- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
مذبحة كفر قاسم.. شاهد على دولة الاحتلال المتعطشة للدماء
مذبحة كفر قاسم.. شاهد على دولة الاحتلال المتعطشة للدماء
- 28 أكتوبر 2021, 3:09:57 م
- 594
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في ذكرى مذبحة كفر قاسم الـ65 مازالت دولة الاحتلال لا تعترف بها كجريمة نفذتها عصاباتها بدم بارد بحق مواطنين كانوا عائدين من اعمالهم وقتلوا بحجة خرق منع التجول الذي فرض على القرية بتاريخ 29/10/1956 .
البرفيسور إبراهيم أبو جابر ابن القرية الذي وثق المذبحة بشهادات حية من الجيل الذ عايش المذبحة والناجين منها وعائلات الشهداء يقول :” المذابح هي من الوسائل المعتمدة لدى قادة الاحتلال منذ اقامة الدولة العبرية، فهذه الدولة أقيمت على الدماء التي تم سفكها في القرى العربية قبل النكبة وبعدها والى غاية الان، فالفكر الصهيوني قائم على الذبح للعرب لتخويفهم وتجسيد الصدمة النفسية باستمرار لديهم “.
وأشار ابو جابر قائلا :” النقاش الذي يجري في الكنيست كل عام وما جرى من رفض 93 عضوا من رفض للاعتراف بالمجزرة واعتبار ذكراها يوم حداد تاكيد رسمي من ان دولة الاحتلال هي تنفذ المذابح بقرار من كل الأحزاب الصهيونية ومن لف لفيفها “.
وأكد ابو جابر قائلا :” هذا التنكر للمجزرة والشهداء والدماء التي سفكت يؤكد أننا ما زلنا نحكم بعقلية قادة يتعطشون للدماء ولديهم استعداد تام لتنفيذ سيناريو المذبحة مع ابناء شعبنا في الداخل وفي كل المواقع التي يتواجد فيها، فذكرى مذبحة كفر قاسم ناقوس خطر ينذرنا بعقلية دولة الاحتلال التي تعتبر الدم العربي دم رخيص لا قيمة له وعدم محاسبة من يسفك الدماء من قادة وجنود “.
ولفت ابو جابر قائلا :” في ظل تنامي مشاعر العداء نحو المواطنين العرب من قبل قادة الأحزاب اليهودية ، فان التخوف من ترجمة هذه المشاعر الى اعمال عدائية، فهم يقومون بتربية جيل لديهم بأن العرب غرباء عن هذه الأرض ويجب طردهم عنها من خلال الترانسفير الجماعي، وهذا يجب التحذير منه في ذكرى المذبحة التي مازالت منذ 65 عاما تلقي بظلالها على الواقع الفلسطيني في الداخل “.
وطالب ابو جابر الكل الفلسطيني بالتوحد خلف دماء الشهداء في ذكرى المذبحة، لأن القادم خطير ويحتاج إلى تضافر الجهود لصد كل المخططات التي تستهدف ابناء شعبنا لاستئصال وجودهم .
وتقام في مدينة كفر قاسم فعاليات تجسد ذكرى المذبحة وتشمل الفعاليات مسيرة حاشدة ومهرجان خطابي يشارك فيه أهل الداخل اضافة إلى نشاطات ذات طابع تراثي يتمثل باقامة متحف تاريخي يحتوي على عناصر تجسد المذبحة وتفاصيلها المرعبة .
هدف المجزرة
وهدفت المجزرة التي وقعت في 29 أكتوبر عام 1956م، -وفق مؤرخين- إلى ترحيل فلسطينيي منطقة "المثلث الحدودي" بين فلسطين 1948 والضفة التي كانت آنذاك جزءا من الأردن التي تقع فيها بلدة كفر قاسم، بواسطة ترهيب سكانها على غرار مذبحة دير ياسين ومجازر أخرى.
ويؤكدون أن "إسرائيل" -التي لم تحتمل العدد الكبير لسكان هذه المنطقة من العرب- قتلت بدم بارد خلال 1949-1956 ثلاثة آلاف فلسطيني معظمهم ممن حاولوا العودة بعد تهجيرهم إلى بلدان الجوار، وقد تولت تنفيذ هذه المجازر وحدة خاصة بقيادة أرئيل شارون عُرفت باسم "101".
مجازر مسبقة
وفي أجواء القتل هذه، وهيمنة عقلية المجازر في "إسرائيل"، جاءت مذبحة كفر قاسم التي نفذت "إسرائيل" قبلها، مجزرة يوم 11 سبتمبر/أيلول 1956؛ حيث قتلت 20 جنديا أردنيا في هجوم على معسكرهم، ثم قتلت 39 فلسطينيا بقرية حوسان في قضاء بيت لحم، و88 آخرين في قلقيلية في الشهر نفسه.
بدء المجزرة
وبدأت المجزرة عندما أعطت قيادة جيش الاحتلال أمرًا يقضي بفرض حظر التجول على القرى العربية في "المثلث الحدودي" الذي يمتد من أم الفحم شمالا إلى كفر قاسم جنوبا، بدءا من الخامسة مساء 29 أكتوبر/تشرين الأول 1956 وحتى السادسة من صباح اليوم التالي.
وكان القرار حازما إذ أرفِق بقرار أمني يخوّل الجنود إطلاق النار وقتل كل من يتجول بعد سريان الحظر -وليس اعتقاله- حتى ولو كان خارج بيته لحظة إعلان منع التجول، لأن قيادة الجيش كانت تقول، "إنها لا تريد التعامل مع السكان بالعواطف".
ووُزعت قوات من جيش الاحتلال على القرى الفلسطينية في المثلث (منها كفر قاسم، وكفر برا، والطيرة، وجلجولية، والطيبة، وقلنسوة)، وكان يقودها آنذاك الرائد شموئيل ملينكي الذي يتلقى الأوامر مباشرة من قائد كتيبة الجيش الموجودة على الحدود، وهو المقدم يسخار شدمي.
كما توجهت مجموعة من الجنود إلى بلدة كفر قاسم، وقُسمت إلى أربع فرق بحيث بقيت إحداها عند المدخل الغربي للبلدة، وأبلغ قائدُها الضابطُ يهودا زشنسكي "مختارَ" البلدة في ذلك الوقت وديع أحمد صرصور بقرار منع التجول، وطلب منه إبلاغ السكان بالتزامه ابتداء من الساعة الخامسة.
أخبر صرصور الضابط زشنسكي بأن هناك أربعمائة شخص يعملون خارج القرية ولم يعودوا بعد، فأعطاه وعدًا بأن هؤلاء سيمرون بسلام لدى عودتهم، ولن يتعرض لهم أحد بسوء.
لكن مساء ذلك اليوم شكّل مرحلة مفصلية في تاريخ كفر قاسم والشعب الفلسطيني عامة، ففي تمام الخامسة مساء دوّى صوت رصاص كثيف داخل البلدة فصمّ آذان معظم سكانها، إثر إطلاق الجنود النار على مجموعة من الأهالي كانوا عائدين من حقول زراعتهم في المساء إلى بلدتهم، فقتلوا منهم 49 شخصا، وأصابوا العشرات بجروح بالغة، بذريعة خرق منع تجول لم يعلموا بإعلانه المفاجئ.
كان من شهداء مجزرة كفر قاسم، مسنّون و23 طفلا تتراوح أعمارهم بين 8-17 عاما، و13 امرأة، ولم يكن عدد سكان كفر قاسم آنذاك يتجاوز ألفيْ نسمة. وقد سقط عند المدخل الغربي للبلدة وحده 43 شهيدًا.
أسماء مقترفي المجزرة المجرمين
وارتبطت المجزرة بأسماء عدد من العسكريين الإسرائيليين أمثال الضابط يسخار شدمي الذي استدعى شموئيل ملينكي وأبلغه بقرار تكليفه مهمة حراسة الحدود وفرض منع التجول في قرى منها كفر قاسم، ثم أعطى التعليمات بارتكاب المجزرة.
وقد حاولت الحكومة الإسرائيلية برئاسة ديفد بن غوريون إخفاء حقيقة مذبحة كفر قاسم، إذ نـُشر أول خبر عنها في الصحف بعد أسبوع من وقوعها أي يوم 6 نوفمبر/تشرين الآخِر، أما تفاصيلها فمنعت الحكومة وصولها إلى الرأي العام إلى يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 1956.
لكن النائبيْن الشيوعييْن توفيق طوبي وماير فلنر تمكنا من كشف ملابسات الحادث بعد تسللهما إلى البلدة لاستقصاء الحقائق مباشرةً من الشهود والمصابين، وإعداد وثائق ليتم طرحها داخل الكنيست الإسرائيلي، وإرسال وثائق خاصة بالواقعة إلى وسائل الإعلام والسفارات الأجنبية وجميع أعضاء الكنيست (البرلمان).
واضطرت جهودُهما الحكومة إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق والبدء في إجراء تحقيق أسفر عن محاكمة من عدّتهم الحكومة الإسرائيلية مسؤولين مباشرين عن المجزرة، فأجريت محاكمة صورية لهم حُكم فيها على الضابط شموئيل ملينكي بالسجن 17 عاما، وعلى جبرائيل دهان وشالوم عوفر بالسجن 15 عاما، وعلى الجنود الآخرين بالسجن ثماني سنوات.
أما قائد حرس الحدود المقدم شدمي -الذي أعطى الأوامر بالقتل- فقد تمت تبرئته من ارتكاب الجريمة، وغُرّم بدفع قرش واحد، وقد قال -في حديث لصحيفة هآرتس الإسرائيلية- إنه نفذ "أوامر عليا" حين أمر جنوده بقتل المدنيين قائلا: "احصدوهم".
ثم غُيّرت الأحكام الصادرة بحق مرتكبي الجريمة، حيث خُففت بعد الاستئناف لتصبح 14 عاما بحق ملينكي، وعشرة أعوام لدهان، وتسعة أعوام لعوفر. ثم خُفضت مرة أخرى باتجاه إلغائها نهائيا، إذ تدخل رئيس الدولة وخفض الأحكام إلى خمسة أعوام لكل من ملينكي وعوفر ودهان. وأطلِق سراح آخرهم مطلع عام 1960.