- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
مفكرون وأكاديميون يبحثون تجاوز ضعف التعاون الاقتصادي في منطقة الشرق وتحدياته
مفكرون وأكاديميون يبحثون تجاوز ضعف التعاون الاقتصادي في منطقة الشرق وتحدياته
- 7 يوليو 2024, 5:57:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تناول مؤتمر منتدى الشرق في يومه الثاني، الأحد 7 يوليو 2024، فرص التكامل الاقتصادي لدول منطقة الشرق، في ظل المستجدات الإقليمية، بمشاركة أكثر من 120 باحثاً وأكاديمياً ومن النخب السياسية والاقتصادية العربية والإسلامية.
وبحث المشاركون الفرص والإمكانات لمنطقة الشرق للوصول إلى تكامل وتعاون اقتصادي، مستعرضين التحديات والفرص المتاحة، ومقترحات لأوجه التعاون الممكنة.
تحديات استغلال فرص التكامل الاقتصادي
واستعرض المؤتمر في أوراق بحثية، العقبات الرئيسية التي تواجه مسارات التكامل الاقتصادي لمنطقة الشرق، ويمكن تلخيصها في:
1- غياب الإرادة السياسية، لأن دول المنطقة لا تفتقر إلى مبررات أو قدرات تحقيق التكامل الاقتصادي، وإنما تفتقر إلى قرار إعطاء الأولوية لهذا المسار باعتباره ضرورة.
2- التوترات الجيوسياسية من أجواء التنافس، وغياب الثقة، كما يتجلى في العلاقات العربية والإيرانية، وحتى داخل التجمعات الأكثر تجانساً، مثل مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي.
3- ضعف التعاون الاقتصادي في المنطقة، إذ تظهر البيانات الاقتصادية، أنه من بين 25 شريكاً تجارياً لأكبر 5 اقتصادات إقليمية يظهر 9 فقط في المنطقة.
4- الاعتماد المفرط على مصادر الاقتصاد الريعية، لا سيما صادرات الطاقة واقتصاد الخدمات، وغيرها، التي تحد من فرص التكامل الاقتصادي.
5- الضعف التشغيلي، في المؤسسات العابرة للحدود، والبنية التحتية، وسياسات الحماية التجارية، والاختلافات التنظيمية والقانونية بين الدول.
فرص التكامل الاقتصادي المتاحة
وتناول المشاركون في مؤتمر منتدى الشرق، الفرص المتاحة التي يمكن لدول منطقة الشرق استثمارها، للتعاون والتكامل الاقتصادي، أهمها:
1- تطوير آليات تكاملية تدريجية على المستوى الإقليمي، خاصة في ظل تنوع إمكانات وموارد دول المنطقة، بما يخلق فرصاً لتبادل السلع والموارد والخبرات.
2- استثمار المصفوفة المتكاملة من موارد الطاقة، وطاقة العمل البشرية، والبنية التحتية الصناعية والزراعية، التي تتوفر في دول منطقة الشرق.
3- إقامة مشروعات مثل الربط الكهربائي، وخطوط النقل الاستراتيجية والتعاون في مجال الأمن الغذائي.
4- تعزيز التجارة البينية، وتطوير البنية التحتية المشتركة.
5- تعزيز الاستثمار المتبادل، لخلق بيئة مواتية للنمو والازدهار المشترك.
ما المكاسب المأمولة من تحقيق التكامل الاقتصادي لمنطقة الشرق؟
بحسب ما تناوله الباحثون والأكاديميون في المؤتمر، فإن الوصول إلى التكامل الاقتصادي بين دول منطقة الشرق، يعود عليها بفوائد اقتصادية ومكاسب، أهمها:
منافسة الأسواق العالمية.
المكاسب التجارية.
منافع سياسية، لأن الترابط التجاري يؤدي إلى الحد من الصراعات بين البلدان، وتحقيق المزيد من الاستقرار الإقليمي.
الحد من الصراعات في المنطقة، واحتواء الانقسامات السياسية.
أما عن مناسبة إثارة هذا الموضوع في المؤتمر، فأوضح المتباحثون، أنه خلال العقدين الماضيين شهد العالم تحولات جوهرية على صعيد التجارة العالمية، فقد تحولت التجارة بشكل كبير إلى الدول الناشئة في آسيا، لكن تظل منطقة الشرق واحدة من المناطق الأقل مشاركة في التجارة العالمية.
وأشاروا إلى أنه بينما تستأثر هذه المنطقة بنسبة 5.5% من السكان في العالم، و3.9% من إجمالي الناتج المجلي الإجمالي العالمي، فإن تجارة المنطقة تتسم بطيف محدود من المنتجات، خاصة صادرات الطاقة والبتروكيماويات، التي تبلغ حصتها العالمية غير النفطية 1.8%، ترتفع إلى 6.2% عند ضم التجارة النفطية.
لذلك، لفت إلى أن تقرير التنمية العالمي 2020، صنّف معدل مشاركة منطقة الشرق في "سلاسل القيمة العالمية" منخفضاً للغاية.
ضعف التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة
واستعرض المشاركون في المؤتمر، التعاون التجاري الإقليمي بين الاقتصادات الأكبر في المنطقة: السعودية، تركيا، الإمارات، مصر، إيران، ليؤكدوا وفق المؤشرات والبيانات الاقتصادية التي استعرضوها، ضعف التعاون الاقتصادي بينها.
إذ إن أكبر خمسة شركاء تجاريين لتلك الدول إما تكون من خارج دول المنطقة، أو يكون هناك دولتين فقط من منطقة الشرق.
واستعرض المؤتمر تجارب الهياكل الاقتصادية الإقليمية، وتسجيلها نجاحات محدودة، إلا أنها مثلت محاولات لتحقيق التكامل الاقتصادي، وتؤكد إمكانية حدوث ذلك، إذا توفرت الإرادة لدى دول المنطقة.
من هذه الهياكل: منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA)، واتحاد المغرب العربي، واتفاقية أغادير (بين مصر والأردن والمغرب وتونس)، و"تحالف الشام الجديد" (بين مصر والأردن والعراق).
كذلك، فإن إيران ومصر والسعودية والإمارات دول عضوة في مجموعة بريكس، إلى جانب عضوية مصر والسودان في منظمة السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا).
لكنها جميعها، سجلت نجاحات محدودة، وفق ما رصدها الباحثون في المؤتمر، لا سيما إذا ما تمت مقارنتها بالنماذج التكاملية الناجحة في مناطق أخرى من العالم، مثل الاتحاد الأوروبي ومنطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية.
واقترح المشاركون أوجهاً للتعاون بين دول منطقة الشرق:
آلية الطاقة مقابل الاستثمارات
من الممكن في ظل امتلاك بعض دول المنطقة موارد كبيرة من البترول والغاز الطبيعي والبتروكيماويات، في حين تعاني دول أخرى من عجز مزمن في تلك المنتجات، إنشاء سوق مشتركة.
تحصل بموجبه الدول المستوردة على المنتجات سالفة الذكر بأسعار تفضيلية، أو نسب خصومات محددة على السعر العالمي، في مقابل حصول الدول المصدرة على تفضيلات استثمارية في الدول المستفيدة من الخصومات.
الربط الكهربائي
نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في الربط الكهربائي، فيما وافقت 22 دولة عربية حتى مارس/آذار 2024، على مقترح إنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء.
وتبدو فرصة التكامل ممكنة في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، تبلغ قدرة مصر على إنتاج الكهرباء نحو 58 ألف ميغاواط، فيما يبلغ الفائض أكثر من 13 ألف ميغاواط.
وتُصدّر مصر الكهرباء إلى أربع دول عربية هي الأردن والسودان وفلسطين وليبيا، لكن إجمالي تلك الصادرات لا يتعدى %0.5 فقط من إجمالي القدرة الخاصة بالشبكة القومية لكهرباء مصر.
يعزى السبب في ذلك، إلى انخفاض قدرة خطوط الربط بين مصر وتلك الدول، التي مر على إنشاء بعضها أكثر من 20 عاماً.
الفرصة في هذا المجال: زيادة قدرة شبكات الربط بما يمّّكن مصر من تصدير الكهرباء لتلك الدول.
لكن، يواجه هذا المشروع مشكلتان؛ أولاً: عدم قدرة مصر على توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الوقود، ثانياً: عدم قدرة بعض الدول مثل السودان وفلسطين على سداد ثمن الكهرباء.
تتطلب هذه التحديات، مزيداً من التكامل، عن طريق دخول أطراف ثالثة في تلك الاتفاقيات، من الدول الإقليمية المصدّرة للنفط والغاز، بحيث توفر الوقود اللازم لتشغيل المحطات.
أما ما يتعلق بعدم القدرة على الدفع، فمن الممكن اللجوء للتبادل السلعي.
على سبيل المثال، تمتلك السودان مقدرات غذائية كبيرة، أهمها اللحوم والحبوب والزيوت؛ لذا قد يكون الحل في المقايضة السلعية.
ويمكن لهذا النموذج التوسع والتعميم على دول أخرى، مثل دول المغرب العربي، وقد يتطور ليصبح ربطاً كهربائياً كاملاً بين دول كل المنطقة.
الأمن الغذائي
تعاني بعض دول المنطقة -وبخاصة بعض دول الخليج- من ظروف مناخية وجغرافية صعبة، وكذلك من قلة الموارد المائية، ما يحد من إمكانية التوسع الزراعي، وتحديات كبيرة في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، ويزيد من اعتماد هذه الدول على استيراد المواد الغذائية.
على الجانب الآخر تمتلك دول مثل السودان وتركيا وإيران ومصر والجزائر والمغرب مؤهالات زراعية.
من هنا، يمكن للتعاون الاقتصادي أن ينشأ، بحيث يستفيد كلا الطرفين.
طرق الربط اللوجستية
تمثل طرق النقل الاستراتيجية فرصة واسعة لدمج مصالح دول متجاورة عدة.
من المتوقع أن هذا النوع من الاستثمار طويل الأجل يساهم في تمسك الدول المشتركة فيه بتطوير التعاون، وتجنب الصراعات فيما بينها للحفاظ على المنافع المشتركة.
إلا أن بعض المشروعات قد تكون مثار توترات أخرى، مثل الأثر السلبي لبعض المشروعات على قناة السويس، أو شعور بعض الدول بتعرضها للإقصاء.