلك، اضطرت بعض الدول النامية إلى إعالة ملايين اللاجئين لسنوات بسبب انخفاض عمليات إعادة توطين اللاجئين في الدول الغنية حول العالم، بما فيها الولايات المتحدة. وهذا الأمر لا يترك للاجئين سوى خياراتٍ قليلة بخلاف البقاء بالقرب من بلادهم».

وتتفق إليزابيث فويدل مع هيلين قائلةً: «قد يبدو توزيع النازحين مختلفًا عما هو عليه الآن إذا كانت عملية إعادة توطين اللاجئين أكثر فاعلية من جانب الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى».

لماذا تقلصت عملية إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة؟

يُوضِّح التقرير أنه إذا نظرت إلى الوراء قبل 40 عامًا أو نحو ذلك، يمكنك أن ترى أن إعادة توطين اللاجئين كانت مشكلة تواجه الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، إذ توجد على سبيل المثال أرقام مماثلة للاجئين خلال فترة حكم الرئيسين الأمريكيين جورج دبليو بوش (جمهوري)، وباراك أوباما (ديمقراطي). ولكن على مدار العقدين الماضيين، شهدت أمريكا تسييسًا مبالغًا فيه إلى أقصى حد لما يُفترض أن يكون جزءًا أساسيًّا من السردية الأمريكية.

وأكَّدت إليزابيث أن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) كانت نقطة انعطاف مهمة. وبعد ذلك أصبح من الشائع التعامل مع اللاجئين، لا سيما القادمين من الشرق الأوسط، على أنهم تهديدات أمنية محتملة. وأصبحت عملية الفحص الأمني الناجمة عن ذلك صارمة جدًّا لدرجة خانقة. وخلال فترة رئاسة ترامب للولايات المتحدة، تصاعد الخطاب الوطني المعادي للهجرة، كما قلَّصت الإدارة أعداد اللاجئين المقبولين في البلاد، ونظرًا لأن تمويل وكالات اللاجئين مرتبط بعدد اللاجئين، فقد اضطرت الوكالات إلى تسريح موظفيها وإغلاق مكاتبها. وتفوقت كندا، التي لا يزيد عدد سكانها عن عُشر سكان الولايات المتحدة، على أمريكا بصفتها دولة رائدة عالميًّا في إعادة توطين اللاجئين.

أما في عهد إدارة بايدن الحالية، فلا تزال الولايات المتحدة تحاول إعادة بناء الهيكل الأساسي لإعادة توطين اللاجئين، على الرغم من أنه يمكن القول إنها تتسم بالبطء الشديد، ولم يكن تفشي جائحة كوفيد-19 مفيدًا في هذا الصدد. وعلى الرغم من أنه يمكن تفهم أن تدابير الإغلاق خلال الجائحة وقيود السفر أعاقت عملية إعادة التوطين في وقت سابق من الجائحة، إلا أن المدافعين عن اللاجئين يرون أن هذا لم يعُد عذرًا الآن.

ما الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة لإصلاح الأمر؟

تجيب كاتبة التقرير قائلةً إن معالجة الأضرار التي حدثت في ظل الإدارات الأمريكية السابقة وعدم تكرارها هو جزء من العمل اللازم لإحياء برنامج إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة. وهذا يعني توظيف الوكالات الحكومية التي تضطلع بدور أساسي في عملية إعادة التوطين وتيسير عملية الفحص الأمني. وتعمل إدارة بايدن أيضًا على إعداد برنامج رعاية خاصة وتشغيله بحلول نهاية العام الجاري، وهو برنامج لن يسمح للأمريكيين أن يتكفلوا برعاية اللاجئين الأفغان فحسب، بل رعاية اللاجئين القادمين من أية دولة.

ونوَّه التقرير إلى أن برنامج الرعاية الخاصة سيكون ذا مسارين. الأول هو تحديد الهوية: إذا كان لدى مجموعة من المتقدمين لرعاية اللاجئين شخص معين سلفًا، فيمكنهم ترشيح هذا الشخص لإعادة توطينه. المسار الثاني هو التوفيق، فإذا لم يكن لدى مجموعة من المتقدمين لرعاية اللاجئين شخص معين، فستقابِل المجموعة شخصًا قيد النظر بالفعل؛ مما يساعد هذا الشخص على الخروج من مسار طويل جدًّا.

ولذلك فمن الجيد لأي شخص مهتم بأن يُصبح راعيًا للاجئين من خلال هذا البرنامج، أن يبدأ التجهيز من الآن، لأن الأمر سيتطلب مبلغًا لا بأس به من المال على الأرجح. فعلى سبيل المثال، يتطلب البرنامج الكندي الناجح جدًّا للرعاية الخاصة أن يجمع الضامن حوالي 23 ألف دولار أمريكي لإحضار عائلة مكونة من أربعة لاجئين. ويمكن أن يتطلب البرنامج الأمريكي المعادل أموالًا بمقاييس مماثلة.

بيد أن الأمر يستحق كل هذا العناء، لأنه سيوفر مسارًا للهجرة حتى يتمكن الأشخاص ذوي الأوضاع الأصعب من دخول الولايات المتحدة. والأهم من ذلك، أشارت وزارة الخارجية إلى أن أي لاجئين يأتون إلى الولايات المتحدة عن طريق برنامج الرعاية الخاصة سيكون إضافة على عدد حالات إعادة التوطين التقليدية بمساعدة الحكومة.

وتختم المراسلة تقريرها بما قالته إليزابيث فويدل «نأمل كثيرًا أن يؤدي ذلك إلى زيادة أعداد اللاجئين بصورة كبيرة. إن الشيء المثير في برنامج الرعاية الخاصة هو أنه يمكن أن يصبح آلية دائمة ومستدامة للأمريكيين للاستجابة للأزمات الإنسانية الناشئة حول العالم». ونحن نأمل أن يستفيد منها الأمريكيون بصورة جيدة.

التعليقات (0)