مركز بيغن السادات: اتجاه اليونان وقبرص شرقاً ضرورة استراتيجية بعد تخاذل أوروبا

profile
د. محمد الصاوي باحث في العلاقات الدولية
  • clock 4 مارس 2021, 12:29:19 ص
  • eye 1428
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01



مركز بيغن السادات: اتجاه اليونان وقبرص شرقاً ضرورة استراتيجية بعد تخاذل أوروبا



تتجه اليونان وقبرص، منذ فترة إلى تعزيز التعاون والتحالف مع بعض دول الشرق الأوسط، في ظل تراخي الاتحاد الأوروبي عن مساندتهما في مواجهة الأطماع التركية فضلاً عن استمرار السياسات الاقتصادية غير العادلة.

وأعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن بلاده ملتزمة بأوروبا، كما أن الكثير من اليونانيين والقبارصة يرون أن الاتحاد الأوروبي ضروري في ملفات عديدة؛ أولها الرفاهية الاقتصادية، والتجارة، والتنمية، ولكن هناك سلسلة من خيبة الأمل تجاه سياسات الاتحاد الأوروبي نحو قضايا عديدة، ما دفع اليونان وقبرص، إلى التحول تجاه دول الشرق الأوسط.

وأوضح تقرير نشره مركز «بيجن- السادات» للدراسات الاستراتيجية، كتبه الباحث ديمتري شوفوتينسكي، أن أثينا ونيقوسيا لن يغادرا الاتحاد الأوروبي، رغم تراخيه نحو السياسات العدائية التركية في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالتنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، لكنهما لم يجدا خياراً إلا الاتجاه نحو تقوية العلاقات مع دول الشرق الأوسط.


الاتجاه شرقاً

وتتميز العلاقات ما بين الدول العربية وكذلك إسرائيل، وبين اليونان وقبرص، بأنها علاقات وثيقة، كما يشتركون جميعاً في الشعور بالقلق تجاه السياسات التركية العدائية في المنطقة، وطموح العثمانية الجديدة، فقد دأبت أنقرة على خرق المياه الإقليمية والأجواء اليونانية والقبرصية، ما دفعهما لمطالبة الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على تركيا، إلا أن الاتحاد فرض «عقوبات خفيفة»، ربما بسبب العلاقات القوية ما بين ألمانيا وتركيا، ورغم أن فرنسا تمر بفترة من العلاقات السيئة مع أنقرة، إلا أن ذلك لم يدفع الاتحاد الأوروبي لتبني عقوبات شديدة على تركيا.

ويرى الكثيرون في اليونان وقبرص، أن تجربة أزمة الديون التي تعرضتا لها قبل سنوات، أثبتت أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتماد فقط على الاتحاد الأوروبي، وبالطبع فإن الدول العربية وإسرائيل تدرك ذلك الدرس جيداً، فأوروبا التي تغض النظر عن السياسات العدائية لكل من تركيا وإيران، تركز فقط في المقابل على قضايا حقوق الإنسان.


تعاون عسكري

وأشار التقرير إلى أنه في أعقاب قطع العلاقات ما بين إسرائيل وتركيا عام 2010، وظهور الغاز في شرق البحر المتوسط، كان هناك تقارب ما بين إسرائيل وبين اليونان وقبرص، في مجال الاستكشافات والتعاون في مجال مشروع مد أنابيب الغاز ليصل إلى أوروبا، وهو التعاون الذي ساندته الولايات المتحدة، واتسع التعاون الثلاثي ليشمل المجالات العسكرية، وجهود الضغط المشتركة في واشنطن، كما ساهم تطبيع العلاقات ما بين إسرائيل ودول عربية عديدة في نهاية العام الماضي في دفع تلك العملية قدماً.

وأضاف التقرير إن اسرائيل وجيرانها - الذين تربطهم علاقات وثيقة مع اليونان منذ فترة طويلة - لديهم مخاوف من الدور التركي في المنطقة وطموحاتها الجديدة. أدت انتهاكات أنقرة المستمرة للأجواء اليونانية والمياه القبرصية إلى دعوات من نيقوسيا وأثينا لفرض عقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي على أنقرة. ومع ذلك، فإن بروكسل، اتبعت فقط في خطوة رمزية إلى حد كبير. حتى فرنسا، وهي من المدافعين مؤخرًا عن حقوق الأراضي اليونانية والقبارصة اليونانيين، اتخذت موقفًا ناعمًا نسبيًا بشأن قضية العقوبات.

واستعرض التقرير أوجه التعاون العسكري المتزايد ما بين اليونان وقبرص، وما بين الدول العربية وإسرائيل، فقد أرسلت دولة الإمارات العربية المتحدة مقاتلات إلى اليونان للمشاركة في مناورات مشتركة بينهما، كما أصبحت هناك مناورات بحرية مشتركة بشكل سنوي بين أثينا ونيقوسيا وبين القاهرة، وكذلك أرسلت اليونان أنظمة باتريوت للدفاع الجوي لحماية حقول النفط السعودية من الهجمات الصاروخية للحوثيين، أحد أبرز حلفاء إيران، وذلك بعد استهدافهم لمنشآت أرامكو النفطية. كما أن هناك تعاون عسكري ما بين إسرائيل وكل من اليونان وقبرص.


تحالفات جديدة

وأشار التقرير إلى فكرة التحالفات الجديدة في المنطقة، وانه لسنوات عديدة، تبنى صانعو السياسة الروس والصينيون فكرة "الإقليمية" - وهو مفهوم تعمل بموجبه البلدان في منطقة جغرافية مشتركة معًا في مختلف القضايا، بعيدًا عن تأثير الدول الأجنبية البعيدة. يبدو أن هذا يحدث، وإن لم يكن بالطريقة التي تصورتها موسكو وبكين.

ونقل التقرير عن أستاذ أنظمة التسلح والجغرافيا السياسية، بالأكاديمية العسكرية اليونانية، كوستاس غريفاس قوله «اليونان تتجه لإقامة تحالف جديد بالشرق الأوسط؛ يضم الدول العربية المستقرة، واليونان، وقبرص، وفرنسا، والهند، وإسرائيل، في مواجهة التحالف الذي شكلته تركيا خلال السنوات الماضية مع حلفائها في وسط آسيا وباكستان».

وخلص التقرير إلى أنه بينما يفقد الاتحاد الأوروبي مصداقيته في المنطقة، ويواجه اضطراباً داخلياً خطيراً، فإن تلك التحالفات الإقليمية الجديدة، والتي ربما كانت قائمة على جذور الثقافة والتاريخ والمصالح المشتركة، ستكون أكثر شيوعاً في مواجهة المشكلات المشتركة، مشيراً إلى أن قبرص واليونان تدركان أنه من الممكن أن يستمر الاتحاد الأوروبي «بلا أسنان» في مواجهة سياسات أنقرة العثمانية.

التعليقات (0)