- ℃ 11 تركيا
- 25 نوفمبر 2024
هلال نصّار يكتب: فلسطين أرض وقف وحرام على المحتل
هلال نصّار يكتب: فلسطين أرض وقف وحرام على المحتل
- 29 مارس 2022, 2:11:12 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يحتفل الفلسطينيون في 30 آذار من كلّ عام بيوم الأرض؛ ليعبّروا عن تمسّكهم بأرضهم وهويتهم الوطنيّة، ويعود هذا الاحتفال إلى ذكرى قيام الاحتلال الصهيوني بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي السكنية الفلسطينيّة، حيث عمّت الاضرابات والمظاهرات من مناطق الجليل شمالاً إلى النقب جنوباً، واندلعت مواجهاتٌ أدّت إلى ارتقاء شهداء وجرحى، واعتقال العشرات من الفلسطينيين، تأكيدا على أحقيتهم بأرضهم التاريخية "فلسطين"، والتي تعود أحداثه لعام 1976، صاحب ذلك اليوم إعلان الفلسطينيين الإضراب العام، فحاول الاحتلال كسر الإضراب بالقوة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات، أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات، حيث كان الرد الإسرائيلي عنيفا على هبة "يوم الأرض"، باعتبارها أول تحد من "الأقلية الفلسطينية" بعد احتلاله فلسطين عام 1948، فيما يعتبره الفلسطينيون تحولا بمسيرة نضالهم ضد الاحتلال، وتأكيدا على تشبثهم بأرضهم، جراء ما أقدمت عليه سلطات الاحتلال من مصادرة نحو 21 ألف دونم لتنفيذ مشروع أطلقت عليه "تطوير الجليل" وكان عبارة عن عملية تهويد كاملة للمنطقة، ما دفع أهل الداخل الفلسطيني للانتفاضة ضد المشروع، ومس القرار بشكل مباشر أراضي بلدات عُرابة وسِخنين ودير حنا وعرب السواعد ومناطق أخرى من الجليل والمثلث والنقب، أضيفت إلى أراض أخرى صُدرت من قبل بغرض بناء مستوطنات جديدة، وللرد على القرار تداعت لجنة الدفاع عن الأرض بتاريخ 1 فبراير/شباط 1976 لعقد اجتماع عاجل في الناصرة، نتج عنه إعلان إضراب عام شامل في 30 مارس/آذار من السنة نفسها احتجاجا على ما جرى، فيما بادرت قوات الاحتلال إلى الرد بدموية على الاحتجاجات وأطلقت النار بشكل عشوائي على محتجين فلسطينيين صبيحة يوم الإضراب، ما أدى إلى ارتقاء ستة شهداء من الداخل الفلسطيني، وسقوط عشرات الجرحى، ويحرص الاحتلال على استغلال كل الإمكانيات للتضييق على فلسطينيي الداخل وسكان الضفة الغربية، وإطباق الحصار على غزة، وتقمع قوات الاحتلال كل أشكال الاحتفال بذكرى يوم الأرض في الداخل الفلسطيني وأراضي الضفة، وتواصل من جانب آخر؛ سياسة مصادرة الأرض المحتلة وتهويدها وطرد أهلها منها.
السبب وراء قيام يوم الأرض الفلسطينيّ، تميّز الشعب الفلسطينيّ بممارسة الزراعة قبل قيام الكيان المحتل على أراضي الدولة الفلسطينيّة، حيث كان الفلسطينيّ يحصل على رزقه من بيع المحاصيل الزراعية، ولكنّ عدداً كبيراً من الناس تركوا أراضيهم بسبب النكبة عام 1948، وفي عام 1950م أصدرت سلطات الاحتلال، قانون العودة الذي يتيح لليهود بالهجرة إلى الأراضي الفلسطينيّة، وأصدرت قانون أملاك الغائبين، الذي سمح لها بمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين تمّ طردهم، حيث صادرت أراضي: عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد، وغيرها العديد من الأراضي، بالإضافة إلى أراضي عرب الداخل من المناطق المحتلة، كما صادرت أراضي مناطق الجليل، عن طريق إصدارها لمشروعٍ باسم (تطوير الجليل)، الذي كان هدفه الأساسيّ تهويد هذه المنطقة، والسيطرة عليها، ولحق ذلك منع تجوالِ أهالي مناطق سخنين، وعرابة، ودير حنا، وطرعان، وكابول، واحتجّ الأهالي على ذلك بالمسيرات والمظاهرات، حيث تمّ إعلان الإضراب الشامل في تاريخ 30 آذار، وازدادت حدّة المواجهات، ممّا أدّى إلى استخدام الاحتلال الدبابات والمجنزرات في اقتحام القرى الفلسطينيّة، وسقط العديد من الشهداء خاصّة في منطقة عرابة وسخنين، ونظراً لهذه الأحداث أصبح يوم الأرض يوماً وطنياً فلسطينيّاً، يرفع فيه الشعب الفلسطينيّ شعاراته ضدّ الاستيطان الإسرائيليّ.
يوم الأرض حُفر في التاريخ والذاكرة الفلسطينية، وقد بذل الفلسطيني من دمه من أجل الدفاع عن أرضه والتمسك بها، فشعبنا الفلسطيني بالداخل المحتل الصابر على أرضه، المرابط بجهاده وكفاحه، الثابت على عهده، رغم الكيد والإرهاب الصهيوني، الصامد على حقه ووعده في الوطن، فالأرض بالنسبة لنا كفلسطينيين ذات أهمية كبيرة
ومن سنة 1976 ولغاية اليوم، والجرح ما زال ينزف في عروقنا كشعب ينزح تحت الاحتلال وبطشه ومصادرته للأراضي الفلسطينية يوميا، ويتّبع شتى الأساليب لكي يحاصر السكن والوجود الفلسطيني في مناطق يرسمها له، حيث لم تتسع هذه المساحات رغم التكاثر السكاني منذ عام 1948، فيضطر الناس للبناء في أرضهم في بقع "غير مرخصة"، وتصبح كلها مهددة بالهدم في أي لحظة ودقيقة ويبيت الناس مهددين بالخوف والذعر والقلق من خطر الهدم، أي بمعنى آخر، وكأنهم يقولون للفلسطيني: "الأرض صحيح لكم ملكية عليها قانونيًا، إلا أن البناء فيها، نحن من يُصَرِّح بذلك لا أنتم"، ويا لبشاعة وظلم من يقع تحت هذه التجربة "هدم البيوت غير المرخصة"، جريمة أخرى ترتبط بالأرض والهوية والبيت والوطن مسلسل لا ينتهي، ومن هنا يجب أن نتطرق إلى نوع مصادرة آخر يمتد من قيام الدولة، مرورًا بكل حقباته التاريخية ولغاية اليوم وهو "مصادرة الذاكرة الفلسطينية"، التي تعمل عليها المؤسسة الصهيونية من أجل تحويلنا إلى شعب بدون جذور وهوية وتاريخ ولغة وكرامة، أجيال تمر ومرت منذ تاريخ النكبة ولغاية اليوم، منهم من عايش النكبة ومنهم من عايش تاريخ يوم الأرض ومنهم من عايش هبة أكتوبر وغيرها من المحطات المشرفة لنضال شعبنا، ولكن ما نلحظه ونراه اليوم هو ابتعاد الأجيال الجديدة عن اهتمامها ومعرفتها بتاريخ الأجداد، وهذا الخطر الأكبر الذي نقف إزاءه اليوم كشعب، الأجيال التي تعيش في ظل مدارس وإعلام وبيئة تعمل لمصلحة المؤسسة الإسرائيلية وتسعى إلى محو ذاكرتها، وجعلها إسرائيلية فقط، والهدف منها أن يتحول الفلسطيني إلى القطيع الذي يخضع لراعيه لا سلطة له ولا إرادة ولا ذاكرة ولا وطن، مجردا من الحقوق مسلوبا مضطهدا.
يوم الأرض حُفر في التاريخ والذاكرة الفلسطينية، وقد بذل الفلسطيني من دمه من أجل الدفاع عن أرضه والتمسك بها، فشعبنا الفلسطيني بالداخل المحتل الصابر على أرضه، المرابط بجهاده وكفاحه، الثابت على عهده، رغم الكيد والإرهاب الصهيوني، الصامد على حقه ووعده في الوطن، فالأرض بالنسبة لنا كفلسطينيين ذات أهمية كبيرة والأمثال الشعبية عندنا تقول "الأرض كالعرض"، وسياسة الاحتلال في الاستيلاء عليها فشلت، فيما يسعى الاحتلال لتدجين الفلسطيني الذي بقي بالقرب من أرضه، والذين نطلق عليهم اليوم، فلسطينيو أراضي48، حيث غير الاحتلال الصهيوني المناهج التعليمية واستحدث القوانين العنصرية في محاولة يائسة لترويض الحق الفلسطيني وكسر إرادته، وفلسطينيو الـ48 يحيون هذه الذكرى بدماء الشهداء وبثورة العمليات الفدائية، ومنذ أيام وهم يتهيئوا لهذه الثورة، وتوقعاتي أن قادم الأيام ستعم ثورة كبيرة كل الأراضي المحتلة وخاصة الــ48 والأيام القادمة ستكون سوداء وساخنة على الاحتلال، هكذا كان الثلاثين من آذار عام 1976، ومنذ ذلك اليوم أصبح "يوم الأرض" يعد يوما وطنيا في تاريخ الشعب الفلسطيني، ورمزًا مهمًّا يخرج فيه الفلسطينيون ليعبروا عن تمسكهم بالأرض والهوية.
لأنها فلسطين؛ الأرض المقدسة، أرض الرسالات، ومسرى الحبيب المصطفى ﷺ إِليها ترحل القلوب، وتهواها المُهج والعقول، وتهفو إلى جبالها وسهولها ومروجها الأنفس وقرة العيون، لأنها أرض وقف إسلامي، ولأنها حرام على العدو والمحتل المغتصب للحق الوطني الفلسطيني، فكانت وما زالت وستبقى فلسطين التي عشقناها ملاذ الأحرار المخلصين ولأنها الرسالة التي يجب أن تصل ملتهبة حارقة لقلوب الصهاينة والمغتصبين في يوم الأرض الخالد مُعَنوَنةً 《لأننا شعب واحد وجسد واحد ومصير واحد وأننا قادمون نحمل القرآن والبندقية نهتف عاشت فلسطين عاشت القدس والنقب والمثلث والجليل عاشت الضفة وغزة وكامل ربوع فلسطين عاش أهلنا في اللجوء والمنافي والشتات》، في يوم الأرض، شعبنا مدركاً بوعيه وثباته أن أرضنا حرام على العدو والمحتل المغتصب للحق الوطني الفلسطيني، والقدس عهدة أهل غزة والمقاومة مشرعة بسلاحها لإعادة الحق لأصحابه وحماية المقدسات والدفاع عن الثوابت الوطنية، شعبنا المرابط ينتصر يوماً بعد الآخر بالإرادة والعزيمة والإصرار على انتزاع حقه المشروع من العدو الصهيوني الذي يعبث بالأرض الفلسطينية المحتلة من خلال مشاريعه التهويدية والاستيطانية التي تنتهك حقوق الإنسان وفق القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية.
فالأرض لنا، والقدس لنا، والله بقوته معنا
ثبتكم الله أيدكم الله آواكم الله نصركم الله