- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
هل تعود العلاقات التركية البحرينية إلى مسارها الطبيعي؟
هل تعود العلاقات التركية البحرينية إلى مسارها الطبيعي؟
- 23 نوفمبر 2022, 1:50:41 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ظهرت تحولات سريعة في علاقات تركيا مع جميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي مع انتهاء حصار قطر بإعلان قمة العلا في يناير/كانون الثاني 2021.
وبالرغم أن دول مجلس التعاون الخليجي تشترك في بعض الاهتمامات الإقليمية، لكنها في ذات الوقت تختلف في سياساتها الخارجية. وبالإضافة إلى وجهات نظرهم المختلفة بشأن العلاقات مع إيران وإسرائيل، كانت تركيا موضوع خلاف داخل المجلس خلال العقد الماضي. وأدى هذا الخلاف إلى ظهور تكتلات داخل المجلس، بما في ذلك تكتل السعودية/الإمارات، الذي كانت البحرين جزءًا منه أيضًا.
وفي حين أن علاقات أنقرة مع الكتلة السعودية الإماراتية أو قطر كانت موضوع تحليلات عديدة في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، فإن علاقاتها مع البحرين، التي تسعى إلى تحسين علاقاتها مع أنقرة، لم تحظ باهتمام كبير.
ويستحق هذا الفصل الجديد المحتمل في العلاقات التركية البحرينية البحث، خاصة أن العلاقات البحرينية مع قطر لا تزال متوترة ولا توجد حتى الآن رحلات طيران مباشرة أو سفراء في أي من العاصمتين بعد ما يقرب من عامين من اتفاق العلا الذي أنهى رسميًا الخلاف الخليجي.
نظرة سريعة على العلاقات التركية البحرينية
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والبحرين في عام 1973، اتخذت العلاقة بين البلدين مسارًا مستقرًا. ولكن بالمقارنة مع علاقات تركيا مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لم تتطور العلاقات مع البحرين بشكل كبير. وفتحت تركيا سفارتها في المنامة عام 1990، بينما افتتحت البحرين سفارتها في أنقرة في عام 2008، متأخرة جدًا مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. ومع ذلك، بدأت تركيا والبحرين في تحسين العلاقات في السنوات الأخيرة، لا سيما في عامي 2016 و2017.
وفي أغسطس/آب 2016، كان العاهل البحريني الملك "حمد بن عيسى آل خليفة" أول زعيم عربي يزور أنقرة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز 2016 في تركيا. وحظيت زيارة العاهل البحريني بتقدير كبير في أنقرة لدرجة أن "أردوغان" اختار البحرين لتكون المحطة الأولى في جولته الخليجية التي شملت 3 دول في فبراير/شباط 2017.
وفي زيارته إلى المنامة، قال "أردوغان": "بدعمكم لنا في أكثر أيامنا شدة، تكونون قد حظيتم بمكانة فريدة في قلوبنا". وتابع: "ستواصل تركيا الوقوف إلى جانب البحرين في أيامها الجيدة والسيئة. أنا أؤمن بأننا سنواصل توحيد الجهود من أجل السلام والاستقرار والمستقبل في منطقتنا".
وخلال زيارات الملك "حمد" لأنقرة في عام 2016 و"أردوغان" إلى المنامة في عام 2017، تم توقيع العديد من الاتفاقيات بشأن التعاون الدفاعي والدبلوماسي والتعليمي والاقتصادي. ووقّع الزعيمان على مذكرة تفاهم بشأن التعاون في صناعات الدفاع. وجاءت الاتفاقية عقب اتفاقية التعاون في مجال التدريب العسكري في أغسطس/آب 2012، والتي تم توقيعها في الوقت الذي كانت توقع فيه تركيا صفقات مماثلة مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى التي سعت للاستفادة من خبرتها العسكرية وقدراتها الدفاعية.
وكانت هناك أيضًا مشاركة متزايدة من قبل شركات الدفاع التركية في معرض البحرين الدولي للطيران 2017.
حصار قطر
ولكن تأثرت العلاقات بين أنقرة والمنامة سلبًا بقرار البحرين الانضمام إلى السعودية والإمارات ومصر في فرض حصار على قطر في عام 2017. وبينما وقفت تركيا إلى جانب قطر، توافقت البحرين في سياساتها مع الرياض وأبوظبي.
وعلى عكس جيرانها، لا تنتهج البحرين سياسة خارجية متهورة حيث تعتبر واحدة من بؤر التوتر الطائفي في الشرق الأوسط، وهي نفسها عرضة بشكل متزايد للتحديات الإقليمية. إنها دولة صغيرة محاطة بجيران أكبر لديهم أهداف إيديولوجية وتوسعية في السياسة الخارجية.
وتحالفت البحرين (العالقة بين الانقسامات الخليجية الداخلية والتنافس السعودي الإيراني الأوسع) مع السعودية خلال العديد من الأحداث الإقليمية، مثل التصعيد مع قطر في عامي 2014 و2017 وقطع العلاقات مع إيران في عام 2016. وفي الواقع، لا توجد دولة في مجلس التعاون الخليجي تعتمد على السعودية أكثر مما تفعل البحرين.
وبالنظر إلى هذه الحقائق، لا يمكن فهم العلاقات التركية البحرينية بشكل كامل دون مراعاة البعد السعودي. إن ما أثر على حالة علاقات المنامة مع أنقرة لم يكن فقط دوافع البحرين الداخلية والخارجية، بل أيضًا الديناميكيات السعودية، فالدول الصغيرة مثل البحرين لا تخضع لضغوط داخلية فقط، بل تتعرض أيضًا لمطالب خارجية من دول أقوى، والتي يمكن أن يكون لها تأثير كبير، أو أحيانًا أكبر، على سلوكها.
ومن المعروف أن إحدى الطرق التي تلجأ لها الدول الصغرى عند تعرضها لضغوط الدول الأقوى هي أن تسير مع هذ الدول الأقوى. لذلك بدت استراتيجية البحرين كأنها حركة دفاعية أكثر منها هجومية، فلم تكن ضد تركيا بمعنى أنها استشعرت تهديدًا من الدولة ذاتها، بل انصاعت لمطالب جيرانها الأقوياء، وتحديدًا السعودية، التي تقدم المساعدات الاقتصادية والسياسية والأمنية للبحرين.
ويرى علماء العلاقات الدولية بأن الدول الصغيرة والضعيفة، مثل البحرين، تفضل عدم السير مع التيار الأقوى منها لكنها غالبًا ما تُجبر على القيام بذلك بسبب مواقفها الضعيفة.
وبالإضافة إلى البعد السعودي، كانت هذه الاستراتيجية مدفوعة أيضًا بالتوترات الطويلة الأمد بين البحرين وقطر. قد يكون هذا أحد أسباب عدم وجود تقارب كبير بين قطر والبحرين منذ إعلان العلا. وكانت البحرين آخر دولة خليجية تفتح مجالها الجوي لقطر بعد انتهاء الأزمة الدبلوماسية.
التهدئة
في الأسابيع الأولى من الأزمة الخليجية، حاولت تركيا الحفاظ على العلاقات مع البحرين. وفي يونيو/حزيران 2017، أجرى "أردوغان" مكالمة هاتفية مع الملك "حمد" لمناقشة المخاوف المشتركة بشأن الأزمة الخليجية. وبعد أيام قليلة، زار وزير خارجية البحرين أنقرة للقاء "أردوغان". لكن هذه المحاولات لم تثمر كثيرًا.
علاوة على ذلك، تعرضت العلاقات التركية البحرينية لاختبار مهم بعد توقيع المنامة على "اتفاقيات إبراهيم" التي أدت إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. واستنكرت تركيا بشدة قرار البحرين قائلة إنه يتعارض مع الالتزامات التي تم التعهد بها بموجب مبادرة السلام العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
ومع ذلك، واصلت أنقرة اتباع المسار الدبلوماسي. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قدم "أردوغان" تعازيه للملك "حمد" بعد وفاة عمه الذي شغل منصب رئيس الوزراء لفترة طويلة. وزادت وتيرة الاتصالات بين أنقرة والمنامة منذ ذلك الحين.
وبعد توليها منصبها الجديد في مارس/آذار 2021، عقدت سفيرة تركيا في البحرين "إيسين تشاكيل" عدة اجتماعات مع المسؤولين البحرينيين، بما في ذلك وزراء الخارجية والصحة والعمل والتنمية الاجتماعية. وفي سبتمبر/أيلول2021، التقت بالملك "حمد"، الذي أشاد بالعلاقات التركية البحرينية ووصف العلاقات بأنها بين "البلدين الشقيقين".
كما التقى وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" بنظيره البحريني "عبداللطيف بن راشد الزياني" على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك العام الماضي. وكتب على "تويتر": "سنبني على الزخم الإيجابي الذي وصلنا إليه مؤخرًا في علاقاتنا". وأتبع "جاويش أوغلو" هذا الاجتماع بزيارة رسمية إلى البحرين لمدة يومين في يناير/كانون الثاني بدعوة من "الزياني".
كما زادت الاتصالات الدبلوماسية في المجال الاقتصادي. ففي مارس/آذار الماضي، زار وزير المالية التركي "نورالدين نبطي" المنامة لحضور اجتماع اللجنة البحرينية التركية المشتركة. وأكد "نبطي" ونظيره البحريني أهمية مواصلة الجهود لتعزيز التعاون بين البلدين في المجالات المالية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتنموية. ووقّعت الدولتان مذكرة تفاهم في توحيد المقاييس، ومنحت البحرين تركيا صفة "الشريك المعتمد" للمركز الدولي لخدمات الشحن البحري والجوي في المملكة، بهدف تطوير الروابط مع مختلف القطاعات الاقتصادية.
آفاق مستقبلية
يصادف عام 2023 الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والبحرين. خلال زيارته للبحرين، قال "جاويش أوغلو": "يجب أن نتأكد من أن عام 2023 سيصبح علامة فارقة في تعاوننا الثنائي".
وبالنسبة للبحرين، أصبح من الضروري تنويع شراكاتها مع القوى الإقليمية، لاسيما في مجال الدفاع والتجارة. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، زادت صناعة الدفاع التركية من مبيعاتها إلى دول الخليج، لذلك قد يكون هذا مجالًا للبحرين لتعميق التعاون مع تركيا.
وبالرغم أن حجم التجارة بين تركيا والبحرين لا يقارن مع دول الخليج الأخرى، لكن هناك فرصة لأنقرة للوصول إلى مصادر جديدة للطاقة والهيدروكربونات ومصادر الطاقة المتجددة، من خلال علاقاتها مع البحرين، بينما يمكن للمنامة أيضًا جذب الاستثمارات التركية.
وبالرغم من المستوى غير المتطور نسبيًا للعلاقات الاقتصادية، فإن هناك جوانب أمنية مهمة للعلاقة التركية البحرينية. وقد تسعى البحرين، مثل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، إلى تعميق علاقاتها مع تركيا، نتيجة التهديدات الكبيرة التي تواجهها بما في ذلك تصاعد هيمنة إيران ومخاطر الإرهاب المتزايدة وتداعيات المنافسة بين القوى العظمى.
وبالنسبة لتركيا، فإن زيادة عدد أصدقائها في الخليج أمر بالغ الأهمية، خاصة مع تدهور اقتصادها واقتراب البلاد من الانتخابات في عام 2023.