- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
منى العمري تكتب: هل شعر مواطنو إسرائيل بأمان أكثر بعد اغتيال 6 من قادة الجهاد الإسلامي!؟
منى العمري تكتب: هل شعر مواطنو إسرائيل بأمان أكثر بعد اغتيال 6 من قادة الجهاد الإسلامي!؟
- 15 مايو 2023, 3:43:48 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
المُرعب في هذه البلاد، هو ما يروج له الإعلام على أنه مُرعب، والإعلام الإسرائيلي وإن كان يدعي الاستقلالية بشكل أو بآخر إلا أنه يخدم أجندة يمينية احتلالية تُحاجج وتُسائل على أساس فوقية شعب على حساب آخر خدمةً لأجندة صهيونية وليس على أساس حق الناس ولا أحد يسأل عن حياة مدنية.
يصف عاموس يدلين، الرئيس السابق لـ"أمان"، سكان الجنوب بـ"الأبطال" ويقول إن "هذه الحملة العسكرية جاءت لتحقق لهم الهدوء الذي طلبوه ولتحقق الردع"، المهم أن مواطني إسرائيل لن يردع خوفهم وعدم شعورهم بالأمان الشخصي اغتيال قادة الجهاد من عدمه، لكن هذه الاغتيالات كانت الفزاعة الأسهل في الوقت بدل الضائع لرئيس حكومة يحتاج إلى ضربة عسكرية تنقذ حكمه وسمعة دولته في عدة مستويات، خاصةً وأن أرضية ضرب إيران ولو ضربة محدودة كالتي طالت أصفهان نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، ليست جاهزة حتى الآن.
أولا، ينقذ تراجع شعبيته وحزبه الذي أعطته استطلاعات الرأي الأخيرة قبل العدوان 24 مقعدا أي تراجع بـ8 مقاعد، ليغدو ثاني أكبر حزب في الكنيست بعد تقدم وزير الأمن السابق، بيني غانتس، إلى المركز الأول فيما لو جرت للانتخابات اليوم، يضمن اصطفاف إسرائيلي خلفه ولو لفترة وجيزة يبدأ من المعارضة التي اصطف قادتها خلف نتنياهو دون علمهم بأهداف الحملة ولا التفكير بالبعد السياسي الذي يطمح إليه عدوهم اللدود، وينتهي في شارع "كابلان" في تل أبيب الذي ألغى معارضو التعديلات القضائية لأول مرة منذ انطلاق الاحتجاجات قبل 17 أسبوعا الاحتجاجات نظرا للوضع الأمني، يشيح النظر عن مسألة أثارت غضبه لأسابيع وهي عدم مشاركة جنود في الاحتياط في التدريبات الدورية خاصةً سلاح الجو نجم معارك إسرائيل، والذي في ظل رفضه أدخل الانشقاق الحاصل في الشارع الإسرائيلي إلى صفوف الجيش الذي خرجت أصوات من داخل المؤسسة السياسية لأول مرة لتتحدث عن التقسيمات الاجتماعية والإيدلوجية والعرقية بين وحداته، أي الانشغال بالقتال ووقف الجدال.
نتنياهو وإسرائيل.. سمعة واحدة
يندرج هذا تحت نقطتين هامتين وإن يعتبرهما نتنياهو مسألةً واحدة، وهما صورة نتنياهو الشخصية وقوة الردع الإسرائيلية، وكلاهما يحتاج إلى ترميم وإصلاح سمعة في الدقيقة التسعين.
نتنياهو الذي يجلس في حكومة تتكون من أحزاب تقودها عقيدتها الدينية اضطر في الأشهر الأخيرة للدفاع أمام العالم عن بضعة متطرفين كانوا قبل سنوات قادة مجموعات لمستوطنين يعيثون خرابا في قرى الضفة الغربية ويعيشون في المستوطنات غير الشرعية فيها، واليوم غدوا وزراء في حكومته السادسة يهددون بطرد الفلسطينيين ويتحدثون عن إسرائيل الكبرى صباحا وعشيا، لم يؤدوا خدمتهم العسكرية ولا يرى أنهم مؤهلون لإشراكهم في أية قرارات أمنية أو عسكرية، إضافةً إلى أن الرجل في الأشهر الأخيرة ألقى خطاباتٍ أظهرت ضعفا جعلت الإسرائيليين يتساءلون عما إذا كان عصر نتنياهو قد ولى، كالخطاب الذي ألقاه عقب استهداف إسرائيل من 3 جبهات غزة وسورية ولبنان نظرا للاعتداء الإسرائيلي الفاشي على المصلين في المسجد الأقصى في الجمعة الثانية من شهر رمضان المبارك، تحدث عن ضرب نفقين ومصنع أسلحة تابع للمقاومة في غزة، وهو أمر لم يرق للكثيرين، لأن هذا الاعتداء تقوم به إسرائيل في يوم مشمس والجمهور الإسرائيلي يبحث عن إنجاز أمني تاريخي كما عوّده نتنياهو حتى يغفر ما جرى، إضافةً إلى إقالة وزير الأمن، غالانت، وموجة الاعتراض التي جاءت عقب القرار في خضم المظاهرات الرافضة على التعديل القضائي ومعانيه المختلفة بالنسبة للإسرائيليين على اختلاف إيديولوجياتهم ونسبهم، غربيين كانوا أم شرقيين.
نتنياهو يريد أن يُذكّر اليمين الليبرالي الذي يصطف ضده في معركة التعديلات القضائية أنه من يخلّص الإسرائيليين من عدوهم، وأنه لا يزال بمقدوره إدارة معارك مع عدو فعلي على الأرض، وأنه لا يشبه من اضطر للجلوس معهم في الائتلاف الحاكم، وأن يعيد الشرعية بالمفهوم الإسرائيلي للحكومة الأولى في تاريخ إسرائيل التي تلقى رفضا شعبيا ممتدا بهذا الحجم.
أما إسرائيل فهي لا تعيش أجمل أيامها مع الولايات المتحدة، واستنكارا من عدد من دول العالم الأول حول ملف تقويض القضاء، إضافةً إلى تشكيك لم يعد همسا حول قوة الردع أمام تنظيمات وفصائل فلسطينية وعربية.
فصيل يتصدى لدولة
لطالما شدد نتنياهو في خطاباته خلال العمليات العسكرية في ظل حكومته أن إسرائيل سببت للفصيل الفلسطيني الذي تُجرى معه المواجهة خسائر جمة، سواء كان الجهاد أو حماس، لكن إذا كانت الخسائر بالفعل جمة فكيف لهذا الفصيل أن يظهر أكثر قوة وعتادا وبأسا في الجولة القادمة سيما وأن المواجهة الأخيرة مع الجهاد الإسلامي كانت فقط قبل 9 أشهر، إذ استطاع فصيل فلسطيني بمفرده قصف تل أبيب ومشارف القدس وإجبار 70% من سكان مستوطنات "غلاف غزة" على ترك منازلهم، والإبقاء على سكان الجنوب والمركز أياما في الملاجئ، في مواجهة جيش يكلف خزينة الدولة سنويا 70 مليار شيكل واضطر مقابل فصيل فلسطيني ليس الأكبر على الساحة استخدام "مقلاع داود"، فإذا كان رئيس الحكومة الإسرائيلي يرى أن هذه التكلفة مناسبة لشراء بضعة أشهرٍ من الهدوء مع قطاع غزة، أثبتت الجولات العسكرية الـ15 المتعاقبة على القطاع منذ العام 2005 أن قدرات المقاومة بفصائلها المختلفة وغرفة عملياتها المشتركة تسير بدالةٍ تصاعدية تقرأها إسرائيل على الأرض كلما اتسعت رقعة صواريخ الفصائل أكثر، فإن "إسرائيل قد حققت الردع بالفعل".
في مواجهتها الثالثة أمام إسرائيل منفردة أثبتت حركة الجهاد أن تل أبيب البعيدة قرابة 70 كيلومترا عن غزة لم تعد خط مواجهة أخير كما في الحروب الأخيرة على قطاع غزة، بل إن رد الجهاد الإسلامي الذي انتظرته إسرائيل بضغطٍ كبير يوم ونصف، قد بدأ منها في الرشقات الأولى من العملية التي أطلقت عليها سرايا القدس، الجناح العسكري للجهاد الإسلامي بـ"ثأر الأحرار".
الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، دانيئيل هغاري، قال قبل ساعات من دخول التهدئة حيز التنفيذ مع انتهاء يومها الخامس، إن العملية العسكرية حققت أهدافها في الثواني الأولى لها مع اغتيال القادة العسكريين في صفوف الجهاد، وهذه جملة ليست عبثية، بل تشير إلى أن الدولة الأقوى في الشرق الأوسط ومنذ الأيام الخمسة التي تلت الثواني التي تحدث عنها الناطق بلسان الجيش لم يكن لديها أي تصور ولا خطة حول سير المعركة أو شكل نهايتها، وهذا يفسر دعم جهود الوساطة في الساعات الأولى.
امتناع إسرائيل عن التوقيع على اتفاق مكتوب فضفاض خال من الضمانات لا ينزع عنها تاريخيا السمعة التي لأجل إنقاذها دخلت إلى جولة تصعيد وخرجت منها بعد خمسة أيام من الاتفاق ولو شفهيا مع فصيل فلسطيني في قطاع غزة المحاصر، لم يجلب نتنياهو الردع المطلوب وانطلاقا من الأسبوع المقبل ستعود المظاهرات المعارضة للتعديلات القضائية للشوارع، وفي ظل الأسئلة الكثيرة والخسائر الإسرائيلية التي طالت الاقتصاد الإسرائيلي بعيدا عن تكاليف المواجهة وإن تمكن نتنياهو من رفع عدد مقاعد حزبه في استطلاعات الرأي إلا أنه سيبقى بعيدا عن تصدر القائمة في الفترة القريبة على الأقل، سيرسخ في عقل المؤسسة الأمنية جيدا أن إستراتيجية قتال جديدة فرضها فصيل تحب إسرائيل أن تصفه بالصغير أو بـ"ليس حماس" في بضعة أيام كان جل هم قادتها ألا تدخل الأخيرة على المشهد، بل ومحاولة تجنب الحديث عن غرفة عمليات مشتركة، وفي السطر الأخير يردد قادتها خلف رئيس حكومتهم جملة "الهدوء مقابل الهدوء"، مع من.. مع الفصيل الصغير؟ ألا يسمى هذا في بديهيات القتال ردعا مضادا!؟