- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
هاشم عبدالعزيز يكتب : في محبة القليوبي
هاشم عبدالعزيز يكتب : في محبة القليوبي
- 8 مايو 2021, 12:55:56 ص
- 929
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سألتني أمي ذات يوم عن ذلك الفارق الكبير بين جودة الصوت و الصورة في أفلامنا التي تعرضها قنواتنا المحلية وبين نفس الأفلام التي تعرضها القنوات الأخرى .
وحكيت لها ما جرى في مدينة بيع يا عواد على غرار ما قاله القليوبي بالصورة في فيلمه الأول ، فيلم تخرجه ، " حكاية ما جرى في مدينة نعم " ،
حكيت لها عن تلك الحرب الشرسة التي خاضها الرجل حتى لا تتم تلك الصفقة المشبوهة ، كيف كان فلاحا تضرب المصرية في لحمه ودمه عندما
وقف مدافعا عن شرفنا وتراثنا السينمائي الذي ضاع بعد جسارة وصمود دام لسنوات طويلة .
الدكتور محمد كامل القليوبي واحد من أهم المخرجين المصريين في تاريخ السينما المصرية ،
السينما دار الخلود والتي لا تخلد في نظري إلا من يستحق التخليد والزمن قادر على بلع من لا يستحق ومحوه بكل عدل وهدوء .
كان القليوبي أستاذا ومربيا بارعا حتي يخيل إلي أنه يدرس لنا الأن من داخل روضته عندما نقرأ كتبه ونشاهد أحاديثه وأفلامه خاصة التسجيلية منها التي تفيض بالمصرية الخالصة .
لقد حكي القليوبي عن محمد بيومي اول من وقف وراء الكاميرا وأخذ يوثق تاريخ المصريين بالصورة وعودة سعد زغلول من المنفى،
عن سينما بورصة طوسون، حكي عن نجيب الريحاني وخميس وبقري .
وفي أفلامه الروائية لم ينفصل عن أوجاع الشعب فقدم لنا " ثلاثة على الطريق " " البحر بيضحك ليه " " خريف ادم " أتفرج يا سلام " .
ان إنتاج القليوبي يبدو في نظري ضخما ذلك ان قيمة الواحد منهم يساوي مائة فيلم من النوعية التي تصنع الأن.
لقد قدم القليوبي الكوميديا والرومانسية في فيلمه " أتفرج يا سلام " بذكاء شديد يحترم عقل المشاهد ويحرضه على التمسك بالقضايا الإنسانية مثلما فعل في ثلاثة على الطريق وقدم لنا سائق النقل
وراقصة المولد والطفل المسافر إلى أمه في طنطا ، خلطة عظيمة من المشاعر الإنسانية مع مادة وثائقية ممتازة للشارع المصري في فترة الإرهاب التسعيناتية التي وثقها بكاميرته في الشارع وضمها إلى الفيلم .
كما أنه كان يحترم الأدب ويحبه ولم يكن يعرف الغيرة أو الأنا وظهر ذلك في فيلمه خريف آدم المأخوذ عن رواية الكاتب الكبير محمد البساطي الذي حولها القليوبي إلى تحفة إنسانية مصورة كانت جديرة بأن تنافس في الأوسكار عام 2005 .
قدم لنا القليوبي نسخ جديدة من كل الممثلين، فكان لمحمود عبد العزيز شكلا أخر معه ، وكذلك عايدة رياض وهشام عبد الحميد ولطفي لبيب وغيرهم .
كما أنه قدم يحيى الفخراني واحمد بدير لأول مرة في فيلمه القصير الأول عندما كان طالبا " حكاية ما جرى في مدينة نعم "
لم تكن قضية بيع تراثنا السينمائى هي الحرب الوحيدة التي خاضها القليوبي بل كانت هناك معارك أخرى كان فيها بطلا شجاعا ومنها انه نجح في عودة النسخة الأصلية من فيلمنا المصري
" الناس والنيل " والتي كان قد هربها يوسف شاهين بعد ان عبث بفيلمه مقص الرقابة وأزال الجزء الروائي منه واحتفظت بالمادة الوثائقية
وارسلتها إلى سيناريست فيلم الأرض الذي كتب سيناريو يرضي الرقابة حينها فما كان من يوسف الا أن يرسل الفيلم إلى فرنسا التي رممته واحتفظت به
ليعود الفيلم بعد سنوات طويلة على يد الدكتور القليوبي والتي كانت مصروفات عودته وترميمه لا تذكر ولكنها كانت تحتاج مسؤولا وطنيا .
في مثل هذه الأيام وبالتحديد في ٨ مايو ولد الدكتور القليوبي وبدأت القصة الكبيرة الخالدة التي لن تموت أبدا