- ℃ 11 تركيا
- 28 ديسمبر 2024
هادي جلو مرعي يكتب: لكن الحرب على مصر مختلفة
هادي جلو مرعي يكتب: لكن الحرب على مصر مختلفة
- 27 ديسمبر 2024, 10:24:30 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ينبغي التفكير مليا قبل إطلاق الأحكام، أو الجزم بما سيحصل خلال الفترة المقبلة مع حالة عدم اليقين التي تسيطر على العالم بعد تسارع الأحداث، والتغيير الصادم في سوريا التي رضخت لحكم البعث الإستبدادي لعقود جعلت الشعب السوري المختنق يرى في هيئة تحرير الشام قنينة أوكسجين يمكن أن تعيد له الحياة ليستنشق هواء الحرية مجددا، ومع صمود النظام لأكثر من إثنتي عشرة سنة فقدت سوريا خلالها الكثير من وجودها وتأثيرها، وربما أثرها، لكن من المهم التركيز على مايمكن أن تفعله الدول التي قادت ماسمي بالثورة المضادة للربيع العربي الذي يمكن أن اسميه الربيع القطري الذي دفعت رياحه الدوحة مع رياح قادمة من الشمال، وأعني تركيا ليذهب بإتجاه مصر واليمن وسوريا وليبيا التي هي هدف معلن لتنظيم الإخوان وداعميه والمعولين عليه لإعادة تنظيم الشرق الأوسط البديل لفكرة الوطن العربي كما كان يسمى، وهي دول يبدو أنها بحاجة الى ماهو أبعد من مفهوم الثورة المضادة، وقد يرقى الى مستوى وصفه بالحرب المضادة، ولكن بعد التأمل، وفهم طبيعة الحدث وجسامته، وماهو الفرق بينه، وبين ماسبقه من أحداث أيام الربيع العربي. فالربيع السوري تحول الى إعصار غير مسبوق بسرعة تغيير هائلة إقتلعت نظام الأسد، وكل ماكان يعول عليه من قبل حكومات في الخليج ومصر، وحتى الأردن، وهي دول تحتفظ بكتل إخوانية تمتلك الخبرة والرغبة والفهم العالي للجغرافية السياسية في تلك الدول، ولايبدو إنها إستسلمت للهزيمة التي طبعت وجودها في مصر مثلا، وحتى في سوريا التي تشارك فيها الإخوان طموح التغيير مع فصائل سياسية وعسكرية ومتطرفة للإطاحة بالأسد، وأدت بليبيا الى الضياع والفوضى وتقاسم الجغرافية والمدن، وباليمن ليتحول الى ساحة لتصفية الحسابات مع إن الوطن المسمى بالعربي بأسره هو ساحة لتصفية الحسابات، ولألعاب الكبار إذا شاءوا في أي مكان فيه لأن لامكان يمكن أن يكون عصيا على قرارات الفوضى التي تصدر من واشنطن وتل أبيب، وعواصم غربية مؤثرة تريد لهذا الوجود أن يتغير، ولتلك الدول أن تتحول الى دويلات.
تسرع كثر على قاعدة التمني، وليس وفقا لقاعدة فهم الأحداث وتسلسلها الزمني والمكاني والأهداف والغايات، وصرخوا بصوت صادح: الدور العراق، وهو تصور ممكن، وليس مستحيلا طالما كان للعراق دور في أحداث سوريا وفلسطين المحتلة ولبنان، وتحالفات مع محور ممتد من إيران الى سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة واليمن، وهدد لمرات ومرات مايسمى وفقا للفهم الغربي أمن إسرائيل، ولمشاركة فصائل عراقية وبفاعلية عالية في الهجمات العسكرية على إثر أحداث غزة ولبنان، وبالفعل فيمكن لواشنطن أن تتخذ، ومعها إسرائيل إجراءات عسكرية عنيفة للرد على تلك الهجمات، وإستهداف الفصائل العراقية، وربطوا ذلك بتغيير شامل للنظام السياسي في العراق ليكون التالي بعد سوريا، وهذا ليس دقيقا تماما، فما تريده واشنطن وحلفائها من العراق تحقق بعد العام 2003 من خلال تفكيك الدولة، وإعادة بنائها وفق قواعد تلائم إستراتيجية معدة منذ عقود، ولهذا فمايمكن أن تقوم به واشنطن حتى مع إمكانية القيام بعمل عسكري في العراق هو إعادة ترتيب الأولويات، ودفع قوى سياسية ومسلحة لتكون خارج المشهد، والإحتفاظ بالنظام القائم خاصة مع الحديث عن المطلوب من بغداد القيام به لتجنب صدام محتمل تدفع إليه رغبات تل أبيب، ورعاتها الغربيين.
بعد تدمير الجيش السوري، وتفكيك مؤسسات الدولة، والتخلص من كل مايملكه هذا الجيش من أسلحة ومعدات فإن مصر هي التالية حتما لأنها تمثل تهديدا حقيقيا لإسرائيل، وحلم قيام الدولة الموعودة من الفرات الى النيل، وللأسف فهذا مشروع يلتقي ومشروع جهات مسلمة دون إتهام بالتواطؤ فقد يكون ذلك بالتزامن، وليس بالتضامن خاصة وإن اتباع تلك الجهات يحملون في أدبياتهم الرفض للوجود الصهيوني في فلسطين، ويتعاطفون مع فرعهم الحمساوي الذي يقاتل في غزة منذ عام كامل، ولكنهم بالتأكيد يحلمون بإقامة نظام إسلامي ممتد من تركيا حتى شمال أفريقيا، وربما البلدان المسلمة في أفريقيا وآسيا، والعالم بأسره لو إستطاعوا الى ذلك سبيلا، وقد يحلمون بإزالة الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين ..الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجه تحذيرا حاسما للقوات المسلحة المصرية، وللشعب المصري بأسره من تداعيات ماجرى في سوريا مؤكدا إن المهمة إنتهت في دمشق، ويراد لها أن تبدأ في عواصم أخرى، ونبه الى الحرب الإقتصادية التي تشن على مصر منذ فترة، وبهدف إرهاق الشعب، ونشر الفوضى، وضرب الجيش، ووضعه في دائرة الحرج في حال أي صدام داخلي محتمل، وأكد إن مصر هذه المرة سترد على أي مساس بها بالطريقة الملائمة.