- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
نتنياهو: عدنا لـ”حراسة العتبة” ولا مكان بيننا ليساري أو عربي
نتنياهو: عدنا لـ”حراسة العتبة” ولا مكان بيننا ليساري أو عربي
- 3 نوفمبر 2022, 6:16:18 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لقد أدار الليكود وبنيامين نتنياهو في الشهرين الأخيرين حملة مخططة ومهندسة ومنضبطة بدرجة لا تصدق. تم إسكات أعضاء الكنيست الذين يصرخون من المقاعد الأخيرة حتى إغلاق صناديق الاقتراع، وتم إخفاء التحالف مع ايتمار بن غبير، وعرض المرشح لرئاسة الحكومة وجهاً مسؤولاً رسمياً تقريباً. في كل مرة سئل فيها نتنياهو عن احتمالية إجراء تغيير تشريعي ودراماتيكي بعد انتخابه، كان يقدم إجابة غامضة متعمداً.
لكن هناك أمراً واحداً، مع ذلك، انحرف عن الخط وعن التصميم المحافظ للدعاية الانتخابية، وهو إعلان لليكود باللون الأسود القاتم تحت عنوان “هذا يكفي”، وقد ظهر على اللافتات في كل زاوية من البلاد رئيس الحكومة السابق، يئير لبيد، وشريكه في الائتلاف عضو الكنيست منصور عباس من “راعم”، وأيضاً، شكراً لعجائب الفوتوشوب، أعضاء الكنيست أيمن عودة وأحمد الطيبي (حداش – تاعل)، اللذان فعلا كل ما في استطاعتهما لمساعدة نتنياهو على إسقاط حكومة التغيير.
يبدو أنها رسالة قد تم استيعابها بشكل جيد في أوساط مصوتي الليكود و”الصهيونية الدينية” والأحزاب الدينية. من المرجح أنها ساعدت نتنياهو في تحقيق الفوز الذي يلوح في الأفق. إلى جانب سياسة الهوية والدعم لصراع بقاء نتنياهو ضد جهاز القضاء الذي حسب رأيه يطارده، عمل عامل حاسم آخر على حسم الانتخابات، وهو كراهية العرب والرغبة في ضمان إبعادهم عن جميع مراكز القوة. نتنياهو كالعادة، عزف بقدرة على المشاعر العنصرية مع نشر ادعاءات لا أساس لها عن 53 مليار شيكل خصصتها حكومة بينيت – لبيد – غانتس للإخوان المسلمين وحماس.
الخوف والكراهية تجاه العرب في إسرائيل ازداد أكثر عقب أعمال الشغب في المدن المختلطة أثناء عملية “حارس الأسوار” في أيار 2021 (في أيام حكم نتنياهو الأخيرة). إلى ذلك، من الجدير إضافة تطور لم يحصل على الاهتمام المطلوب في وسائل الإعلام، وهو ارتفاع الجريمة العربية ضد اليهود (السطو وسرقة معدات زراعية وأخذ الإتاوة بدل الحماية، وأعمال الشغب)، خصوصاً في النقب والجليل. هذه العمليات التي ازدادت في فترة نتنياهو واصلت التجذر في السنة الأخيرة.
تمثل الشعور العام بفقدان السيطرة والأمن الشخصي في الاتصالات مع العرب داخل إسرائيل أكثر مما هو تجاه الفلسطينيين في “المناطق” [الضفة الغربية]. يواصل الليكود الركوب على التوجه الديمغرافي الواضح واستغلال حقيقة أنه بالنسبة لجمهور واسع وتقليدي ومتدين – قومي وأصولي، فإن مشاركة العرب في الحكم هي خرقة حمراء يجب الانقضاض عليها بكل قوة. ومثلما أشير من قبل بكل مكان، ففي الوقت الذي أحسن فيه نتنياهو تحصين أسوار معسكره باتفاقات مسبقة، سجل الطرف المقابل أهدافاً ذاتية، من غطرسة كارثية لرئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي، وحتى النزاعات الداخلية بين القوائم العربية.
في الـ 15 سنة التي تولى فيها الحكم مع توقف واحد لمدة عشر سنوات، شاهدنا وجوهاً مختلفة لنتنياهو. ظهرت أكثر من مرة فجوة بين الخطاب المتشدد والهجومي، وبين الأفعال نفسها. فتهديدات أعداء إسرائيل لم تترجم إلى مغامرات عسكرية، والتطاول على جهاز القضاء لم يخدمه حتى الآن من أجل القيام بمحاولة تغيير الديمقراطية من الأساس. الظروف في هذه المرة مختلفة كما يبدو. ستلتقي الحاجة (سن قانون يوقف الإجراءات القضائية ضده) مع القدرة (حكومة يمينية متطرفة، الشركاء فيها سيكونون مسرورين من تقييد محكمة العدل العليا وتثليم أسنان الشرطة والنيابة العامة).
في المرات القليلة التي تطرق فيها نتنياهو إلى إصلاحات قضائية محتملة، قال شيئاً ما عن لجنة يجب أن تنظر وتوصي. يمكن التقدير بثقة معينة بأن أعضاء هذه اللجنة قد تم تعيينهم بالفعل وتم تحديد أهدافها. النتيجة المهمة بالنسبة لنتنياهو هي وقف محاكمته، لكن ذلك سيرافقه تغيير في التشريع الذي قد يغير الديمقراطية في إسرائيل. رجال القانون الذين يتابعون الإجراءات على قناعة بأن الائتلاف الجديد يمكنه استكمال هذه الإجراءات خلال بضعة أشهر بدون صعوبة، باستثناء احتجاج جديد واسع في بلفور والشوارع.
لا توجد فائدة كثيرة من صرخات استنجاد تقليدية يطلقها اليسار حول نهاية الدولة. خلافًا لبعض التقديرات التي نشرت في الهواء مؤخراً، فإن هناك شكاً كبيراً حول إغلاق صحف أو رمي المثليين عن الأسطح أو إقامة معسكرات تجميع لمعارضي النظام. حتى الآن، ما تم التخطيط له سيئ بما فيه الكفاية. ولا يمكن تجاهل الارتفاع النيزكي لقائمة يتكون جزء كبير منها من مؤيدي مئير كهانا، أصحاب أيديولوجيا عنصرية. هنا تندمج الخارطة السياسية مع الرؤى الأيديولوجية والتأثيرات المحتملة للوضع الأمني. سيكون للحكومة شركاء، ولبعضهم ملفات سميكة في القسم اليهودي لدى “الشاباك”. قد يُطلب من رئيس الجهاز رونين بار، ورجاله، الإبلاغ عن المعلومات الحساسة التي لديهم.
في القرارات المصيرية التي سيتخذها “الكابنت” حول خطوات عسكرية أو استخبارية بعيدة المدى، والتي قد توصل إسرائيل إلى شفا الحرب، سيشارك أشخاص ليست لهم أي علاقة بالخدمة العسكرية، ولا نريد التحدث عن المخاطرة بالخدمة القتالية. الأغلبية الساحقة من مصوتي “يهدوت هتوراة” ورؤساء الحزب وجزء من مصوتي “شاس” لا يخدمون في الجيش الإسرائيلي أبداً. في قيادة “الصهيونية الدينية” عدد غير قليل من الذين خدموا خدمة قصيرة أو مؤجلة (مسارات مدارس الاتفاق الدينية، مراقبو الحلال وغيرهم)، أو الذين لم يرغب فيهم الجيش بشكل عام بسبب مواقفهم المتطرفة. مؤخراً، ظهر وبحق اهتمام كبير بالصيغ المتناقضة التي قدمها لبيد عن الطريقة التي مر فيها أثناء خدمته النظامية في صحيفة “بمحنيه”. مقارنة مع عدد من ورثته في “الكابنت”، فإن لبيد نصف جنرال، وفي الحكومة الآخذة في التبلور يظهر رؤساء “الصهيونية الدينية” على الأقل متحمسين للمعركة.
كل ذلك عوائق يجب على نتنياهو التفكير فيها في أعلى الطريق، لكنها ستحصل كما يبدو على أفضلية أخرى بالنسبة لخططه بخصوص جهاز القضاء. سيفكر نتنياهو في تعيين الجنرال احتياط يوآف غالنت وزيراً للدفاع، لكن من المرجح أن يطلب الاحتفاظ لنفسه بتأثير كبير على ما يجري في الوزارة. في هذه الحالة، ستكون أهمية كبيرة لمسألة من الذين سيتم تعيينهم في منصب رئيس هيئة الأمن القومي ومنصب مدير عام وزارة الدفاع. يمكن التقدير بحذر أن الاثنين اللذين يتوليان هذه المناصب الآن، الدكتور ايال حولتا والجنرال احتياط امير ايشل، لن يبقيا هناك لفترة طويلة. من بين المرشحين المحتملين لهذه المناصب ذكر في السابق كتوقع اسم رئيس هيئة الأمن القومي تحت نتنياهو مئير شباط والجنرال احتياط ايال زمير والجنرال احتياط عميكام نوركين.
في الوقت نفسه، سيدخل هرتسي هليفي إلى منصب رئيس الأركان في كانون الثاني القادم. وإلى جانبه سيواصل بار منصبه رئيساً للشباك، ودافيد برنياع رئيساً للموساد. تم تعيين كل من هليفي وبار في المنصب من قبل الحكومة التاركة، وحاول الليكود وضع العقبات أمام تعيين الحكومة الانتقالية لهليفي. من اللحظة التي سيشكل فيها الائتلاف القادم لن يمر كثير من الوقت إلى أن تعود وسائل الإعلام إلى استخدام الكلمات البالية “حراس العتبة”.
بقلم: عاموس هرئيل