- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
ممدوح الولي يكتب: تراجع أسعار الغذاء بالعالم لماذا لا يصل للدول العربية؟
ممدوح الولي يكتب: تراجع أسعار الغذاء بالعالم لماذا لا يصل للدول العربية؟
- 10 يوليو 2023, 6:35:51 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يصاب المواطن بالعديد من الدول العربية بالحيرة، وهو يسمع بالفضائيات ويقرأ بمواقع التواصل الاجتماعي عن استمرار تراجع أسعار الغذاء في العالم، بينما لم ينتقل ذلك التراجع بنفس الدرجة إلى أسواقه المحلية، بل إنه يجد ارتفاعا في أسعار بعض السلع رغم اتجاهها الدولي الهبوطي.
وها هو مؤشر الغذاء العالمي الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، الذي يعبر عن التغير في أسعار خمس مجموعات سلعية هي: الحبوب، واللحوم بأنواعها، وزيوت الطعام، ومنتجات الألبان، والسكر، الذي بلغ أقصاه في آذار/ مارس من العام الماضي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، قد أخذ في التراجع التدريجي بالشهور التالية، لتصل نسبة تراجعه خلال الشهور الستة عشر منذ الشهر التالي للحرب الروسية وحتى الشهر الماضي 23 في المائة.
وبلغت نسبة التراجع في المؤشر الفرعي الخاص بزيوت الطعام في تلك الفترة 54 في المائة، أما المؤشر الفرعي الخاص بالحبوب، الذي بلغ أقصاه في أيار/ مايو من العام الماضي، فقد وصلت نسبة تراجعه حتى الشهر الماضي 27 في المائة، ومنذ تموز/ يوليو من العام الماضي كأعلى أسعار لكل من منتجات الألبان واللحوم، بلغت نسب الانخفاض حتى الشهر الماضي 22 في المائة بمنتجات الألبان و6 في المائة للحوم.
السكر ينفرد بمخالفة الاتجاه الهبوطي
ساهم في ذلك الانكماش الذي لحق بالعديد من البلدان في العام الماضي، وكذلك في الربع الأول من العام الحالي، الذي شمل 13 بلدا أوروبيا، أبرزها: ألمانيا والتشيك وبولندا والمجر وأوكرانيا وكذلك روسيا، وفي آسيا مثل تايوان وسيريلانكا، وفي أمريكا الجنوبية مثل بيرو وتشيلي، مما أثر على الطلب على السلع في تلك البلدان.
وكان المؤشر الفرعي الوحيد الذي أخذ اتجاها صعوديا هو الخاص بالسكر، الذي زاد بنسبة 25 في المائة ما بين أقصى سعر له في نيسان/ أبريل من العام الماضي وحتى الشهر الأخير، مع المخاوف من ظاهرة النينيو على محصول قصب السكر في الموسم الزراعي المقبل، وزيادة قيمة الريال البرازيلي مقابل الدولار الأمريكي.
وأظهرت بيانات البنك الدولي التغيرات السعرية لأبرز تلك السلع الغذائية، ما بين أقصى معدل لها في العام الماضي وحتى الشهر الأخير، حيث تراجع سعر القمح الصلد من 522 دولارا للطن إلى 345.5 دولارا بنسبة تراجع 34 في المائة، وانخفض سعر الذرة من 348 دولارا للطن إلى 267 دولارا، بتراجع 23 في المائة، مع زيادة إمدادات الذرة في الأرجنتين والبرازيل، وتحسن ظروف المحاصيل في الولايات المتحدة.
وهكذا بلغت نسبة التراجع بزيت النخيل 54 في المائة، وبزيت الصويا 49 في المائة، كما انخفض زيت دوار الشمس مع وجود كميات كبيرة متاحة للتصدير، وانخفض فول الصويا 20 في المائة، واللحم البقري 18 في المائة، ولحم الدجاج 12 في المائة، وتسبب انتشار إنفلونزا الطيور في بعض البلدان المنتجة الرئيسية في قلة نسبة التراجع.
وساهم في ذلك الانكماش الذي لحق بالعديد من البلدان في العام الماضي، وكذلك في الربع الأول من العام الحالي، الذي شمل 13 بلدا أوروبيا، أبرزها: ألمانيا والتشيك وبولندا والمجر وأوكرانيا وكذلك روسيا، وفي آسيا مثل تايوان وسيريلانكا، وفي أمريكا الجنوبية مثل بيرو وتشيلي، مما أثر على الطلب على السلع في تلك البلدان.
لبنان وأعلى معدلات التضخم عربيا
وبالنظر إلى معدلات التضخم الأخيرة في الدول العربية، يتضح عدم انعكاس تلك الانخفاضات السعرية عليها، حيث بلغ معدل التضخم في لبنان 260 في المائة بشهر أيار/ مايو، وأكثر من 30 في المائة بمصر في نفس الشهر، وزاد المعدل عن ذلك كثيرا في كل من سوريا والسودان، وبلغ 9.8 في المائة بكل من الجزائر وموريتانيا، و7.1 في المائة بالمغرب في نفس الشهر، كما بلغ 9.3 في المائة بتونس في الشهر الماضي.
أما عن أبرز أسباب عدم انتقال أثر انخفاض الأسعار إلى تلك الدول؛ فأهمها تراجع سعر الصرف، ففي الحالة اللبنانية والمصرية والسودانية ومع انخفاض سعر الصرف، فقد زادت تكلفة استيراد السلع، ربما بمعدل أعلى من نسبة تراجعها في الخارج، ومن ثم فقد تلاشى أثر الانخفاض العالمي لها.
أما عن أبرز أسباب عدم انتقال أثر انخفاض الأسعار إلى تلك الدول؛ فأهمها تراجع سعر الصرف، ففي الحالة اللبنانية والمصرية والسودانية ومع انخفاض سعر الصرف، فقد زادت تكلفة استيراد السلع، ربما بمعدل أعلى من نسبة تراجعها في الخارج، ومن ثم فقد تلاشى أثر الانخفاض العالمي لها. والسبب الثاني، هو قيود الاستيراد التي وضعتها بعض الدول على الاستيراد مع نقص الدولار بها كالحالة المصرية.
والسبب الثاني، هو قيود الاستيراد التي وضعتها بعض الدول على الاستيراد مع نقص الدولار بها كالحالة المصرية. ومن ثم فإن هناك صعوبة لاستيراد تلك السلع بأسعارها المنخفضة الجديدة، وهذا يؤدي حسب قانون العرض والطلب، في ظل انخفاض المعروض عن الطلب لاستمرار ارتفاع أسعار الكثير من السلع. كذلك ثقافة تسعير المخزون من السلع بأسعارها العالية، التي تمنع كثيرا من التجار من خفض أسعارها نظرا لشرائها بالسعر المرتفع.
يضاف لذلك تعدد حلقات الوساطة، فالسلع التي تم شراؤها بسعر منخفض يتم تداولها بين أكثر من يد، بداية من المستوردين إلى تجار الجملة إلى تجار التجزئة، وفي مرحلة تداول، يتم وضع هامش ربح مرتفع على السلعة.
بعض الحكومات تساهم في زيادة التضخم
وهذا إلى جانب انخفاض معدلات التنافسية، واحتكار بعض السلع، خاصة عندما تمارس الاحتكار جهات سيادية نافذة أيضا ضعف الرقابة على الأسواق، وانتشار الرشوة بين العاملين بالرقابة على الأسواق، وهنا يضيف بعض التجار تكلفة ذلك الفساد الذي يتم في شكل إتاوات دورية على أسعار السلع.
الدول المرتبطة ببرامج إصلاحية مع صندوق النقد الدولي مثل تونس والمغرب ومصر، وغيرها ممن حصلت على قروض منه أو تسعى للحصول على قروض مثل لبنان، لا تستطيع التوسع في ذلك الدعم، كما أن العجز المزمن بموازاناتها لا يمكّنها من ذلك إلا في حدود معينة
كذلك مساهمة الحكومات في تلك الزيادات السعرية، فعندما ترفع بعض الحكومات أسعار الوقود، فإن مكون النقل الذي ارتفعت قيمته سينتقل أثره على أسعار السلع، ويتكرر ذلك مع رفع أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي، بل ورسوم الخدمات الحكومية، مثلما يحدث مع رفع هيئة سلامة الغذاء المصرية رسوم فحص السلع الغذائية لدى الجهات الإنتاجية المختلفة.
والغريب أن يتم رفع أسعار الوقود بشكل دوري ببعض البلدان العربية، رغم التراجع السعري لها عما كانت وصلت إليه من ارتفاعات عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث انخفض سعر برميل خام برنت من 120 دولارا للبرميل في حزيران/ يونيو من العام الماضي، إلى أقل من 75 دولارا للبرميل في الشهر الماضي، كما انخفضت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 76 في المائة الشهر الماضي عما كانت عليه عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وإذا كانت معدلات التضخم قد بلغت خلال شهر أيار/ مايو الماضي نسبة تسعة بالألف بسلطنة عمان، و2.6 في المائة بقطر، و2.8 في المائة بالسعودية، و3.1 في المائة بالإمارات، و3.7 في المائة بالكويت، فإن الدعم الحكومي للأسعار يؤدي دوره في تلك المعدلات، خاصة مع استمرار بيع النفط بأسعار مرتفعة نسبييا، مما يوفر موارد لموازنتها تمكنها من تحمل قيمة الدعم.
أما الدول المرتبطة ببرامج إصلاحية مع صندوق النقد الدولي مثل تونس والمغرب ومصر، وغيرها ممن حصلت على قروض منه أو تسعى للحصول على قروض مثل لبنان، لا تستطيع التوسع في ذلك الدعم، كما أن العجز المزمن بموازاناتها لا يمكّنها من ذلك إلا في حدود معينة.