- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
مجدي الحداد يكتب: ما بين عبقرية وكيمياء اللغة
مجدي الحداد يكتب: ما بين عبقرية وكيمياء اللغة
- 6 يوليو 2024, 3:06:58 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
من عبق وأريج و تفرد وعمق وعبقرية وجمال وسهولة وليونة ومرونة واتساع اللغة العربية هو تفرد معانيها وتركيباتها اللغوية لتكون متوافقة مع الفطرة السليمة والعقل السليم والضمير المستيقظ الواعي ــ ولمّ لا وهي لغة القرآن الكريم .
وسوف أسوق هنا مثالين اثنين فقط للفظين أو اسمين أو معنيين لمحاولة تلمس خفايا وجمال تلك اللغة وتفردها .
أولا كلمة ذبابة وهي اسم ، ولكن هذا الاسم مكون من فعلين ماضيين .
وكأننا هنا بصدد كيمياء اللغة وحيث أن : فعل + فعل = اسم .
فكلمة ذباب مكونة إذن من المقطعين أو الفعلين الماضيين ؛ ذب ، بمعن دفع أو طرد ، وبالعامية ؛ " هش " ــ أي "هش الدبان" ــ والفعل الماضي الثاني هو ؛ آب ؛ اي رجع ، وعاد ، وتلك صفة في نفس الوقت للذباب ، وحيث كلمة ذُب عاد ، أي بالعامية أيضا ؛ " كلما هشناه رجع تاني " ، أفليس هذا هو ما يحدث بالفعل .
تذكر بقى أن القرآن الكريم ذكر هذا منذ ألاف السنون ، وحيث كان ذلك المعنى معروفا لدى العرب أيضا ، ومنذ الجاهلية ، وقبل بعثة رسول الله ونبيه سيدنا محمد صل الله عليه وسلم .
هذا وقد ورد ذكر الذباب في سورة واحدة فقط في القرآن الكريم ، وهي سورة الحج ، وذلك في قوله تعال : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ " [الحج : 73 ] .
وبهذا صار لدينا المعادلة الآتية : ذب + آب = ذباب .
أما الكلمة الثانية وهي ؛ عزومات فهي مكونة من المقطعين ؛ عز + ومات ، ومعنى ذلك ، والله أعلم ، انه مفيش حاجة في الدين اسمها ؛ عزومات ، وحيث ما نره من بذخ وإسراف وتكلف يقوم به الداعي لهذه العزومة أوتلك ، وخاصة من كبار الأثرياء أو لصوص الدول والشعوب من حكام مفروضين على هذه الشعوب وتلك الدول ، ويدعون فيها حتى من هم ليسوا بحاجة لمثل تلك الولائم ، ا, العزومات ، وحيث لديهم ما يكفيهم ، ويزيد عما دُعوا إليه من ولائم .
زلا شك أن كل تلك "المظاهر الكدابة " تستفز حقيقة الفقراء والمعوذين والغير قادرين وكذلك الجوعى ، وحتى اصحاب الفطرة السليمة من المستورين .
ولكن هناك فقط إطعام المسكين وابن السبيل ، والمحتاجين ، وأصحاب الحاجات بالفعل ، وأولي الأرحام ــ وحيث بعضهم أولى ببعض ــ والتي دعا كما حض عليها الدين القويم . هذا والله أعلم .