واشنطن بوست: الكواليس تكشف دور دول الخليج في انقلاب تونس والسودان

profile
  • clock 30 أكتوبر 2021, 9:03:17 م
  • eye 671
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كان العام الحالي مزدهرًا بالانقلابات فقد نجحت عمليات استحواذ على السلطة في 2021 بشكل يفوق السنين الخمس السابقة مجتمعة، وقد حدث ذلك في ميانمار ومالي وغينيا وتشاد وتونس والسودان.

ففي تونس، تكشف الانقلاب بهدوء في أواخر يوليو/تموز عندما أقال الرئيس "قيس سعيد" رئيس الوزراء وحل البرلمان وسط اضطرابات شعبية واسعة، مانحًا لنفسه سلطات استثنائية.

وبعد عقد من إطاحة الثورة التونسية بديكتاتور مستبد حكم طويلًا، وجدت البلاد نفسها أمام نعي لما كان قصة النجاح الوحيدة في الربيع العربي.

أما في السودان، فإن التوترات بين القيادة المدنية الهشة والجيش القوي بلغت ذروتها عندما شن الجيش انقلابا واحتجز رئيس الوزراء "عبدالله حمدوك"، وحل الحكومة ومجلس السيادة وأعلن حالة الطوارئ.

ولم يختلف ما فعله الفريق أول "عبد الفتاح البرهان" كثيرًا عمّا فعله "سعيّد" وغيره من المستبدين، حين اعتبر خطوته دفعة نحو الاستقرار والتقدم.

مقاطعة العملية الديموقراطية

وفي خطاب يوم الثلاثاء، أنكر "البرهان" تقارير عن اعتقال العديد من المسؤولين المدنيين والهجمات على الناشطين المؤيدين للديمقراطية من قبل قوات الأمن، حيث قال: "بعض الأفراد تم احتجازهم، ويُعتقد أن هؤلاء الأفراد يقوضون الوحدة الوطنية والأمن القومي، نحن لا نكمم الأفواه، لكننا نمنع أي صوت يقوض مباشرة توافقنا الوطني".

وعرقل تدخل الجيش عملية ديمقراطية وعرة بدأت منذ حوالي 3 سنوات باحتجاجات هائلة ضد الديكتاتور "عمر البشير" الذي حكم البلاد طويلًا، وتمكنت حركة الاحتجاج التي مثلت شريحة كبيرة من المجتمع السوداني من الإطاحة بـ"البشير" في أبريل/نيسان 2019 بعد أن انقلبت الشخصيات الرئيسية في المؤسسة الأمنية والعسكرية ضده.

وفي الأشهر التي تلت ذلك، خرجت السودان من عزلتها الدبلوماسية وأصلحت علاقاتها مع بعض الحكومات الغربية وحققت إنجازا مهما بإزالة الولايات المتحدة لها من قائمة رعاة الإرهاب.

لكن تلك المكاسب كانت هشة، حيث كان القادة العسكريون والمدنيون يتشاركون السلطة في ترتيب مضطرب أضعفته الشكوك المتبادلة والخلافات بشأن المسائل الأساسية مثل من يُفترض محاسبته على عقود من الفظائع المرتكبة في عهد "البشير" وما إذا كان ينبغي للجيش أن يسيطر على أجزاء من الاقتصاد.

ووقع انقلاب "البرهان" بعد ساعات فقط من مغادرة المبعوث الأمريكي "جيفري فيلتمان" للخرطوم بعد اجتماعات مع القادة المدنيين والعسكريين في البلاد. وأدانت إدارة "بايدن" سلسلة الأحداث هذه قائلة إنها ستجمد 700 مليون دولار من المساعدات المباشرة للسودان، والتي وعدت بها كجزء من خطة أمريكية لمساعدة الانتقال الديمقراطي في البلاد.

دور الخليج

ويعتر "البرهان" في وضع قوي، بفضل الدعم الضمني الذي يتلقاه من عدد من الدول العربية المستبدة. وقال المحلل السوداني "مجدي الجزولي" من معهد "ريفت فالي": "ربما تمكن البرهان من تنفيذ الانقلاب بفضل دعم حلفاء آخرين مثل مصر والسعودية والإمارات، فالبرهان ليس إسلامي ولا منبوذ كالبشير. ومن المرجح أن يجد البرهان وجها مدنيا جديدا يكون أكثر طاعة للمؤسسة العسكرية، وسوف يَخلُص الغرب في نهاية المطاف إلى التعامل مع هذا الشخص ببساطة".

وقد قام هذا الثلاثي نفسه -مصر والسعودية والإمارات- بتأييد انقلاب "سعيّد" وسط خلافات حادة مع حزب "النهضة" الإسلامي، الذي تسبب انتماؤه التاريخي إلى جماعة "الإخوان المسلمون" في إكسابه عداوة السلطة المناهضة للإسلاميين في القاهرة وأبوظبي.

ومع محاولات "سعيد" لتأمين قرض من صندوق النقد الدولي لتعويض العجز الضخم في الميزانية، تشير التقارير إلى أن هناك محادثات جارية بالفعل مع الإمارات والسعودية من أجل الحصول على إنقاذ مالي.

وفي عام 2013، لعبت الدولتان الخليجيتان دورا محوريا في تعزيز انقلاب الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، وربما تحاولان أيضا دعم "البرهان" في السودان الذي تحول مثل تونس إلى ساحة في صراع نفوذ إقليمي أوسعبين مصر والسعودية والإمارات من جهة وقطر وتركيا من جهة أخرى.

وتجلت هذه الديناميات بشكل أكثر حدة في ليبيا المجاورة لتونس، مع دعم المعسكرين للفصائل المتصارعة ما تسبب في تصاعد التوترات التي امتدت إلى السياسة الداخلية في تونس.

ويشير المحللون إلى أن سخاء ممالك الخليج عزز بالفعل جيش السودان في مناوراته بعد سقوط "البشير"، وقال الباحث في شؤون السودان "جين بابتيست": "أعطى الدعم المالي من السعودية والإمارات مساحة مناورة حاسمة للجنرالات لمقاومة المطالب الشعبية بالحكم المدني مما جعل كفة السلطة تميل لصالحهم".

وأضاف: "لقد أكسبتهم التدفقات المالية نفوذًا لا مثيل له عبر قطاعات كبيرة من الطيف السياسي مما ساعد الجنرالات على تعزيز سلطتهم".

أهمية الضغط على الداعمين

أما الآن، فيجادل الخبراء بأن استعادة أي أفق للديمقراطية في السودان قد يتطلب ممارسة ضغوط على هذه الدول العربية.

وذكرت توصية صادرة عن "مجموعة الأزمات الدولية" أن "دول الخليج ومصر، والتي أقامت روابط قوية مع "البرهان" والجيش مقارنة بالقوى الخارجية الأخرى، ينبغي أن تحث السلطات على ممارسة ضبط النفس بدلا من اللجوء إلى استخدام القوة العشوائية. ويجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي استخدام النفوذ الكبير الذي لديهم على عواصم الخليج والقاهرة لإقناعهم بدفع الجنرالات في الخرطوم لتغيير المسار".

كما قال "ألبرتو فرنانديز" رئيس بعثة الولايات المتحدة السابق في السودان: "سينكشف القناع عن الحكومات الإقليمية والسياسيين السودانيين الذين يدعمون الحكم العسكري الجديد في الأسابيع المقبلة، وتحتاج واشنطن والأطراف الأخرى إلى توضيح أن هناك عواقب لدعم نظام مارق".

وأضاف: "كان هناك تحفظ في التعليقات العامة الأولية من القاهرة وأبوظبي والرياض. لكن هذه الدول سوف تحتاج إلى الموازنة بين أجنداتها في السودان وعلاقاتها المعقدة مع الغرب".

المصدر | إيشان ثارور - واشنطن بوست

التعليقات (0)