نجاح حركة طالبان في أفغانستان يعطي زخمًا لنظيرتها في باكستان

profile
  • clock 13 نوفمبر 2021, 4:49:35 م
  • eye 930
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بيشاور (باكستان) – (أ ف ب) – أعطت سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان زخمًا إضافيًا لنظيرتها الباكستانية “طالبان باكستان” التي برزت من جديد منذ عام، ما أرغم إسلام أباد على التفاوض معها لتجنّب العودة إلى الوقت الذي كانت ترعب فيه البلاد.

شنّت “طالبان باكستان”، وهي حركة منفصلة عن طالبان الأفغانية لكن تحرّكها الأيديولوجية نفسها وتاريخ مشترك طويل، هجمات دامية لا تُحصى هزّت باكستان بين إنشائها في 2007 و2014.

لكن بعد ذلك أضعفتها عمليات مكثّفة شنّها الجيش وأُرغمت على الانسحاب إلى الجهة الأخرى من الحدود في الشرق الأفغاني وتقليص هجماتها على الأراضي الباكستانية.

إلا أنها استعادت قوّتها منذ أكثر من عام بفضل قيادة جديدة ولاسيما بعد عودة طالبان إلى الحكم في أفغانستان في آب/أغسطس.

يقول مصدر من حركة “طالبان باكستان” لوكالة فرانس برس، “منذ سقوط كابول، بات بامكان (مقاتلينا) التحرك بحرية (أكبر) من الجانب الأفغاني. لم يعد لديهم خوف من طائرات مسيرة أميركية، وبات باستطاعتهم عقد لقاءات والتواصل بسهولة”.

ظهرت استعادة الثقة هذه أواخر تشرين الأول/أكتوبر من خلال نشر صور زعيم “طالبان باكستان” المفتي نور ولي محسود يتنقل علنًا في أفغانستان ويصافح السكان ويتحدث على الملأ. هذا الأمر كان مستحيلًا في ظل الحكومة الأفغانية السابقة الموالية للدول الغربية.

تبنت حركة “طالبان باكستان” 32 هجوماً في آب/أغسطس و37 في أيلول/سبتمبر، وهو أعلى عدد هجمات تتبناها الحركة خلال شهر منذ “خمسة أو ستة أعوام”، بحسب ما أعلن الباحثان أميرة جدعون وعبد السيد في مقال نُشر مؤخراً. كما أعلنت الحركة مسؤوليتها عن 149 هجومًا عام 2020، أي أكثر بثلاث مرّات من تلك التي نفّذتها عام 2019.

يشير الباحث في جامعة بيشاور سيد عرفان أشرف إلى أن الحركة “تريد استنساخ إنجاز طالبان الأفغانية”.

أُنشئت “طالبان باكستان” على أيدي جهاديين باكستانيين ينتمون إلى تنظيم القاعدة كانوا قد قاتلوا في صفوف طالبان في أفغانستان في التسعينات، قبل أن يعترضوا على الدعم الذي قدّمته إسلام أباد للأميركيين بعد غزوهم أفغانستان عام 2001.

– التحام جديد –

ينتمي أعضاؤها بشكل أساسي لاتنية البشتون على غرار عناصر طالبان الأفغانيين الذين لطالما دعمتهم باكستان بشكل سرّيّ لتحافظ على نفوذها في أفغانستان وتضع حدًا لتأثير عدوّتها الهند.

نشأت حركة طالبان باكستان في المناطق القبلية في شمال غرب باكستان على الحدود مع أفغانستان، وقتلت في أقلّ من عقد، عشرات آلاف الباكستانيين من مدنيين وعناصر قوات الأمن.

سمحت العملية التي أطلقها الجيش الباكستاني عام 2014، بطرد الحركة من المناطق القبلية، بعدما ضعُفت جراء هجمات مسيرّات أميركية وانقسامات داخلية وانضمام عدد من عناصرها إلى الفرع الإقليمي لتنظيم الدولة الإسلامية.

اعتبارًا من العام 2015، تراجعت الحركة كثيراً، لكن بعد مقتل قائدها الملا فضل الله بطائرة مسيّرة أميركية، استجمعت قواها.

استُبدل فضل الله بنور ولي محسود وهو من عشيرة محسود التي تثير الرعب والمتحدرة من جنوب وزيرستان التي يتحدّر منها أيضًا مؤسس الحركة بيت الله محسود.

تحت قيادتها الجديدة، التحمت الحركة اعتبارًا من صيف 2020 عبر ضمّ نحو عشرة فصائل مقرّبة من القاعدة أو مجموعات سابقة في الحركة تركتها لفترة.

في الوقت نفسه، ضعُف “تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان” بسبب تخبطه بين الجيش الأفغاني الذي كان مدعومًا من الولايات المتحدة وحركة طالبان التي كانت آنذاك متمردة.

في محاولة لتحسين صورة حركته والتميّز عن تطرّف “تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خرسان”، طلب نور ولي أن تركز هجمات حركته على قوات الأمن وليس المدنيين.

– مفاوضات بطيئة –

جدّد تأكيده على دعم حركة طالبان الأفغانية التي تقاتل حاليًا تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خرسان خصمها الرئيسي الذي كثّف هجماته الدامية في العاصمة كابول وخارجها.

تضمّ حركة “طالبان باكستان” بين 2500 وستة آلاف مقاتل بحسب الأمم المتحدة، وعادت لتثير الرعب مجددًا في مناطق القبائل، رغم أنها لم تعد تسيطر عليها جزئيًا كما كانت في العقد المنصرم.

يروي أحد شيوخ عشيرة محسود لوكالة فرانس برس أن عناصر الحركة لا يظهرون علنًا في منطقة القبائل كما كانوا يفعلون من قبل، “لكن الناس يشعرون بوجودهم” خصوصًا خلال ساعات الليل.

ويقول إن في منطقته جنوب وزيرستان التقليدية جداً والمتشدّدة دينيًا، “معظم الناس يحبّون طالبان الأفغانية، لأن ما تفعله هو باسم الإسلام”.

تحظى حركة “طالبان باكستان” بتقدير البعض، لكن الناس يخشون خصوصًا أن تدشّن عودتهم حقبة عنف جديدة.

في تشرين الأول/أكتوبر، أعلنت الحكومة الباكستانية التي لا تُخفي قلقها، أنها بدأت مفاوضات سلام مع الحركة للمرة الأولى منذ العام 2014.

وأعلن الطرفان مطلع الأسبوع أنهما توصلا إلى وقف إطلاق نار لمدة شهر قد يتمّ تجديدها في فترة المفاوضات.

وطرحت الحركة الإفراج عن نحو مئة من عناصرها كشرط مسبق لهذه الهدنة، بحسب مصدر في الحركة. لكن السلطات لم تؤكد موافقتها على هذا الطلب.

تتقدم إسلام أباد ببطء في هذه المفاوضات إذ إن اتفاقات سابقة بقيت حبرًا على ورق.

أفادت إذاعة “مشعل” أن هذه المفاوضات يرعاها وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني وهو زعيم شبكة حقاني التي تصنّفها واشنطن إرهابية والمعروفة منذ زمن بأنها مقرّبة جدًا من الجيش الباكستاني.

التعليقات (0)