- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مونديال قطر 2022: مفارقات لافتة في النفاق الغربي
مونديال قطر 2022: مفارقات لافتة في النفاق الغربي
- 24 نوفمبر 2022, 2:51:34 ص
- 582
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
انطلق نقاش غير مسبوق بشأن كأس العالم 2022 منذ حصول قطر على حق استضافة هذا الحدث العالمي الكبير في عام 2010.
وفي حين أن العديد من الأحداث الرياضية الدولية غذت النقاشات الأخلاقية حول سجلات حقوق الإنسان في البلدان المضيفة - مثل الجدل حول قمع الصين للأويغور في شينجيانغ قبل الألعاب الأولمبية في بكين هذا العام - لم تتعرض أي دولة مضيفة للهجوم الشرس الذي تعرضت له قطر.
ومن اللافت أن هذا الجدل مليء بالنفاق والاستشراق والنزعة الأوروبية. وتتركز الانتقادات الرئيسية على معاملة قطر للعمال الأجانب، لا سيما أولئك الذين يعملون في البنية التحتية المتعلقة بالمونديال.
وأنفقت البلاد نحو 220 مليار دولار على بناء الملاعب والطرق والبنية التحتية الأخرى لدعم البطولة الدولية، وكانت تهدف إلى تجهيز 130 ألف غرفة فندقية.
وبالفعل، يعاني العمال الأجانب في قطاعي البناء والضيافة في جميع دول الخليج، بما في ذلك قطر، من ظروف العمل السيئة وساعات العمل الطويلة والأجور المنخفضة.
لكن تدابير السلامة لمشاريع البنية التحتية الكبيرة جيدة نسبيًا. بالإضافة إلى ذلك، قامت قطر ودول الخليج الأخرى بإصلاح نظام الكفالة، الذي كان يمنع العمال في السابق من تغيير وظائفهم دون إذن من أصحاب العمل. كما قدمت قطر مؤخراً حداً أدنى للأجور.
وفي حين أن هذه التغييرات في قوانين العمل إيجابية، إلا أنها لا تذهب بعيدًا بما فيه الكفاية، وكانت وسائل الإعلام الغربية محقة في انتقاد ظروف العمل السيئة التي يواجهها العمال الأجانب. لكن التقارير حول هذه القضية كانت مليئة بالنفاق.
في الواقع، إن معظم شركات البناء التي عملت في مشاريع كأس العالم، إلى جانب العديد من الفنادق والمساكن، هي غربية. كما يتقاضى الغربيون العاملون في هذه المشاريع رواتب أعلى في قطر.
ومع ذلك، نادرًا ما يتم تناول هذه الحقائق من قبل النقاد الغربيين لسجل قطر في مجال حقوق الإنسان.
ويعتبر الغربيون من أكبر المستفيدين من التوزيع غير العادل والظالم للأجور في دول الخليج، بما في ذلك قطر، لكن هذه القضية لم تكتسب زخمًا في التغطية الغربية.
وغالبًا ما يتم تقديم حزم تعويضات جذابة، بما في ذلك نفقات الانتقال والإقامة، إلى جانب الرواتب المعفاة من الضرائب.
وكما أشار الصحفي البريطاني "بيرس مورغان"، فإن النفاق الغربي واضح أيضًا في سلوك الشركات الإعلامية.
وبينما تدين بعض الجهات سجل حقوق الإنسان في قطر والظروف الصعبة التي يواجهها العمال الأجانب، فقد أرسلت نفس هذه الشركات موظفيها للاستمتاع بالكماليات ذات الأسعار المعقولة التي يتيحها هؤلاء العمال أنفسهم.
واتسمت الانتقادات حول كأس العالم في قطر بمزيج من التفوق الأبيض والاستشراق. وأطلق البعض على البطولة وصف "كأس العالم للصحراء".
وخلال تغطيتها للجدل حول البطولة، استخدمت "بي بي سي" مجازًا مسيئا حيث قالت إن المونديال "تعرض لعاصفة ترابية من الجدل".
في غضون ذلك، نشرت صحيفة "ديلي ستار" مقالاً "حصرياً" بعنوان: "صوت الإبل خارج مقر المنتخب الإنجليزي في قطر يجعل الفريق يواجه ليالي بلا نوم".
وتعتمد هذه التغطية على صورة نمطية استشراقية لمن يعيشون في العالم العربي، مما ينقل انطباعًا غير دقيق للقراء الغربيين.
وفي حين أن قطر ربما كانت دولة صحراوية صغيرة قبل أن تحصل على استقلالها من الاستعمار البريطاني في سبعينيات القرن الماضي، إلا أنها الآن دولة تعج بالبنية التحتية والشواطئ والمباني والكوادر البشرية المتميزة.
وللإنصاف: لقد عشت في الخليج لما يقرب من عقد من الزمان، ولم أر جملًا مرة واحدة.
ويعد الشعور بالمركزية الأوروبية عاملا آخر في الجدل الدائر حول كأس العالم في قطر.
وفي سلسلة "نتيفلكس فيفا"، تساءل أحد المعلقين عن كيفية وصول المشجعين الأوروبيين إلى قطر.
هذا سؤال صحيح، ولكن لماذا لم يتم طرح نفس السؤال بشأن مشجعي الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا الجنوبية عندما يتم استضافة كأس العالم في أوروبا وهو تم ما يقرب من 12 مرة.
وركزت التغطية الإعلامية الغربية أيضًا على حرارة الصيف الشديدة في قطر، ولهذا السبب تم تحديد موعد البطولة في نهاية المطاف في نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول.
ووفقًا لصحيفة "ديلي ميل"، فإن هذا القرار "حرمنا من صيف كروي". ولكن لماذا يجب على جميع الدول جدولة أهم الأحداث الرياضية الدولية وفقًا لقضاء العطلات في أوروبا؟ لا توجد إجابة باستثناء المركزية الأوروبية.
وسئل مراسل فرنسي عن انطباعه الأول عن قطر، فأجاب أن بها "الكثير من المساجد". وتعزز مثل هذه التعليقات فكرة شعور الغربيين بعدم الراحة خارج البيئة الأوروبية التقليدية.
ولكن لماذا لا تكون الدول الأخرى قادرة على استضافة كأس العالم وعرض ثقافاتها وتقاليدها؟
نعم، تتمتع أوروبا بتقليد كروي قوي وقد فازت بكأس العالم أكثر من أي قارة أخرى. لكن كرة القدم هي لعبة عالمية ويجب أن يتجسد ذلك في التوزيع العادل بين الدول والمناطق والقارات.
ويوفر كأس العالم 2022 فرصة لمعالجة قضايا حقوق الإنسان في قطر والدول العربية الأخرى. في الوقت نفسه، يوفر فرصة لتسليط الضوء على النفاق والاستشراق والنزعة الأوروبية في التغطية الإعلامية الغربية.
المصدر | فراس ابو هلال/ ميدل إيست آي