مجدي الحداد يكتب : يوم الأرض ٢-٢

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 1 أبريل 2021, 12:01:46 ص
  • eye 983
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بيد أن زرع إسرائيل في المنطقة ، وذلك باعتبارها إستعمار غير تقليدي ، ومختلف تماما عن كافة العهود الإستعمارية السابقة ــ والتي يبدو إنها تفاهمت واتفقت ، او تواطئت ، سمها ما شئت ، على زرعه هنا ، ومباشرة بعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها ــ حيث إنه جيء به ليبقى ، وذلك باعتبار إنه إستعمار ثانوي وظيفي تابع إستيطاني إحلالي 

وبما أن ضمان بقاء هذا الكيان الخدمي الوظيفي الصهيوني من قبل النظام الإمبراطوري العالمي ــ وسواء في شكله القديم ، أو الحديث ــ ليس كافيا ، فكان لابد من تعاون أنظمة المنطقة ذاتها بالمساهمة والمشاركة في الحفاظ وحفظ هذا الكيان الشيطاني الوليد ، منذ لحظة ميلاده وحتى الآن ، وإلا فالعصا لا الجزرة هي البديل ؛ فخضعت كل أنظمة المنطقة ولم يستثنى منهم أحدا ــ الأمر الذي قد ربما ألهم الشاعر العروبي العتيد مظفر النواب ــ ولو متأخرا ــ بمعاني جديدة تضمنتها قصائده ..! 

الإنتخاب الطبيعي والإنتخاب الصناعي

دعى داروين إلى نظرية الإنتخاب الطبيعي في كتابه أصل الأنواع ، وذلك فيما يتعلق بعالم الأحياء أو " البيولوجي " . وقال أيضا بنظرية البقاء للأصلح وليس الأقوى ، على أساس أن كل تغير أو تغيير تقوم به قوى الطبيعة ذاتها ــ ووفق لرؤية أو نظرية دارون ــ ودونما أي تدخل من الإنسان .

بيد أن تلك النظرية الدارونية قد تم تبنيها عمليا وحرفيا من قبل النظام الإمبراطوري العالمي الجديد ، بل وقد زيد عليها بجعل الإنتخاب صناعيا ، وذلك من خلال ما اصطلح على تسميته مثلا ، و فيما بعد ، بالتطير العرقي ، والذي ظهر في اماكن عدة من العالم . 

وقد شرع للتنظير أيضا لهذا الإنتخاب الصناعي من خلال ما يمكن أن يسمى بالنظريات الزرائعية ، والتي كانت تنظر ــ ولو تلفيقيا ــ لصراع الحضارات مثلا ، وذلك من خللال صامويل هنتنجتون ، وفرانسيس فوكوياما ، بل وحتى هنري كسينجر ذاته وغيرهم . 

إذن فإنه قد جرى تبنى النظرية الدارونية عمليا ــ وزيد عليها كما أسلفنا ــ في عالم الإجتماع والسياسة ، قبل أن تطرح كنظرية من قبل علماء الإجتماع والسياسة مما سبق ذكرهم ، وذلك ما سوف نحاول أن نوضحه باختصار في السطور التالية .

مراكز الإحلال والتجديد في العالم 

فقد رؤي إذن ، و إنظلاقا من نظرية دارون ، أن هناك كتل سكانية ضخمة في أماكن عديدة من العالم غير مفيدة ، ولا تفيد العالم بشيئ ، ولا تقدم له أي جديد في اي شأن من الشؤون . 

وهذه الكتل السكانية قد توجد في مناطق ــ نسميها نحن دول ــ تحتوي أحيانا على كنوز طبيعية وفيرة ، كالنفط مثلا ، والمعادن بأنواعها ؛ الثمين منها والرخيص ، وكذا الأحجار الكريمة ، وغيرها . لكن مع ذلك فكل هذا لا يشفع لها ، وحيث رؤي ، وعلى الرغم من غنى دولها النسبي ، أنها قد صارت عبئا لا يحتمل ، ولا يمكن إحتماله أكثر من ذلك في عالم اليوم ، وإنه يجب التخلص منها ، وذلك من جهة نظر النظام العالمي الجديد . 

وللتخلص من تلك الكتل الضارة حول العال أُنشأ ما يمكن أن نسميه عدة مراكز حول العالم لتحقيق هذا الهدف ــ وذلك بخلاف وسائل أخرى مساعدة ، بطبيعة الحال ، للتخلص من تلك الكتل البشرية المعطلة والمستهلكة والتي لا يرجى منها أية فائدة ، كإنتشار الأوبئة مثلا مع العدم القدرة على مكافحتها في أماكن بعينها ..!

وهذه المراكز هي :

( أ ) إسرائيل

وغني عن البيان هنا ما قامت به إسرائيل وفعلته من مذابح في المنطقة سواء ضد الفلسطينيين بصفة خاصة أو العرب بصفة عامة ــ وخاصة المصريين منهم ــ وسياساتها العدوانية التعسفية الإستيطانية التي تقوم على محاور عدة ، منها ما اصطلح على تسميته ب" الترانسفبر " ؛ وهو إبعاد الفلسطينيين تماما إما خارج مناطقهم التي تم ضمها وإلحاقهم بالضفة والقطاع ، وإما طردهم خارج فلسطين تماما ، وكذا إلغاء ما سمي بحق العودة ، وإلغاء حتى الإنسحاب حتى حدود فلسطين قبل حرب يونيو 67 ،وكذا عدم تقسيم القدس إلى شرقية وغربية بين الفلسطينيين والكيان ؛ بل القدس كاملة وعاصمة موحدة فقط للكيان .

ولا تنتهي وظيفة الكيان حتى ولو نجح ــ ما عاذ الله ــ على القضاء على كل الفلسطينيين ، حيث دورها الكبير الموكل إليها هو تكرار ما فعلته في فلسطين مع وفي كل دولة عربية أخرى ــ وهناك فيديو شهير لهنري كسينجر يدعو وينصح فيه الصهاينة بأن عليهم قتل أعداد كبيرة جدا من العرب ــ وليس الفلطينيين فقط ــ إذا أرادو العيش بسلام في هده المنطقة من غير أن يواجهوا يوما بأي تهديد يمكن أن ينال من إستقرارهم بالمنطقة أو يقضى مضاجعهم ..! 

( ب ) جنوب أفريقيا

دولة جنوب أفريقيا ، أو افريقيا البيضاء ، لا يختلف دورها كثيرا ، مع الأفارقة ذو البشرة السوداء خاصة عن دور دولة الكيان مع العرب . ولذا فكانت هناك ــ وربما لا زالت ـــ تربط بين البلدين علاقات مميزة و خاصة جدا .

كما سوف نرى أنه على الرغم مثلا من غنى العديد من الدول الأفريقية النسبي بالعديد من المعادن النفسية والثروات المعدنية الأخرى ، وحتى المعادن المشعة النارددة جدا في العالم كاليورانيوم مثلا ، إلا إنها مع ذلك تقع جميعا في دائرة الفقر المدقع كدولة زائير التي تشتهر بالذهب مثلا ، وجنوب أفريقيا ذاتها التي تشتهر بالماس أو الألماس ، ودول الساحل الأفريقي التي تشتهر باليورانيوم والذهب ، وغيرهم ..!

( ج ) تايوان

أعتقد أنها ، وباختصار ، موكل إليها أمر التنين الصيني على الرغم من البون الشاسع في كل شيء بين البلدين ..! 

ــ لم يبق بعدئذ سوى دولة الإتحادر الروسي ومنطقة القوقاز ، وهذه ربما أمرها موكل مباشرة إلى كبار النظام الإميراطوري ذاته ، ومن دون وسطاء ..!

ربما تكون هذه هي إستراتيجية الإحلال والتبديل السكاني في العالم في السنوات المقبلة ، وحيث قد شرع بالفعل في تطبيق أهم جزء منها في عالمنا العربي ـ بعدما أُنتهي تقريبا من الشق الأفريقي ..! 

 

 

 

 

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)