- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
نحل ينقرض وأزهار تذبل.. «العسل اليمني» تحت وطأة الحرب والتغير المناخي
نحل ينقرض وأزهار تذبل.. «العسل اليمني» تحت وطأة الحرب والتغير المناخي
- 1 أغسطس 2022, 1:13:38 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن الخبراء يَعُدُّون العسل اليمني من الأفضل في العالم، لكن «خسائر فادحة» لحقت بالإنتاج منذ اندلاع الحرب عام 2014، وفق ما جاء في تقرير لوكالة «فرانس برس» نشره موقع «المونيتور» الإخباري.
يستهل التقرير بالقول: لطالما كان إنتاج العسل عملًا مربحًا للنَّحال اليمني محمد سيف، لكن سنوات الحرب وتغير المناخ أسكتت طنين النحل الذي كان يدوِّي في أرجاء المنحل الذي تملكه عائلته. وقال سيف لوكالة «فرانس برس إن العمل الذي ورثه عن أبيه وجده «يختفي تدريجيًّا»، مضيفًا أن «النحل يتعرض لظواهر غريبة، فهل يحدث ذلك بسبب تغير المناخ أم بسبب تداعيات الحرب؟ نحن حقًا لا نعرف».
دور حيوي
وتلفت الوكالة إلى أن اليمن، أحد أكثر دول العالم فقرًا، يعاني من ويلات حرب دامية منذ 2014، والتي تدور رحاها بين الحوثيين المدعومين من إيران من جهة، وبين القوات الحكومية المدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية من جهة أخرى.
وقُتل مئات الآلاف من الأشخاص في هذا الصراع أو بسبب المرض وسوء التغذية على مدار السنوات الثماني الماضية، ودُمِّرت البنية التحتية للبلاد. لكن الهدنة الهشَّة التي توسَّطت فيها الأمم المتحدة صمدت منذ أبريل (نيسان)، جلبت بعض الراحة للبلاد وسكانها الذين أنهكتهم الحرب.
بائع عسل يمني
ويلفت التقرير إلى أن سيف شَرَعَ في الآونة الأخيرة في تقييم مَنْحله في وادي وعر المحيط به الجبال في منطقة تعز جنوب غربي اليمن. وقال سيف إن الأسرة كانت تدير منحلًا به 300 خلية قبل الحرب، ولم يتبقَّ منها سوى 80 خلية.
وتقول الأمم المتحدة إن العسل يؤدي «دورًا حيويًّا» في الاقتصاد اليمني، ذلك أن دخل 100 ألف أسرة يمنية، يعتمد اعتمادًا كُليًّا على صناعة العسل. ويرى الخبراء أن العسل اليمني من أفضل العسل في العالم، بما في ذلك عسل السدر الملكي ذو القيمة العالية المعروف بخصائصه العلاجية.
تداعيات الحرب وتغير المناخ
ونقلت الوكالة ما جاء في تقرير أصدرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في يونيو (حزيران) وقالت فيه إن «خسائر فادحة لحِقت بصناعة النحل منذ اندلاع الصراع»، وأضافت أنّ «الصراع المسلَّح وتغير المناخ يهددان استمرارية ممارسة تمتد جذورها إلى 3 آلاف عام».
وأوضحت اللجنة أن «موجات النزوح المتتالية فرارًا من العنف، وتأثير التلوث الناجم عن استخدام الأسلحة على مناطق الإنتاج، والتأثير المتزايد لتغير المناخ تضع الآلاف من مربي النحل في حالة من عدم اليقين، مما يقلل الإنتاج كثيرًا».
وكذلك تؤدي زيادة وتيرة التصحر إلى تقليل مساحة الأرض التي تنمو فيها النباتات المزهرة التي يعتمد عليها النحل في تغذيته.
وقال سيف: «العام الماضي ضرب صاروخ خلايا مربي نحل في قريتنا، وفقد ذلك المربي كل شيء». وأضاف أن «الحرب كان لها أثر سيئ للغاية فينا. لقد استهدف المقاتلون عديدًا من المناطق التي يوجد بها النحل».
وقال بشير عمر من اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن النزاع حدَّ من قدرة النحالين على التجول بحرية في الأرض، عندما تتفتح الأزهار لجمع العسل، ومن بين التحديات التي يواجهونها أيضًا الألغام الأرضية وجبهات القتال النشطة.
اضطراب النظام البيئي للنحل
وأشار تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أنّ «ما يزيد الطين بلة هو تأثر اليمن بالنزاعات مثل بقية الدول، وتأثره الكبير بالتغير المناخي»، وفق ما نقلته الوكالة. وأضافت أن «ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة، إلى جانب التغييرات الشديدة التي طرأت على البيئة، سبَّب اضطرابًا في النظام الإيكولوجي للنحل، الأمر الذي يؤثر سلبًا في عملية التلقيح».
وتابعت اللجنة: «ومع انخفاض منسوب المياه الجوفية وزيادة التصحر، لم تعد المناطق التي كانت موطنًا في السابق للأنشطة الزراعية وتربية النحل تحافظ على سُبل العيش هذه». وتقدم اللجنة الدولية الدعم المالي والتدريب هذا العام لمربي النحل بعد مبادرة مماثلة في عام 2021 ساعدت من خلالها قرابة 4 آلاف واحد منهم.
تراجع القدرة الشرائية
يقول أصحاب المتاجر في مدينة تعز اليمنية، ثالث أكبر مدن اليمن، إنهم كانوا يعيشون حياة جيدة للغاية من بيع العسل قبل الحرب، لكن الآن قلة من العملاء يستطيعون تحمل تكاليفه، وفقًا للتقرير. ويتذكر نبيل الحكيم، الذي يبيع الرحيق الأصفر الشهير في اليمن في متاجر تعز، الأيام الذهبية الخوالي قبل أن يدمر الصراع في بلاده.
يقول حكيم: «قبل الحرب كان بإمكاننا تأمين حياة كريمة عن طريق بيع العسل.. لكن العسل أصبح نادرًا ولم يعد بإمكان العملاء تحمل تكاليفه». وأوضح: «في السابق، كنتُ أبيع ما يصل إلى 25 عبوة سعة خمسة كيلو شهريًّا. والآن لا يمكنني حتى بيع عبوة واحدة»، وفق ما تختم به الوكالة الفرنسية تقريرها.