- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مصطفى إبراهيم يكتب: قتل شيرين أبو عاقلة قتل الحقيقة
مصطفى إبراهيم يكتب: قتل شيرين أبو عاقلة قتل الحقيقة
- 12 مايو 2022, 9:41:00 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في وداعك المهيب يا زهرة فلسطين لا يمكن التصديق أن هذا العالم المنافق سيحقق لك ولنا العدالة، وما هي العدالة؟ طالما نعيش تحت سلطة الحكم العسكري الإسرائيلي الفاشي العنصري، قالوا أنهم فتحوا تحقيق، لا أصدقهم، وما الذي يهم هؤلاء الفاشيين؟ لقد رحلت، وأصبحت أيقونة ورمز فلسطيني بكاك وحزن عليك جميع الفلسطينيين في ربوع الوطن المغتصب من النهر إلى البحر والمشردين والنازحين واللاجئين في الشتات، فجميع الفلسطينيين شعروا أنك قريبة منهم وتعيشي في البيت معهم يعيشو في حداد وطني عام، وحدهم استشهادك، فالدم واحد والمصير واحد والاحتلال الغاشم واحد. الشعور بالظلم والغضب والحزن يدفع الانسان للبكاء بحرقة بدون توقف، فهي جريمة بحقنا، جريمة ترتكب يوميا بحق كل فلسطيني، قتلها جنود الاحتلال الاسرائيلي بدم بارد. ستظل شيرين أبو عاقلة جزءاً من ذاكرتنا الجمعية وشاهداً على جرائم الاحتلال وحكومته الغاشمة التي يزعجها أنك أصبحت، وأصبحت فلسطين باستشهادك الحدث والحديث الأول على مستوى العالم.
وهذا ما يخيفهم أن الجميع في فلسطين يشعر انه فقد انسانة تربطه بها برابط قرابة الدم، وكأنه يعرفها بشكل شخصي وأن صوتها وشخصيتها الهادئة دخلت قلوبهم منذ زمن، ولن يستطيعوا تعويض هذا الفقدان والغياب. شيرين أبو عاقلة ليست مجرد صحافية في قناة الجزيرة، لذا هي قتلت عمداً، وقاتلها يحاول التخفيف من رد الفعل العالمي والادانة، مع أن الحقيقة ساطعة وسطوع الشمس وعدالة القضية الفلسطينية, وأن قاتلها أراد منعها من نشر روايتها عن جرائمه، ويريد منها فقط تغطيتها وهو يرتكب تلك الجرائم ويهين جنين ومخيمها، باستهدافه، إلا أن مخيم جنين لم يتوقف عن ملاحقته ومواجهته ولعنته الابدية وفضح جرائمه.
القاتل يخاف من رواية شيرين التي تلاحقه بها، وهي التي وثقتها على مدار عقدين من الزمن من جنين الى نابلس ورام الله وغزة، بصوتها الهادئ الرزين، والرواية بصوتها الدافئ تختصر معاناة جميع الفلسطينيين، وأننا أمام احتلال اسرائيلي يرتكب الجرائم ضمن سياق تاريخي ممتد منذ قرن من الزمن، و74 عاماً من النكبة التي تحل ذكراها هذه الأيام.
هذا السياق الاجرامي كانت شيرين ضحيته وهي حية كإنسانة وكفلسطينية تعيش تحت الاحتلال الذي يحاصر الكل الفلسطيني، وضحيته وهي تفضح جرائمه بصوتها الذي يصل مداها خارج حدود الوطن المحتل.شيرين تعيش في كل بيت فلسطيني وأبكت كل الفلسطينيين، وتحولت الى أيقونة ورمز فلسطيني، وباستشهادها رفعت اسم فلسطين عالياً.لذا هي جزء من كل مدبنة وقرية وخربة، وموجودة في كل بيت، كإبنة بيت مقيمة فيه بشكل دائم، وتروي سرديتها التي هي سرديتنا، بصوتها المطمئن الهادئ بمهنية وإنسانية وأخلاقية، وثقة عالية، من النادر وجودها.
حاولت إسرائيل وجيشها ممارسة عملية احتيال وتضليل وكذب في نشر رواية استشهاد شيرين ابو عاقلة، بينما تنشر جميع وسائل الاعلام مقاطع فيديو فظيعة لصحفيين أصيبوا بالرصاص مباشره، واستشهدت شيرين واصيب زميلها الصحافي علي السمودي في ظهره، الذي كذب رواية الاحتلال وقال لم يكن بجانبنا اي مقاوم فلسطيني، جريمة قتل شيرين، تعزز قناعات الفلسطينيين، على أنه لا يوجد فرق بين الغزو الروسي لأوكرانيا وبين الاحتلال الإسرائيلي، وأن على العالم عدم الكيل بمكيالين والتعامل مع كلا الوضعين بالطريقة نفسها. الحقيقة أن إسرائيل تعيش على الدم الفلسطيني، وجرائمها شاهدة على طبيعتها الاجرامية والعنصرية، يكفي التدقيق خلال الشهر الماضي وليس من بداية العام، وما ارتكبته الشرطة الإسرائيلية وجنود الاحتلال من انتهاكات في القدس والضفة الغربية تجاه الصحافيين الفلسطينيين. ولم تتخذ إسرائيل أي خطوة أو حتى التعبير في أي من هذه الأحداث عن استعداد حقيقي للتحقيق ضد أفراد قوات الأمن المسؤول عنها.
كيف سنؤمن بعدالة الاحتلال يا شيرين، وكيف سنصدق تحقيقها وهي تحقق مع نفسها فقط، من أجل نفي التهمة عن نفسها، والحقيقة أن إسرائيل ستتمكن في أفضل الأحوال من تقليص الأضرار فقط. ومحاولة المسؤولين الإسرائيليين، لم تنجح، في تحميل الفلسطينيين مسؤولية استشهادك؟ وأن المزاعم التي يطلقها هؤلاء المسؤولون لا تدل على إدراكهم لخطورة الوضع، وان صد الاتهامات والإدانات لإسرائيل التي أكدت أن استشهاد شرين بنيران إسرائيلية، لن تجدي نفعاً، ومحاولة تغيير العناوين حول الجريمة الإسرائيلية في وسائل إعلام في العالم. الجريمة واضحة والاحتلال يسوق رواية يقنع بها نفسه لتبرير جرائمه، بحق الفلسطينيين لطمس الرواية، ونحن نتذكر اليوم وفي الذكرى الـ 74 للنكبة الفسطينية، والذكرى السنوية الاولى للعدوان الاسرائيلي على غزة، وتدمير برج الجلاء الذي قصفته طائرات الاحتلال الاسرائيلي، والذي يحتوي على مقرات صحافية مكاتب صحافية، وهي دليل على سوابق الاحتلال الكثيرة في استهداف السردية والحقيقية. لن ننسى أبداً يا شيرين حجم الدمار، ولا الشعور بأن الموت على مسافة قريبة منا جميعاً وأننا تغلبنا على خوفنا، وسنستمر في مواجهة الاحتلال، رغم الخطر سنظل نصر على مواصلة العمل من اجل عدالة قضيتنا وعدالة فضح القتلى، ولن نظل ضحايا الاحتلال.