- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
ملوك الطاقة.. كيف يمكن لـ"بريكس" إعادة تشكيل إدارة المناخ العالمي؟
ملوك الطاقة.. كيف يمكن لـ"بريكس" إعادة تشكيل إدارة المناخ العالمي؟
- 7 سبتمبر 2023, 12:56:46 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تستكشف بريكس إمكانية تأسيس ناد مناخي يضم دول المجموعة الرئيسة بجانب البلدان المنضمة حديثا، وهو تحالف وصفه خبراء بأنه سيحكم طاقة العالم.
قررت كتلة البريكس المكونة من دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، توسيع تحالفها ليشمل الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
انعقدت القمة الخامسة عشرة لبريكس في ساندتون، جنوب أفريقيا، في الفترة من 22 إلى 24 أغسطس/آب 2023 تحت شعار "البريكس وأفريقيا: الشراكة من أجل النمو المتسارع المتبادل والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة". وفي الختام اعتمد الزعماء وثيقة ختامية بعنوان "إعلان جوهانسبرغ الثاني".
في إعلان القمة التزم زعماء البريكس بالتعاون من أجل تعزيز السلام، ونظام دولي أكثر تمثيلا، ونظام متعدد الأطراف يتم تنشيطه وإصلاحه، ودفع التنمية المستدامة، والنمو الشامل، وتغير المناخ أيضا.
لا شك أن القوة الصاعدة لمجموعة البريكس أصبحت الآن في قلب المناقشات حول مستقبل الحوكمة العالمية.
على الرغم من الإجماع على أن الاختلافات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية بين دول البريكس كانت تتفوق فيما مضى على القواسم المشتركة، فقد تمكنت سريعا من إدارة مستوى من التعاون فاق التوقعات.
أدى هذا إلى تساؤلات حول تأثيرها على العديد من مجالات السياسة، والتمويل الدولي، وتحديدًا دورها في إعادة تشكيل إدارة المناخ العالمي.
وهو ما ألمح إليه ممثل جنوب أفريقيا، يوليو/تموز الماضي، عندما تحدث عن ضرورة تشكيل نادى للمناخ يضم دول البريكس.
البريكس وتغير المناخ
في مجال السياسات والمفاوضات المتعلقة بتغير المناخ تعمل الأطراف في الغالب من خلال تحالفات أو “تكتلات” للتفاوض معًا، لعرض المصالح الموضوعية للأطراف، على أساس الأهداف والأجندة المشتركة.
تتفاوض البلدان النامية بشكل عام من خلال مجموعة الـ77 والصين، وهي مجموعة شاملة تمثل مصالح أطرافها، لتحديد مواقف تفاوضية مشتركة.
في مفاوضات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ شاركت دول البريكس، إلى جانب روسيا، كأعضاء في كتلة مجموعة الـ77 +الصين، ولم تعمل جميع دول البريكس تاريخياً كتحالف.
على الرغم من التنوع الواسع النطاق في عضويتها، فقد التأمت مجموعة الـ77 + الصين حول 4 مصالح مشتركة، أولا أنهم جميعا ملتزمون بمبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة.
ثانياً، أصروا على ضرورة إعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية الوطنية في السعي لتحقيق الأهداف الاقتصادية المستدامة.
وثالثاً، رفض فرض أي أهداف إلزامية لخفض الانبعاثات.
رابعًا، قاموا بحملة من أجل صرف تمويل المناخ في الوقت المناسب، والذي يعد إضافة إلى المساعدة الإنمائية الرسمية التقليدية.
بدأ الدور التاريخي الذي لعبته دول البريكس كجزء من مجموعة الـ77 + الصين منذ التوقيع على بروتوكول كيوتو 1997.
وقتها، لم يكن يُنظر إلى دول البريكس، باستثناء روسيا، باعتبارها اقتصادات كبرى، ولم تكن انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي قريبة مما هي عليه اليوم.
على سبيل المثال، في عام 1997 كانت الولايات المتحدة أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، ولكن بعد مرور 20 عاما، تضاعفت انبعاثات الصين 3 مرات تقريبًا، لتتجاوز الولايات المتحدة في عام 2015.
بعد الصين والولايات المتحدة ارتفعت أيضًا انبعاثات الهند بشكل كبير، وهي الآن تحتل المرتبة الثالثة في انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، تليها روسيا واليابان والبرازيل.
نتيجة لذلك شكّل الأعضاء الأربعة في مجموعة البريكس خلال مؤتمر cop15 بكوبنهاغن، تحالفًا مناخيًا منفصلًا يعرف باسم BASIC، مع الحفاظ على عضويتها النشطة في مجموعة الـ77 + الصين.
لم تنضم روسيا للتحالف المناخي لعدة أسباب، أهمها أن موسكو تبنت موقفاً يتعارض مع أحد المواقف التفاوضية الأساسية للأعضاء الأربعة الآخرين في التحالف، وذلك عندما زعمت أن البلدان النامية لا بد أن تخضع لالتزامات ملزمة فيما يتصل بالانبعاثات.
نادي بريكس للمناخ
في السنوات التي تلت التأسيس ساهمت مجموعة BASIC بتدخلات فعالة في إدارة المناخ العالمي، أبرزها إصرارها على تعزيز المصالح الرئيسية الأربع للدول النامية، سالفة الذكر.
في المقابل، حاولت دول البريكس تعزيز التعاون في القضايا البيئية خارج التحالف المناخي، لإشراك روسيا، واتفقت في اجتماع بموسكو 2015 على إنشاء فريق عمل معني بالقضايا البيئية، لتحديد ومناقشة مجالات التعاون ذات الأولوية.
الآن، هناك دلائل تشير إلى أن مجموعة البريكس تستكشف إمكانية التوسع في المستقبل القريب فيما يخص العمل المناخي، عبر توسيع تحالف BASIC، ليشمل روسيا ودول أخرى، أو تأسيس ناد مناخي جديد لأعضاء المجموعة.
في نهاية يوليو/تموز الماضي، أعربت بلدان البريكس عن التزامها بالتعاون في مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، حيث أدى التوسع الحضري السريع في البلدان الأعضاء الخمس إلى زيادة الحاجة الملحة إلى التعامل مع مخاطر الكوارث المناخية.
قال قادة حكومات الدول الخمس، في منتدى التحضير لبريكس في ديربان نهاية يوليو/تموز، إنه من المهم للدول الأعضاء تبادل المعرفة والخبرة وفرص التدريب لمعالجة أزمة المناخ، والتوسع الحضري السريع وتطوير الشراكات لبناء المرونة في المدن.
اقترح ديسيجين نايدو، مسؤول التكيف مع المناخ في لجنة المناخ الرئاسية في جنوب أفريقيا، تشكيل ناد مناخ دول البريكس لأول مرة.
قال: "بلدان البريكس تحقق أعلى استثمار في التحول إلى الطاقة المتجددة، كما أنها من بين الدول الأكثر ضعفا في العالم عندما يتعلق الأمر بالكوارث المناخية".
أضاف: "يجب أن تكون الفكرة هي أن نجمع هذه المفاهيم معًا لإنشاء ناد المناخ لدول البريكس، فهذه الكتلة بجانب أنها تمتلك استراتيجية سياسية لمعرفة كيفية التفاوض، فهي أيضا تطور سجلًا حافلًا في الاستثمار في البنية التحتية والتنمية المستدامة".
فيما ألمح الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، في أغسطس/آب الماضي، لذلك عندما قال إن قمة البريكس المقبلة يجب أن تعالج عدم المساواة ودور الدول المتقدمة في مكافحة تغير المناخ.
ملوك الطاقة
تشير توقعات الخبراء إلى أن تأسيس ناد مناخي لدول البريكس، في حال حدوثه، لن يشمل الدول الخمس فقط، بل من المتوقع أن يضم أيضًا البلدان الستة التي انضمت حديثًا للتحالف.
يعزز التقارب الكبير في الأهداف والرؤى المشتركة بين البلدان الستة الجدد والخمسة القدامى، احتمالية تأسيس ناد جديد يشملها جميعًا في وقت قريب.
تشترك معظم هذه الدول في رؤيتها الواقعية لمسألة التخلص من الوقود الأحفوري، وتدرك جيدًا أن الوقود التقليدي سيظل يلعب دورًا مهمًا لسنوات مقبلة.
كما أن المجموعة بشكلها الأحدث تضم 5 دول ضمن أكبر 10 احتياطيات للوقود الأحفوري بالعالم، و5 بلدان ضمن أكبر منتجيه، وفق إحصائيات فوربس.
يمكن أن يحقق ذلك تكاملًا بين هذه الدول فيما يخص أمن الطاقة، فروسيا والبرازيل والسعودية ودولة الإمارات وإيران من أكبر منتجي النفط والغاز، بينما الهند والصين من المستهلكين الكبار.
في نفس الوقت تعمل تلك البلدان على تطوير قدراتها فيما يتعلق بالطاقة المتجددة، وتصنف الصين والهند والبرازيل ضمن أكبر 5 مستثمرين في مجال الطاقة المتجددة، وأصبحت بكين بالفعل أكبر مصّنع للطاقة الشمسية في العالم.
فيما تسير الهند على الطريق الصحيح لزيادة حصتها من موارد الطاقة المعتمدة على الوقود غير الأحفوري إلى 40% من قدرة الطاقة الكهربائية المركبة قبل عام 2022.
فيما يتعلق بالدول المنضمة حديثًا للبريكس تقدم دولة الإمارات نموذجًا ملهمًا، فهي تمتلك القدرة على إنتاج الطاقة الشمسية الأقلّ تكلفة في العالم، وتسعى لتوليد معظم احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النظيفة بحلول عام 2050، والسعودية ومصر أيضًا لديهما خطوات واسعة في هذا المجال.
كما أن مصر والسعودية ودولة الإمارات مرشحة بقوة لتكون دولاً رائدة في إنتاج وتصدير الطاقات النظيفة خلال العقود القليلة المقبلة، على غرار الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، والتي من المتوقع أن تنافس الوقود الأحفوري.
يقول مارك وليامز أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الوطنية الأسترالية: "هذا يعني أن التحالف المناخي لدول البريكس، سيجعلها تتحكم في مستقبل طاقة العالم، بجانب امتلاكها للنفط والمعادن واسعة الاستخدام مثل الحديد، أو المعادن النادرة المستخدمة في الصناعات التكنولوجية".
مجالات تعاون أخرى
هناك مجالات أخرى، فيما يتعلق بالعمل المناخي، يمكن أن تكون جاهزة للتعاون بين الدول الـ11، أبرزها: كفاءة الطاقة، والزراعة، وتمويل التنمية.
حددت مجموعة البريكس كفاءة الطاقة باعتبارها مجالا ذا أولوية في مجال المناخ والطاقة، وفي عام 2016 أنشأت مجموعة عمل معنية بتوفير الطاقة وكفاءتها، في المقابل أبرزت الدول المنضمة حديثًا للمجموعة اهتمامها الكبير بكفاءة الطاقة.
كما تشكل الزراعة حصة كبيرة من انبعاثات الدول الـ11، والأهم من ذلك أنها أيضا قطاع معرض لتأثيرات تغير المناخ مما يثير قضايا الأمن الغذائي.
لدى دول البريكس الرئيسية خصائص فريدة جعلتها تتكامل في التنمية الزراعية وإمكانات التعاون الواسعة في هذا المجال، وامتلاكها كميات كبيرة من القمح، ما يزيد التركيز على الأمن الغذائي والتخفيف من حدة الفقر.
المجال الثالث هو تمويل التنمية، حيث تسعى دول البريكس إلى لعب دور أكبر من خلال بنك التنمية الجديد، الذي يعمل على تعبئة التمويل لمهمة التخفيف.
ووفقاً لمواد اتفاقيته، يهدف بنك التنمية الجديد إلى "تعبئة الموارد من أجل البنية التحتية والتنمية المستدامة في مجموعة البريكس وغيرها من الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية".
تعدّ دولة الإمارات من أوائل المساهمين في "بنك التنمية الجديد"، الذي يسعى لمنافسة "صندوق النقد الدولي" و"البنك الدولي" في تمويل المشاريع التنموية.