- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
هاني بشر يكتب: هل ستكون بولندا في مرمى موسكو بعد أوكرانيا؟
هاني بشر يكتب: هل ستكون بولندا في مرمى موسكو بعد أوكرانيا؟
- 6 أغسطس 2023, 4:46:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ترسم الحروب كثيرا من حدود الدول ويرسم التاريخ مسار كثير من الحروب وهو ما حدث ويحدث مع بولندا حاليا التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها من دولة تسعى للتعافي الاقتصادي والتقدم والنهوض كعضو في الاتحاد الأوروبي إلى دولة تماس على خط النار مع أوكرانيا. وقد بدأ التململ الروسي مبكرا من دور بولندا كدولة ممر للأسلحة والمعدات لأوكرانيا ووصل إلى ما اعتبرته وارسو تهديدا روسيا علنيا لسيادتها وتهديدا عسكريا صريحا قادما من بيلاروسيا.
وحتى نفهم أزمة بولندا ينبغي التنويه أنها من دول أوروبا الوسطى وهي دول تعاني من أزمة هوية أوروبية فلا هي تنتمي إلى معسكر أوروبا الغربية مثل فرنسا وهولندا بكل ما تملكه من مقومات سياسية واقتصادية وعسكرية وصناعية ولا هي من معسكر شرق أوروبا المنقسم بين دعم موسكو ومحاولة الاتحاد الأوروبي استمالته والاستثمار السياسي والعسكري فيه.
من الناحية النظرية فإن وراسو وكييف على قلب رجل أوروبي غربي واحد في مواجهة موسكو. ومن الناحية العملية فإن كل منهما يدفع فاتورة جوار الآخر. فبولندا أصبحت في مرمى النيران السياسية والدبلوماسية وأخيرا العسكرية والأمنية من موسكو منذ بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا. ووصل الأمر إلى أثمان تتعلق بالمنتجات الزراعية، فمؤخرا نشب تلاسن دبلوماسي ظهر للعلن بسبب المنتجات الزراعية الأوكرانية ودورها في التأثير السلبي على المزارعين البولنديين الذين تريد وارسو أن يتمكنوا من التسويق وبيع منتجاتهم ولا يتعرضوا لمنافسة من المنتجات الأوكرانية الأرخص ثمنا. ولم يقف الأمر عند التلاسن بل وصل إلى استدعاء السفير البولندي في أوكرانيا ونظيره الأوكراني في بولندا.
لقد كانت بولندا هي شرارة الحرب العالمية الثانية حين غزتها ألمانيا عام 1939 وعانت من ويلات هذه الحرب كما لم يعاني أي بلد أوروبي آخر دارت رحى الحرب على أرضه. ولا يمكن الجزم بأنها ستكون شرارة حرب عالمية ثالثة، لكن المهم أن قدر بولندا الجغرافي والسياسي وضعها في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين بين فكي القوى الكبرى وجعلها تدفع أثمانا باهظة من حريتها وحدودها.
عسكريا قالت بولندا بوضوح على لسان رئيس وزرائها ماتيوش مورافيتسكي إن مجموعات من مليشيات فاغنر العسكرية تتحرك نحو حدودها وهو ما يعني التحرش بالجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي الناتو. وردت وارسو بإرسال نحو ألف جندي إلى الحدود مع بيلاروسيا. ووصف رئيس الوزراء الوضع بأنه بالغ الخطورة. ولم تسفر هذه التحركات عن اشتباكات عسكرية حتى الآن لكن واضح من أن هناك من وضع البنزين بجوار النار في انتظار أية شرارة للاشتعال.
سياسيا قال الرئيس الروسي فلادمير بوتين الشهر الماضي إن بولندا حصلت على أراض في المناطق الغربية بسبب الرئيس الروسي السابق جوزيف ستالين وهو ما اعترضت عليه بولندا واعتبرته تهديدا لدولة ذات سيادة وتحديا لحدودها المعترف بها دوليا. ووصل الأمر بأن قال نائب وزير الدفاع الروسي السابق أندريه كارتابولوف الشهر الماضي بأنه يعتقد بأن قوات فاغنر موجود في بيلاروسيا للتحضر لهجوم على بولندا وأنها ستكون جاهزة للاستيلاء على أراض بولندية خلال ساعات.
لقد كانت بولندا هي شرارة الحرب العالمية الثانية حين غزتها ألمانيا عام 1939 وعانت من ويلات هذه الحرب كما لم يعاني أي بلد أوروبي آخر دارت رحى الحرب على أرضه. ولا يمكن الجزم بأنها ستكون شرارة حرب عالمية ثالثة، لكن المهم أن قدر بولندا الجغرافي والسياسي وضعها في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين بين فكي القوى الكبرى وجعلها تدفع أثمانا باهظة من حريتها وحدودها.
والأهم من هذا وذاك هو رد فعل حلف شمال الأطلسي على صيحة الاستنجاد التي أطلقها رئيس الوزراء البولندي، إذ لم يتجاوب الحلف جديا مع هذه الصيحة ولم يدر أي حديث عن إمكانية تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الدفاع الجماعي للحلف. وبعد أن أبلغته وارسو بالوضع اكتفى بالقول إنه يراقب الوضع. وهذا أمر يقبل كثيرا من التأويلات أهمها أن مسرح العمليات العسكرية في شرق أوروبا مرشح لدخول فاعلين جدد مثل قوات فاغنر ودولة مثل بيلاروسيا.