هكذا وجه الفلسطينيون ضربتين قويتين للرواية الإسرائيلية

profile
  • clock 28 مايو 2021, 5:26:38 م
  • eye 690
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

المصدر:  سامي حمدي إنسايد أرابيا

توصلت إسرائيل وحماس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة اعتبارا من 21 مايو/أيار، بعد يوم من مطالبة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بالسعي إلى وقف التصعيد، وسط محاولات وساطة من جانب مصر وقطر والأمم المتحدة

وفي الأيام التي سبقت وقف إطلاق النار، تكثفت الجهود الدبلوماسية لوضح حد للاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، بما في ذلك قصف غزة واقتحام المسجد الأقصى ومحاولات إخلاء حي الشيخ جراح من سكانه الأصليين.

وتسبب الصراع، الذي بدأ في أوائل مايو/أيار، في خسائر كبيرة في الأرواح حيث قتل أكثر من 227 فلسطينيًا و 12 إسرائيليًا. وسعى "نتنياهو" إلى إنقاذ حياته السياسية من خلال اتباع نهج هجومي عنيف، بعد فشله في تشكيل حكومة ائتلافية. علاوة على ذلك، صعدت المؤسسة الإسرائيلية من محاولاتها للتطهير العرقي في القدس الشرقية وهو الأمر الذي قوبل بمقاومة من جانب الفلسطينيين، الذين رفضوا التهجير بالرغم من المضايقات التي لا هوادة فيها والقيود التعسفية.

ليس هناك شك في أن "نتنياهو" سيستفيد محليًا من هذه الموجة الأخيرة من الصراع المستمر منذ عقود بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين. ومن المتوقع أن يتمسك "نتنياهو" بالسلطة من خلال قانون الطوارئ قبل الدفع لإجراء انتخابات جديدة من أجل تأمين محاولة أخرى لتشكيل الحكومة. وسيكون البديل بالنسبة لـ"نتنياهو" هو المحاكمة بتهم الفساد، وبالتالي فهو حريص على الحفاظ على الحصانة.

وفي الواقع، تسبب الفلسطينيون في هزيمتين كبيرتين لإسرائيل من غير المرجح أن تتعافى الأخيرة منها.

كان أول انتصار مدوي حققه الفلسطينيون هو كسر احتكار إسرائيل للسردية والخطاب والمصطلحات التي غالبًا ما يتم التطرق إليها عند النقاش حول الصراع. وللمرة الأولى ، يُناقش الصراع من خلال مصطلحات تعكس بدقة أكبر الحقائق على الأرض. فقد أصبحت كلمات "الفصل العنصري" و "الاحتلال" و "الاستعمار" طبيعية في المناقشات السائدة.

واكتسب "الفصل العنصري" زخمًا في البداية من خلال تقرير "هيومن رايتس ووتش" بتاريخ 27 أبريل/نيسان، والذي أعقب ورقة سابقة لمنظمة حقوق الإنسان "بتسيلم" صدرت في 12 يناير/كانون الثاني.

وجلبت النائبتان "إلهان عمر" و"رشيدة طليب" هذه المصطلحات أيضًا إلى قاعة الكونجرس في مايو/أيار، في لحظة قوية ورمزية لا يمكن إنكارها نظرًا لموقف الولايات المتحدة التقليدي المتمثل في توفير حصانة لا جدال فيها لأفعال إسرائيل. واستخدم "جون أوليفر" المصطلح في حلقة (تمت إزالتها الآن من قناة العرض HBO) من برنامح "Last Week Tonight" بينما قام عدد متزايد من المشاهير والشخصيات العامة بنشر مصطلحات "الفصل العنصري" و "جرائم الحرب الإسرائيلية" أيضًا.

أصبحت هذه الظاهرة ممكنة بسبب الظروف الفريدة التي وقعت فيها الهجمات الإسرائيلية الأخيرة. فهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها خوض هجوم من هذا النوع في زمن الإعلام اللامركزي. فمن خلال وسائل التواصل الاجتماعي تمكن الفلسطينيون من الوصول ونشر رسالتهم ليتجاوزوا الاحتكار التقليدي للمعلومات الذي تقوم به وسائل الإعلام التقليدية في الماضي.

وتمكن الفلسطينيون من إرسال مقاطع فيديو وموجزات حية وصور بشكل فعال عبر تطبيقات وشبكات متعددة لمشاركتها مع العالم. وكان لهذه المنشورات تأثير كبير على الرأي العام العالمي لدرجة أن وزير الدفاع الإسرائيلي "بيني جانتس" اجتمع على وجه السرعة مع المديرين التنفيذيين لشركتي "فيسبوك" و "تيك توك" في 14 مايو/أيار للمطالبة بإزالة المحتوى المؤيد لفلسطين بحجة "التحريض" و"خطاب الكراهية".

كما وفرت الزيادة في استخدام الفلسطينيين لوسائل التواصل الاجتماعي وقودًا لوسائل الإعلام للوصول بشكل أفضل إلى المعلومات على الأرض، مما مكن الفلسطينيين من تشويه سمعة الرواية الإسرائيلية التي تم نشرها على الشبكات التقليدية. واضطرت وسائل الإعلام التقليدية لنشر مقاطع فيديو لضحايا أطفال شردهم القصف الإسرائيلي لغزة.

ونتيجة لذلك، تمت دعوة المعلقين الفلسطينيين الذين لفتوا الانتباه على وسائل التواصل الاجتماعي عبر منصات بارزة مثل "سي إن إن"، و"إن بي سي" وغيرها، لعرض روايتهم ضد المعلقين الإسرائيليين. 

وقد بلغ إحباط إسرائيل من التغطية الإعلامية إلى درجة أنها قررت قصف مكاتب "قناة الجزيرة" ووكالة "أسوشيتد برس" في غزة. وبالرغم أن إسرائيل زعمت أنها قدمت أدلة على عمليات حماس في المبنى إلى الولايات المتحدة، سارع وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" إلى نفي هذه المزاعم وقال في مؤتمر صحفي في كوبنهاجن إنه لم ير مثل هذه الأدلة.

وكان الانتصار المدوي الثاني الذي حققه الفلسطينيون هو تحطيم صورة إسرائيل كجيش "لا يقهر" أو "أخلاقي" حيث فشلت القبة الحديدية في منع سقوط الصواريخ على تل أبيب، بينما لم تتمكن القوات الإسرائيلية من تحديد وتدمير منصات الصواريخ ومستودعات الإمداد في غزة والتي سمحت باستمرار إطلاق الصواريخ.

كما كافحت إسرائيل لتحديد مكان قادة غزة. وبسبب الإحباط، سعت إسرائيل إلى هدم منازل هؤلاء القادة وكذلك منازل عائلاتهم. وبقيامها بذلك، ألحقت أضرارًا مروعة بغزة، مما أدى إلى قلب الرأي العام ضد عملياتها وتشويه صورة الجيش الإسرائيلي كـ"جيش فعال ومجهز جيدًا يلتزم بالمعايير الأخلاقية".

وفي محاولة لتصحيح ذلك، سعت إسرائيل إلى تقديم أمثلة للجمهور عن قيام قواتها بإبلاغ سكان أحد المباني بمغادرة المبنى قبل ساعة من الغارة الجوية. ومع ذلك، فإن عدم وجود أي إشعار من هذا القبيل لمعظم عائلات غزة كان له تأثير أكبر على الرأي العام من رسائل العلاقات العامة الإسرائيلية المنسقة بعناية.

وفي نهاية المطاف، فشلت إسرائيل في تحقيق أي أهداف عسكرية ذات مغزى. وبالرغم من ادعائها أن لديها معلومات استخباراتية استثنائية عن الجماعات المسلحة في غزة، إلا أنها فشلت في إخراج أي أسلحة أو مستودعات إمداد ذات قيمة قد تقوض قدرات حماس. ويشير هذا إلى أن الأجهزة الأمنية في تل أبيب ليست بنفس الكفاءة والقدرات التي يتم الترويج لها في كثير من الأحيان.

ومما لا شك فيه أن هذه الانتصارات سيكون لها تداعيات كبيرة على القضية الفلسطينية بشكل أوسع.

أولاً، تتمتع القضية الفلسطينية بزخم أكبر مما كانت عليه منذ فترة طويلة. وبغض النظر عن كيفية انتهاء الصراع، فقد حصل العديد من الفلسطينيين على عدد كبير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي ولديهم الآن اتصالات مباشرة مع العالم الخارجي، مما يتيح لهم القدرة على الأقل على التأثير في النقاشات حول القضية وهو الأمر الذي حرموا منه لسنوات.

ثانيًا، لم يعد حل الدولتين نقطة انطلاق حيث بدأ العديد من الإسرائيليين في التفكير بجدية في احتمال حل الدولة الواحدة مع حقوق متساوية للفلسطينيين. غالبًا ما كان هذا الحل غير مريح بشكل خاص للإسرائيليين وحتى السياسيين مثل "بيرني ساندرز".

واعترف "ساندرز" في مقابلة تلفزيونية بأنه ضد هذا الخيار لأن حل الدولة الواحدة سيعني دولة ذات أغلبية فلسطينية، وينتج عنه في النهاية "سيطرة فلسطينية ديمقراطية" على مؤسسات الدولة الإسرائيلية.

وينبع الخوف في الأساس من تكرار تجربة جنوب أفريقيا حيث حل السكان السود المحررين محل سيطرة نظام الفصل العنصري على الدولة. جدير بالذكر هنا أن قرار "نتنياهو" بتأجيل ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية عام 2020 كان له علاقة بالمعضلة الديمغرافية أكثر من الضغط الدولي. 

وبدأ العديد من الإسرائيليين أيضًا في التساؤل عن سبب عدم منح الفلسطينيين حقوقًا متساوية بموجب القانون. وفي حين أن مثل هذه الأفكار قد تستغرق وقتًا لتأمين جاذبية كافية على المستوى الدبلوماسي، إلا أنها يتم الترويج لها بشكل متكرر أكثر من أي وقت مضى في المجتمع الإسرائيلي.

أخيرًا، فوجئت إسرائيل بنهج موحد للمقاومة بين الفلسطينيين. ما بدأ في أوائل شهر مايو/أيار كمواجهة بين المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى وجهاز الأمن الإسرائيلي، انفجر في شكل صراع شهد خروج الفلسطينيين داخل حدود عام 1948 إلى الشوارع وإضراب وطني للفلسطينيين في إسرائيل وغزة والضفة الغربية؛ وتعبئة عسكرية من غزة.

وبالرغم أن الفصائل الفلسطينية شعرت بالاحتقان قبل أقل من شهر بعد أن ألغى رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" الانتخابات، إلا أن التصعيد الأخير مع إسرائيل خلق بيئة مواتية لتشكيل حكومة وحدة. لقد تم تذكير الفصائل الفلسطينية بأنه لا يزال من الممكن أن توحدهم المقاومة بغض النظر عن خلافاتهم الحزبية والشخصية.

موضوعات قد تهمك:

انتهاكات إسرائيل بالقدس.. هل تشعل هبة شعبية جديدة؟ (تحليل)


هنية: القدس غير قابلة للتفاوض


إسرائيل بعد “حرب غزة”.. عودة إلى نقطة البداية أم تغيير قواعد اللعب؟


التعليقات (0)