- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
هل تفعل الولايات المتحدة "قانون ليهي" ضد انتهاكات إسرائيل بالضفة؟ خبراء يجيبون
هل تفعل الولايات المتحدة "قانون ليهي" ضد انتهاكات إسرائيل بالضفة؟ خبراء يجيبون
- 10 فبراير 2024, 8:22:13 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الفلسطيني بهاء أبو راس يتهم القوات الإسرائيلية باستخدامه كدرع بشري خلال عملية قرب الخليل بالضفة الغربية المحتلة في 15 يناير 2024
كشفت صحيفة “إسرائيل هيوم” عن ضغوط تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على إسرائيل لتقديم إجابات حول سلسلة حوادث قد تشير حسب هذه الإدارة إلى انتهاك وحدات عسكرية إسرائيلية لقانون ليهي خلال عمليات في الضفة الغربية المحتلة.
وأوضحت الصحيفة أن القوات الإسرائيلية التي تنفذ عمليات في الضفة لن تحصل على ذخائر تمويلها أمريكي في حال فشلت إسرائيل في تقديم إجابات شافية حول هذا الأمر.
وتابعت الصحيفة الإسرائيلية بأن وزارة الخارجية تلقت التحذير الأمريكي منذ شهر. وقالت إن قسم القانون الدولي في مكتب المدعي العام العسكري وكيانات قانونية أخرى هي حاليا على اتصال مع الجانب الأمريكي لبحث هذا الأمر، وبأن لدى تل أبيب مهلة شهرين فقط لإرسال إجاباتها حوله.
كما أوضحت "إسرائيل هيوم" بأن الخارجية الإسرائيلية سبق وأن تعاونت على مدى سنوات مع الإدارة الأمريكية في إطار قانون ليهي.
وأفادت أيضا بأن "كل وحدة من قوات الأمن الإسرائيلية المقترحة لتلقي المساعدة الأمريكية تخضع للتدقيق بموجب قانون ليهي".
وتطرقت نفس الصحيفة إلى محاولات سابقة قام بها السيناتور باتريك ليهي نفسه، إبان الفترة الأخيرة من عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لاستخدام نفس القانون لوقف المساعدة الأمنية لبعض من وحدات الجيش الإسرائيلي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وكان السيناتور الأمريكي الديمقراطي عن ولاية فرجينيا قال في تغريدة سابقة نشرها على حسابه في منصة "إكس"، في 15 مايو 2018، للتعقيب على التصعيد في غزة، دعا إلى التحقيق في وقوع انتهاكات قد تؤدي إلى حظر التعاون الأمني مع وحدات إسرائيلية بموجب قانون ليهي.
ما هو قانون ليهي الأمريكي؟
تُعرّف وزارة الخارجية الأمريكية قانون ليهي بالقول إنه مصطلح يشير إلى حكمين قانونيين يحظران على الولايات المتحدة استخدام الأموال، لمساعدة وحدات قوات الأمن الأجنبية في حال توافرت معلومات موثوقة تشير لتورطها في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وهي تلفت في بيان على موقعها الإلكتروني إلى أن أحد الأحكام القانونية ينطبق عليها، فيما يُعنى الآخر بوزارة الدفاع.
كما لفتت الوزارة إلى أن الحكومة الأمريكية تدرج من بين تلك الانتهاكات الجسيمة: أعمال التعذيب، القتل خارج نطاق القضاء، الاختفاء القسري، والاغتصاب. حيث إن تطبيق قانون ليهي يندرج أصلا ضمن المبادئ التوجيهية العالمية لحقوق الإنسان.
في عام 1997 تم سن قانون ليهي لأول مرة كحكم قانوني في وزارة الخارجية الأمريكية، وضمن مخصصات عملياتها، برعاية السيناتور باتريك ليهي من فيرمونت والذي يحمل القانون اسمه.
في عام 1999 أدرج الكونغرس الأمريكي قانون ليهي في شقه المتعلق بوزارة الدفاع (البنتاغون) ضمن قانون المخصصات السنوية الخاص به. وأصبح نافذا بموجب المادة 362 من الباب العاشر من قانون الولايات المتحدة، حسب بيان وزارة الخارجية الأمريكية.
في نفس السياق، أوضح د. سلام عبد الصمد أستاذ القانون الدولي، بأن قانون ليهي يهدف للتحقق من أن أي دول أجنبية يقع عليها خيار الحصول على المساعدات الأمريكية، بما فيها العسكرية واللوجستية والمواد القتالية مثل الدبابات والطائرات الحربية والصواريخ وبشكل عام كل الأسلحة التي تصدرها البلاد للخارج، عن طريق سفارات الولايات المتحدة في العالم، هي "لا تنتهك حقوق الإنسان ولا تخالف القانون الدولي ولا ترتكب جرائم يُعاقب عليها القانون الدولي".
وأضاف عبد الصمد، في تصريحات لـ"فرانس24"، بأن الولايات المتحدة كانت فعليا تقوم في كل مرة تختار فيها دولة معينة كواجهة لصادراتها من الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة، "بتفعيل هذا القانون وتطلب من سفارتها لدى هذا البلد إجراء تحقيق دقيق شامل ووافٍ عن مدى توافق وملاءمة هذه الدولة مع أحكام القانون الدولي وحقوق الإنسان وخصوصا عدم ارتكابها لإبادة جماعية، وعدم الإضرار بحقوق الطفل، وعدم الإتيان بكل ما من شأنه أن يمس بالأمن والأمان الدوليين أو يخالف المواثيق الدولية. بطبيعة الحال فإن هذا القانون يُفرض على وزارة الدفاع الأمريكية لأنه يشكل جزءا من مخصصاتها".
إسرائيل.. الاستثناء الوحيد
وأكد عبد الصمد أن الولايات المتحدة وعلى النقيض من تفعيل قانون ليهي، بادرت منذ 7 أكتوبر إلى فتح جسر جوي لفائدة إسرائيل يسمح للحكومة الأمريكية بتوريد وتصدير وتوصيل الملايين من المساعدات النقدية والعينية والمواد القتالية والمعدات العسكرية من دبابات وأيضا من طائرات وصواريخ وسفن، حتى إن الولايات المتحدة شاركت نفسها من خلال السفن المنتشرة في مناطق بالبحر المتوسط.
وتساءل: "لكن ما يعنينا في قانون ليهي، هو هل تم تفعيله بحق إسرائيل قبل أن يتقرر مد هذا الجسر الجوي؟ أم أن إسرائيل لطالما كانت هي الاستثناء الوحيد على هذا القانون وعلى أداء الحكومة الأمريكية؟ على اعتبار أن إسرائيل لا تخضع أصلا لأي قانون أو معايير دولية".
ويجيب بقوله إننا لو طبّقنا قواعد قانون ليهي المتعارف عليها والتي تُطبق على باقي الدول، فإننا "سنجد أنه يجب منع توريد أو توصيل أو تصدير أسلحة إلى إسرائيل بفعل ما ترتكبه من انتهاكات وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، إلى جانب ما يرتكبه المستوطنون الإسرائيليون المسلحون".
وأضاف: "نعلم بأن الحكومة الإسرائيلية سلحت المستوطنين للدفاع عن النفس ضد الفلسطينيين. فهل يتم تفعيل هذا القانون؟ أم أنه يطبق على الجميع ما عدا إسرائيل؟ المنطق والعُرف والقضاء الدولي والمواثيق الدولية تُلزم الولايات المتحدة بتفعيل قانون ليهي في سبيل منع إيصال الأسلحة لإسرائيل على اعتبار انتهاكها للمواثيق والمعاهدات الدولية والقرارات الأممية وارتكابها جرائم إبادة جماعية سواء في غزة أو في الضفة الغربية".
تحايل أمريكي على القانون
وكانت صحيفة "ذي غارديان" قالت في مقال نشرته في منتصف يناير الماضي، إن مسؤولين من وزارة الخارجية الأمريكية تمكنوا من "التحايل على القانون الأمريكي الذي يهدف إلى منع تواطؤ الولايات المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان من قبل وحدات عسكرية أجنبية، بموجب قانون ليهي".
وأضافت الصحيفة البريطانية نقلا عن مسؤولين سابقين قولهم، إنه قد "تم وضع سياسات داخلية استثنائية على مستوى وزارة الخارجية لفائدة الحكومة الإسرائيلية. وهي ترتيبات خاصة غير متوفرة لأي حليف آخر للولايات المتحدة".
ونقلت ذي غارديان عن السناتور باتريك ليهي قوله إن "القانون (ليهي) لم يطبق بشكل متسق، وما رأيناه في الضفة الغربية وغزة هو مثال صارخ على ذلك. دعوت على مدار سنوات عدة الإدارات الأمريكية المتتالية إلى تطبيق القانون في تلك المنطقة، لكن هذا لم يحدث".
لا اعتراف أمريكي بانتهاكات إسرائيل
من جانبها، تساءلت سحر خميس أستاذة الإعلام في جامعة ميريلاند الأمريكية: "هل يمكن أصلا أن يتم إثبات أية انتهاكات إسرائيلية أو أن تعترف الولايات المتحدة بها؟ هل من الممكن فعلا أن تعترف واشنطن بانتهاكات قامت بها إسرائيل وبالتالي تقوم بوقف الدعم العسكري والأمني لها؟"
وأضافت، في مداخلة على "فرانس24": "الإجابة هي: لا طبعا. حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تبادر في الأساس إلى توجيه أي نوع من أنواع اللوم أو حتى العتاب أو الاتهام لإسرائيل في أي ملف يتعلق بانتهاكات، سواء كانت لحقوق الإنسان أو للأعراف الدولية أو للقوانين والمواثيق الدولية".
وعرّجت سحر خميس على الشكوى التي أودعتها جنوب أفريقيا مؤخرا لدى محكمة العدل الدولية والتي اتهمت فيها بريتوريا إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، المبرمة في 1948 كرد عالمي على محرقة اليهود إبان الحرب العالمية الثانية.
وقالت: "لقد شهدنا ذلك بشكل واضح وجلي في تعليق الولايات المتحدة على إحالة جنوب أفريقيا على محكمة العدل الدولية لملف المذابح التي تحدث في غزة وما أسمته أيضا بعملية الإبادة الجماعية والإبادة العرقية ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل. قامت الولايات المتحدة بالمسارعة للاعتراض على هذه الشكوى والقول إنها غير ضرورية ولا داعي لها على الإطلاق، وأنه نوع من أنواع التشويش وصرف الانتباه عن جهود محاولة وقف إطلاق النار ولو بشكل جزئي، وإعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس وغير ذلك مثل مواضيع تقديم الجهود الإنسانية وإغاثة المدنيين الأبرياء في غزة وتقديم المساعدات الضرورية لهم على باقي القضايا. بالتالي، كان هنالك عدم ترحيب لا بل انتقاد أمريكي لتحويل ملف ما يحدث في غزة وانتهاكات إسرائيل إلى القضاء الدولي".
كما ساندت واشنطن إسرائيل على مدار أشهر رغم محاولات دولية عدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ووقف عمليتها العسكرية ضد حركة حماس في غزة بأروقة الأمم المتحدة.
وأضافت أستاذة الإعلام في جامعة ميريلاند الأمريكية: "لقد استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو أكثر من مرة في مجلس الأمن ضد مساعي وقف إطلاق النار، حتى تتمكن إسرائيل من استكمال سياستها ومخططاتها وما ترمي إليه من أهداف عسكرية في قطاع غزة. كل هذا معناه أننا ما زلنا حتى هذه اللحظة أمام تبنٍ أمريكي للموقف الإسرائيلي ودعم كامل يكون في كثير من الأحيان غير محدود وغير مشروط لحليفتها الأولى".
وختمت سحر خميس بالقول: "ومن ثمة فإن فكرة أن توجه إليها أي نوع من الاتهامات أو الإدانات في ملف الانتهاكات وحقوق الإنسان وما شابه، أمر غير قائم في الإطار العام الجيواستراتيجي والدولي في ظل هذه المساندة الكاملة والكبيرة من الولايات المتحدة لإسرائيل. وعليه، فإن إمكانية استخدام هذا القانون وتفعيله ضد إسرائيل تحديدا هو أمر غير وارد وغير مطروح".