- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
محمد قدري حلاوة يكتب : رجل البر
محمد قدري حلاوة يكتب : رجل البر
- 1 يونيو 2021, 6:25:56 م
- 1878
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كان يردد دائما وقد إرتسمت علي وجهه ملامح الزهد والخشوع " المنح تكمن دائما في قلب المحن ".. وما أن ينصرف الحاضرون حتي يتحول ذهنه إلي شعلة متقدة من الفكر والحسابات العملية وتقدير الأرباح المتوقعة.. يمكنه دائما أن يحول المصائب والنوازل إلي مسرات وقطوف مشتهاه..فعلها من قبل في كل أزمة ونائبة وكانت له أقوال مأثورة و إرتسامات مشاعر جياشة أثرت في الحضور و ما أن كان يخلو إلي ذاته يبدأ عد وركم النقود اكواما وهو يتمتم حمدا و شكرا وتسبيحا ويقبل باطن يده وظاهرها.. وما عليه الآن سوي أن يبدأ التفكير ويشرع في العمل..
يمكنه أن يصنع أدوات الوقاية الطبية من هذا الفيروس اللعين الذي أرق البشرية وصار يخطف الأرواح وينشر الخوف والرعب في كل سبيل ودرب.. بضعة خامات رخيصة مع بعض المسرحين من أعمالهم ويقبلون بأي أجر وتحت أي ظروف.. مع مواصفات موهومة مكتوبة علي السلعة تطمئن الجموع القلقة وتمنحهم بعض الإحساس الوهمي،بالأمان والنجاة..الأرباح مضمونة بالتأكيد والتكاليف لا تمثل نقطة في بحر الخير الداني..
لا مانع أيضا أن يصنع بعض سجاجيد الصلاة و الصلبان الخشبية والسبح وينشر بعض الصبية في كل شارع وربع يروجون لبضاعته التي يعلم تماما رواجها.. فالإنسان دائما ما يلجأ إلي الله في كل الظروف والأحيان ويكون أشد طلبا وقربا ومناجاة في النوازل والملمات..جرب الأمر من قبل دائما وخصوصا في المواسم الدينية وذاق طعم الربح الوافر وكان لا ينسي أن يمنح الفقراء من ما فاء الله عليه به من مال.. ولا يغرب عن باله أن يتقرب بالأضحيات ويحرص علي أن ينحرها بنفسه..
كان دائما يحاول أن يمحو من ذاكرته ومن أذهان من حوله ما كان يردده البعض خلسة عنه ويتحاكون بوصفاته العشبية الوهمية التي كان يبيعها في الماضي للبسطاء و المتشبثين بوهم الحياة ويدعي أنها تشفي من كل الأمراض والأسقام.. كانت منحه وعطاياه كفيلة بفرض غلالة وجدارا من الصمت حول ماسلف من أيام وسنون علي الأقل علي الألسن الذائقة للمنح والنعم.. وإن كانت لا تمنع أن تكون أحاديث سرهم وسمرهم ونجواهم ...كان تاريخا جديدا قد كتب لرجل البر والتقوى.. ورائد الصناعة الوطني الذي كان يصر دائما أن يكتب علي بضاعته " صنع في مصر "..