- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
نصر القفاص يكتب :"محمد نجيب" الذى لا يعرفه المصريون!! (10)
نصر القفاص يكتب :"محمد نجيب" الذى لا يعرفه المصريون!! (10)
- 29 أبريل 2021, 4:40:00 م
- 1122
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
إضبط أعصابك وأنت تقرأ تفاصيل الساعات التى سبقت 23 يوليو, حسب رواية "محمد نجيب" ولا أملك أن أقول "ممنوع الضحك"!!
يروى "صاحب المذكرات" حكايته فيقول: "يوم 2 يوليو تولى حسين سرى رئاسة الوزارة, وبعد ثمانية أيام إستقبل الرجل حافظ عفيفى رئيس الديوان الملكى..
كان يحمل مذكرة مكتوب فيها.. إذا لم يتمكن حيدر باشا من نقل 12 ضابطا يتآمرون على الملك خلال خمسة أيام يتم طرده فورا..
وسأل حسين سرى رئيس الديوان عن أسماء هؤلا الضباط.. أجاب: لا أعرف.. فاستدعى حسين سرى بعدها حيدر باشا لسؤاله عن هؤلاء الضباط.. فقال: لا أعرفهم"
الحقيقة أن وزارة "حسين سرى" تعرض تشكيلها لأزمة, حين رفض "مرتضى المراغي" تولى وزارة الحربية, فتولاها رئيس الوزراء إلى جانب منصبه..
وعين "محمد هاشم" زوج ابنته وزيرا للداخلية.. وبالتالي كان اللقاء بين "حسين سرى" كوزير للحربية وحيدر باشا" كرئيس للأركان..
وفى اللقاء تحدث رئيس الوزراء عن عشرين ضابطا, وليس 12 هم الذين يثيرون غضب الملك.. ونفى "حيدر باشا" معرفته بهم, وأكد له أن الأوضاع مستتبة و"كله تمام"..
ولم يذكر "محمد نجيب" أن "حسين سرى" استشاط غضبا عندما علم بأمر حل نادى الضباط دون علمه.. كما لم يذكر أن الملك وافق على إنهاء خدمة "حسين سرى عامر" و"محمد نجيب" فى قرار واحد.
. والحقيقة أن "حسين سرى" إقترح اسم "محمد نجيب" وزيرا للحربية بعد أسبوعين من تشكيل وزارته عندما سمع من "إسماعيل سرى" – إبن شقيقته ضابط فى الجيش – أن الضباط الأحرار يحظون بثقة الأغلبية العظمى فى الجيش..
وأكد له أنهم إذا تحركوا سيحدث ما لا يتصورونه.. وفى ضوء ذلك كثف رئيس الوزراء اتصالاته بقادة الجيش الذين أكدوا جميعا أن "كله تمام"!!
التوضيح كان ضروريا وواجبا.. ثم نعود لرواية "محمد نجيب" التى يقول فيها: "كان حسين سرى يعرف حالة التذمر فى الجيش من صهره ووزير داخليته محمد هاشم باشا,
الذى التقى بى مرة وأحس بخطورتى قبل أن يشكل حسين سرى الوزارة.. وعندما شكلها أراد أن يضع الجيش فى جيبه فوضع اسمى فى كشف الوزارة لكن الملك شطب الاسم"!! ثم يضيف
: "استدعاني حيدر فى مكتبه واتهمنى بتحريض الضباط, وحملني مسئولية تصرفاتهم.. أنكرت ذلك وقلت له: الضباط يسلكون هذا الطريق لأنهم يصدمون بأشياء كثيرة لا يرضون عنها, وأعتقد أن العلاج فى إصلاح الجيش لا فى اعتقال الضباط"!!
يقول "أول رئيس لمصر" والذى يدعى قيادته لتنظيم سرى فى الجيش: "خرجت من مكتب حيدر إلى بيت جمال عبد الناصر..
وأوقفت سيارتى بعيدا وسرت على الأقدام, لكنى لم أجده فى المنزل.. إتصلت بحسن ابراهيم وقابلته فى النادي وطلبت منه أن يحذر زملاءه, بعد أن رويت له ما دار بيني وبين حيدر
لكنني عرفت فيما بعد أن حسن ابراهيم لم يذهب لأحد وأنه خاف على نفسه من الاتصال بهم فى ذلك الوقت"!!
لاحظ أن "محمد نجيب" سيحرص على رشق "حسن ابراهيم" بسهامه, لأسباب أهمها أنه كان رافضا تنفيذ قرار حل نادى الضباط..
ثانيها أنه كان قريب جدا من "جمال عبد الناصر" قبل وبعد الثورة.. وثالثها أنه كثيرا ما سخر منه كلما حاول مناقشته فى موضوع..
وآخرها أنه هو الذى اصطحبه من "قصر عابدين" إلى فيلا "زينب الوكيل" ليقضى إقامته الجبرية!!
لا بد أن نطرح سؤالا.. لماذا يغادر قائد التنظيم – الثورة – مكتب القائد العام للجيش – حيدر – ويتوجه إلى أحدهم من الذين يصفهم بأنهم الضباط الصغار؟!
وفات عليه أن المسافة التى وضعها "عبد الناصر" بينه وبين أقرانه, لم تكن تسمح لأحد بأن يزوره دون موعد مسبق – كلهم فى مذكراتهم أجمعوا على ذلك
– والمدهش أنه بحث عن أحد هؤلاء الصغار – حسن ابراهيم – ليروي عليه ما حدث له.. ولم يذكر أنه فكر فى الاستقالة,
عندما شعر بخطورة الموقف وقال ذلك للمحرر العسكري لأخبار اليوم "جلال ندا" الذى أبلغ "مصطفى أمين", فتحرك على الفور "مصطفى أمين"
ونقل ذلك إلى "كريم ثابت" وزير الدولة المشرف على الإذاعة والمقرب جدا من الملك.. وبناء عليه طلب "كريم ثابت" من "مصطفى أمين" أن يحكى ما سمعه لوزير الداخلية "محمد هاشم"!!
كل هذه الوقائع لم يذكرها "محمد نجيب" لكنه كتب يقول: "يوم 18 يوليو.. حضر إلى بعد الغروب فى بيتي شخص اسمه غرس الدين وهو رجل عرفته منذ كان يعمل مع محمود القليني باشا وكيل الداخلية
, وكانت تربطني به علاقة عائلية لأنه قريب زوجتي, وقال لى: هاشم باشا يريد مقابلتك فى بيته"
الحقيقة أن هذا الرجل كان مدير مكتب وزير الداخلية, وكلفه الوزير بالبحث عن اللواء "محمد نجيب" وإحضاره فورا إلى البيت وإبلاغه فور وصوله!!
نعود لرواية "محمد نجيب" القائل: "وافقت.. ذهبت معه إلى شقة الوزير فى الزمالك دون أن أحمل طبنجة, ودون أى احتياط.. لم نجد أحدا فى الشقة,
كان على الباب شرطى, وفتح لنا الباب شرطى آخر يرتدى الملابس المدنية.. إنتظرت فى غرفة الصالون حتى الساعة الثانية إلا الربع, لأن الوزير كان فى اجتماع لمجلس الوزراء..
بدأت الشكوك تلعب فى نفسى, وتصورت أننى وقعت فى كمين لاغتيالى والتخلص منى.. حزنت أننى لم أحمل المسدس.. إنتقلت إلى مقعد آخر بجوار فازة نحاس, قد أضطر لاستخدامها فى الدفاع عن نفسى.. فى الثانية صباحا حضر الوزير"!!
لك أن تتخيل أن قائد تنظيم "الضباط الأحرار" كما يدعى "محمد نجيب" يكون فى بيته بعد الغروب.. ويكون جاهز للتحرك إلى بيت وزير الداخلية فورا..
ويجلس فى الانتظار حتى الثانية صباحا.. ولأنه لم يحمل سلاحه إقترب من "فازة" قد يضطر للدفاع بها عن نفسه لحظة محاولة اغتياله..
وهو يبرر طول الانتظار للوزير بأنه كان فى اجتماع لمجلس الوزراء, دون أن يتذكر أن الوزارة كانت تعقد اجتماعاتها وتمارس مهامها حينها من الإسكندرية لوجود الملك هناك!!
نعود لتفاصيل لقائه مع وزير الداخلية, كما يحكيه: "بعد السلامات والتحيات.. سألنى لماذا يتذمر الضباط فى الجيش؟.. قلت له: يتذمرون مما حدث فى النادى,
وما حدث فى فلسطين ومن الأسلحة الفاسدة, وبسبب سحب الملك للإعانة المخصصة للنادى.. فجأة سألنى: مارأيك فى منصب وزير الحربية؟.
. ضحكت.. قال: هل يعتبر ذلك كافيا لإزالة أسباب التذمر؟ هل تقبل هذا المنصب؟.. قلت له: لو قبلت سأكون سببا فى إقالة الوزارة خلال 24 ساعة.
. فقال لى: هناك 12 شخصا عرفت الجهات المسئولة أسماء ثمانية منهم.. قالها الرجل بطريقة عابرة.. حاولت قدر استطاعتى أن أبدو متماسكا, وكأن الأمر لا يعنينى..
فى الطريق من الزمالك إلى بيتى فى الحلمية أدركت أن الموقف خطير جدا.. تناولت العشاء ونمت نوما متقطعا"!!
لا تعليق على الرواية.
نستكمل ما جاء فى الفقرة التالية: "صباح اليوم التالى – هذا يعنى انه يوم 19 يوليو – فوجئت بحضور جلال ندا الضابط السابق والمحرر العسكرى ومعه محمد حسنين هيكل رئيس تحرير آخر ساعة لسؤالى عما دار فى مقابلتى مع محمد هاشم وزير الداخلية..
دهشت لتسرب الخبر إليهما – لاحظ ما بين الفجر والصباح تسرب الخبر – وهذا يعنى أن مصطفى أمين كان يعرف هذا الخبر..
بل أننى أشك أن المقابلة التى تمت بينى وبين محمد هاشم لم تتم فى بيته, وإنما فى بيت مصطفى أمين.. لكن معرفة محمد حسنين هيكل بالخبر كانت مثار دهشتى..
فأنا عرفت هيكل عندما كان مراسلا حربيا فى فلسطين.. وأذكر أننى قابلته, وقال لى: أنا كنت فى سراى عابدين, وعرفت أن هناك أمرا سيصدر بالاستغناء عن خدماتك وسينشر فى صحف الغد.. كان ذلك قبل الانقلاب"!!
لا داعى للتعليق.. لأن للقصة بقية كما كتبها "صاحب المذكرات"!!
يقول "محمد نجيب" بالنص: "قبل ظهر ذلك اليوم حضر إلى بيتى جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر.. كل منهما كان يرتدى بنطلونا رماديا وقميصا أبيضا..
وضح من حركاتهما أنهما يريدان أن يسرا إلى بشىء.. تركت هيكل وندا فى الصالون, وأخذتهما إلى حجرة الطعام.. لكن بعد أن طلب هيكل أن أقدمه لهما.. وكان لقاؤه الأول بهما"!!
لنا أن نتخيل أن "محمد حسنين هيكل" عرف اللواء "محمد نجيب" وقت الحرب, ولم يعرف "جمال عبد الناصر" مع أن تحقيقات "هيكل" المنشورة أكدت على تعارفه مع "عبد الناصر" فى الفالوجة..
وكتب "هيكل" كثيرا عن علاقته مع "عبد الناصر" دون أن يذكر حكاية هذا اللقاء فى بيت "نجيب".. قد يكون هذا ليس مهما.. لأن المهم أن "هيكل" وندا" جلسا معه من الصباح حتى الظهر فى بيته!!
يكمل "أول رئيس لمصر" الحكاية: "فى حجرة الطعام قالا لى: إننا وإخواننا نرغب فى تقديم العملية إلى 4 أو 5 أغسطس لسببين..
الأول هو اكتمال وصول الكتيبة 14 مشاة إلى القاهرة.. والثانى هو أن يكون الضباط قبضوا مرتباتهم"!!
لاحظ أن "محمد نجيب" فى حكايته تلك عاد إلى تسمية الحدث التاريخى بـ"الانقلاب"!! ولتأكيد المعنى ولزوم تشويه القائمين عليه, يقول أنهم يرغبون فى تقديم العملية إلى 4 أو 5 أغسطس
– يقصد تأخير – ليقبض الضباط مرتباتهم.. أى أنهم فى طريقهم للإعدام فى حالة الفشل.. لكنهم لا ينسون المرتب!! ولم يذكر "محمد نجيب" أن السفير الأمريكى "كافرى" أبلغ "حسين سرى" رئيس الوزراء يوم 17 يوليو خلال مقابلة جمعتهما فى الإسكندرية,
بأن لديه معلومات عن وجود تمرد فى الجيش, وأنه قد يحدث شئ خطير.. كما لم يذكر أن "مصطفى أمين" كان مصدر السفير الأمريكى, كما كان مصدر معرفة "كريم ثابت" وزير الدولة و"محمد هاشم" وزير الداخلية بوجود تمرد فى الجيش.
لك أن تتخيل رد فعل "محمد نجيب" على ما قاله له "عبد الناصر" و"عامر" فهذا رجل ثائر, وخطير كما يصف نفسه.. كما أنه يحمل روحه على كفه من وقت مبكر..
فقد كان مستعدا للانقلاب على الملك "فؤاد" وعرض ذلك على "النحاس" فما بالك بما يمكن أن يفعله ضد "فاروق" الذى تحداه!!
يقول "محمد نجيب" أنه رفض الاقتراح: "قلت لهما: القوات التى معنا كافية لإنجاح مهمتنا.. وليس هناك مبرر لانتظار المرتبات, فالثوار لا ينبغى أن ينظروا إلى الماديات..
يجب القيام بالحركة فى أسرع وقت.. بعد يومين أو ثلاثة على الأكثر.. إقتنعا بما قلت واتفقنا على أن تكون ساعة صفر الانقلاب ليلة 21 – 22 يوليو"
بالتأكيد سيتسرب لك الشعور بأن الاتفاق على يوم "الانقلاب" كما يراه "محمد نجيب" أحيانا و"الثورة" كما يسميها فى أحيان أخرى.. بأنهم كانوا يتفقون على رحلة أوسهرة بمناسبة عيد ميلاد أحدهم!!..