- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
محند أمقران عبدلي يكتب: المنتدى الفلاحي و الحرفي التضامني..رؤية أخرى للتنشيط الإقليمي و التنمية بالجزائر
محند أمقران عبدلي يكتب: المنتدى الفلاحي و الحرفي التضامني..رؤية أخرى للتنشيط الإقليمي و التنمية بالجزائر
- 28 أكتوبر 2024, 10:04:39 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تشهد العديد من القرى و الفضاءات الريفية في الجزائر في السنوات القليلة الماضية ،حركة مواطنة فعالة غير مسبوقة ،تتميز خاصة بإقبال العديد من الجمعيات المحلية ،لجان القرى بالشراكة مع الجماعات المحلية ممثلة في البلديات على العمل للتأسيس للقاءات محلية تتمحور حول موضوعات الفلاحة المتخصصة كالجبلية أو الفلاحة الأصيلة و تثمين منتجات حرفية و فلاحية بعينها كعيد التين ،عيد الزربية ،عيد الفخار ،عيد البرنوس ، عيد افتتاح موسم الحرث و البذر ، ملتقى الثقافات الشعبية ، ملتقيات الكتاب ، و غيرها من النشاطات و التظاهرات التي أصبح لها دور في تنشيط البلديات و الأقاليم ،و الترويج للمنتجات الحرفية و الموطنية و فرصة لتثمين المعارف التقليدية .تتميز هذه التظاهرات بالإقبال المهم و المتزايد للزوار خاصة في عطل نهاية الأسبوع و العطل المدرسية و هي بذلك فرصة لتصالح الجزائري مع تراثه و ثقافته و محيطه الإجتماعي و الرسمي .
هذه الحركية ملفتة للانتباه،إذ يجدر الوقوف عليها بشيء من التحليل و الاستشراف .
تتمركز هذه الحركية في منطقة القبائل، و هي معروفة بالنشاط على المستوى المحلي و تأثيرات مهمة على المستوى الوطني و المركزي ،لكن لماذا هذه المنطقة بالتحديد ؟
تتميز هذه المنطقة بالتنوع الثقافي ،فهو زاخر و يشكل حصالة تراكمات و تفاعلات تاريخية،حضارية ،لغوية ،ثقافية و نضالية ،يجعل منها منطقة ثرية و متميزة فهي منطقة متشبثة و غيورة جدا على هويتها الأمازيغية و منفتحة على الداخل الجزائري و على الفضاء الخارجي بفضل الهجرة .
ساهمت هذه المنطقة كثيرا في تفعيل المواطنة و تثمينها على المستوى الوطني ،رغم الأزمات التي مرت على هذه المنطقة بفعل هذه الريادية في النضالات الوطنية وأزمات دورية تتعلق بالحكامة و بيئية ساهمت في بروز الحاجة الماسة لتفعيل المنطقة ،ومحاولة إحداث حركية في النشاط المحلي ،وعودة لابد منها للأرض ،للثقافة ،للمعارف التقليدية للغة الامازيغية كعناصر لابد منها،للتصالح مع الهوية و الأرض و تثمين الإنتماء للمجموعة الوطنية .
كلها عوامل ساهمت في جعل المنطقة قاطرة فيما يخص درجة الوعي بضرورة التوجه نحو ممارسة المواطنة الفعالة و تفعيل المواطنة الذكية .
مبادرات فردية ،رسمية و جمعية : يقال الحاجة أم الاختراع و هي كذلك أم الإبداع ،خاصة الإجتماعي منه .
توالت المبادرات و تعددت و أصبحت قارة و مستدامة و أكثر تفاعلية.
على المستوى المحلي ،ساهم المنتخبون في بروز مبادرات تنشيط فريدة من نوعها على المستوى الوطني و حتى على مستوى شمال إفريقيا،لعل من أبرز هذه المبادرات ،مسابقة أجمل و أنظف قرية و التي عرفت بداياتها على مستوى ولاية تيزي وزو ،سرعان ما امتدت لولاية بجاية المجاورة و تعرف هذه المبادرة اقبالا لافتا على المستوى الشعبي من خلال إقبال لجان القرى و الجمعيات على التسجيل في المسابقة ،تهيئة القرى و تفعيل التضامن الجواري القروي بهذه المناسبة و تفاعلا مع الجماعة المحلية ،رغم النقائص التي يمكن رصدها إلا أن هذه المبادرة أصبحت ملفتة للانتباه بفعل النشاط الذي يصاحبها.
مبادرات أخرى ،متعلقة كما ذكرت بتفعيل الانتماء للأرض ،للجبل و تثمين المنتجات الموطنية ،الحرفية و الفلاحية و التنشيط الثقافي المكمل .
من بين المبادرات كذلك ، تظاهرات تسعى لأن تتشكل كمنتديات أو ملتقيات حرفية و فلاحية تجمع بين معارض المنتجات الأصيلة و الموطنية ،التكوينات القصيرة حول الأنشطة المدرة للمداخيل الموجهة للمرأة الريفية و الفلاحين و الحرفيين على اختلاف مستوياتهم و أعمارهم ،فهي فئة هشة من الناحية الإقتصادية و الإجتماعية. كذلك نجد أن اللقاءات و التشاوريات التي تميز هذه الملتقيات بين المواطنين و المنتخبين و الخبراء و المهتمين بالشأن المحلي و بالتنمية المحلية الجوارية المستدامة من شأنها أن تساهم في توضيح الرؤية و توجيه التوصيات و تصويب و ترشيد مسارات التنمية على المستوى المحلي و المركزي .
مبادرة المنتدى الحرفي و الفلاحي لبلدية آيت بوادو بولاية تيزي وزو هي من بين المبادرات التي ترمي للوصول لدرجة من التضامن المؤسس المستدام ،عن طريق تثمين الموارد و المعارف ،تحقيق التقارب بين الرسمي و الشعبي و التقني ، التوجه نحو شراكة مستدامة بين الجماعة المحلية ممثلة في البلدية و هي المنظمة للحدث و الشركاء الاجتماعيين و من بنيات المجتمع المدني المختلفة .
شعار هذا العام ،من أجل سياسة وطنية للجبل و من أجل تنمية محلية تضامنية و مستدامة .
من أجل نظام وطني للتضامن : من شأن هذه المبادرات المحلية أن تكون ملهمة لصانع القرار على المستوى المركزي في بلورة السياسات العامة و التوجه نحو نظام وطني للتضامن ،لكن عن أي تضامن نتحدث ؟
التضامن هنا يكمن في سرعة إستجابة المركز ،أي صانع القرار لطلبات المحيط ،ليس بالدعم و المساندة بدون متابعة و توجيه و لكن بالشراكة بين المركز و المحيط ، فهما للسياق خاصة في الوسط الريفي و استيعابا للتشخيص المحلي من حيث الاحتياجات الحقيقية للفءات المستهدفة ،و على هذا الأساس فالتضامن هو شراكة استراتيجية من أجل التنمية تمكن الدولة من تحديد الاحتياجات،ترشيد النفقات و المتابعة الجيدة لهذه الشراكة .
ترصد الدولة الجزائرية ميزانيات معتبرة للتنمية و لتنشيط الأقاليم، الكثير من الجهود لا زالت في حاجة إلى عقلانية في الأداء و متابعة حثيثة و جادة للوصول للأهداف المرجوة من أي سياسة تنموية .