- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
يديعوت أحرونوت: إسرائيل تصعّد المواجهة ضد حزب الله.. أين إيران؟
يديعوت أحرونوت: إسرائيل تصعّد المواجهة ضد حزب الله.. أين إيران؟
- 23 سبتمبر 2024, 2:00:06 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يديعوت أحرونوت - راز تسيمت
بعد مرور أيام قليلة على اغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران، كان تقديري الذي كتبته على صفحات هذه الصحيفة أن إيران تتوجه نحو هجوم آخر على إسرائيل، وعلى الرغم من تطرقي إلى الجدل الداخلي في إيران بشأن طابع الرد المطلوب، وأخذي بعين الاعتبار الأصوات المطالبة بالامتناع من رد يمكن أن يجر إيران إلى خطر حرب شاملة، فإنني اعتقدت أن إيران لن تتخلى عن الرد ضد إسرائيل، ولو بطريقة مختلفة عن الهجوم الإيراني السابق على إسرائيل، وفي الوقت الملائم الذي تحدده لنفسها.
ومع ذلك، فإن الرد لم يأتِ، ويبدو أن القيادة الإيرانية تراجعت - على الأقل حتى الآن - عن رغبتها في تكرار ما حدث في نيسان/أبريل. إن زيادة القوات الأميركية في المنطقة، والهجوم الإسرائيلي على مرفأ الحديدة في اليمن، الذي جسد قدرة إسرائيل على ضرب بنى تحتية اقتصادية حساسة بشدة، ودخول حكم إيراني جديد في طهران يسعى لتجديد المحادثات النووية وحل الأزمة الاقتصادية، كلها أمور أدت دوراً في قرار الامتناع من تنتفيذ الخطة الأساسية.
وإن الفجوة الكبيرة بين تعهدات إيران بالرد بقوة على اغتيال هنية، وتحقيق هذه التعهدات فعلياً يطرح عدداً من الاستنتاجات الممكنة؛ أولاً، في واقع شديد الدينامية، المطلوب مستوى عالٍ من الحذر في تقدير نيات الطرف الآخر وخططه، ويبدو أن إسرائيل تقوم بعملية مستمرة من تقديرات الوضع، واتخاذ القرارات يتبدل.
ومهما يكن سبب تأخير تنفيذ الوعد بالانتقام لموت هنية، فمن الواضح أن إيران تجد صعوبة في تطبيق المعادلة الجديدة التي وضعتها قبل أشهر، عندما تعهد رئيس الحرس الثوري في إيران بالرد على إسرائيل بهجوم من الأراضي الإيرانية لكل هجوم إسرائيلي على مصالح إيرانية، أو على كبار مسؤوليها، أو على مواطنيها. وإن القيود التي تواجهها إيران، وكذلك حزب الله، تفرض أحياناً التخلي عن القرارات التي اتُخذت في ضوء التغيرات التي طرأت على صورة الوضع.
ثانياً، يمكن التأثير في الطرف الثاني، سواء أكان في مرحلة اتخاذ القرارات أم بعدها، فالانزلاق إلى حرب شاملة ليس عملية حتمية، ومن الممكن لجمها، أو على الأقل تأخيرها، ويمكن التقدير أن التهديدات التي أُرسلت إلى إيران خلال آب/أغسطس، المدعومة باستعدادات أميركية غير مسبوقة، أدت دوراً مهماً في قرار فحص بديل للرد العسكري المباشر، كما أن عمليات الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة التي تهدف إلى إلحاق الضرر بقدرات حزب الله يمكن أن تؤثر في رد الحزب على تفجير أجهزة الاتصال في لبنان واغتيال المسؤول الرفيع المستوى في الحزب إبراهيم عقيل.
لا شك أن حزب الله ملزم برد ماحق ضد إسرائيل، لكن الضربة التي تعرض لها يمكن أن تؤثر في رده، ومن الممكن أن سلسلة التفجيرات التي حدثت في لبنان وكشفت اختراقاً استخبارياً وأمنياً للحزب تثير قلقاً كبيراً في إيران، التي فوجئت هي نفسها بعمق الاختراق عبر اغتيال هنية المنسوب إلى إسرائيل، في منشأة يحميها الحرس الثوري في قلب طهران.
ثالثاً، النتائج الأخيرة للمعركة في غزة تؤثر هي أيضاً في تقديرات الوضع وأساليب عمل الأطراف الإقليميين، وفي طليعتهم إيران وحزب الله، ومع الأسف الشديد، يمكن التقدير أن إسرائيل و"حماس" لن يتوصلا إلى اتفاق لتحرير المخطوفين قريباً، ووقف إطلاق النار في غزة ليس مطروحاً في هذه المرحلة . إن قرار إسرائيل نقل مركز الثقل إلى الشمال، في محاولة لفرض تسوية على حزب الله غير مرتبطة بوقف إطلاق النار في غزة، يكشف اعترافاً إسرائيلياً بهذه التطورات.
في بيروت وطهران، وصلوا في الأسابيع الأخيرة إلى فهم أن وقفاً لإطلاق النار في غزة يسمح لحزب الله بوقف القتال في الشمال لن يتحقق قريباً، وبناء على ذلك، فالمطروح الآن هو حرب استنزاف مستمرة لا يمكن معرفة متى وكيف ستنتهي.
إن انجرار إسرائيل إلى حرب استنزاف مع "حماس" وحزب الله هي في نظر إيران تعبير عن المسار التاريخي المطلوب. ومع ذلك، فإنه ما دامت الحرب ضد "حماس" مسألة موقتة، فإن إيران وحزب الله مستعدان لتبديد قدراتهما من أجل دعم "حماس"، انطلاقاً من افتراض أساسي، وهو أن انتهاء المعركة هو مسألة وقت. لكن عندما يبدو أن المعركة الإقليمية يمكن أن تستمر وقتاً أطول من المتوقع، فسيكون مطلوباً منهما الاستعداد لمعركة طويلة تتطلب توجيه موارد قتالية مختلفة عن الماضي. وفي ظل هذا الواقع، ثمة شك في أن حرباً قوية (أو محدودة زمنياً بسبب تداعياتها الخطِرة على الطرفين) تخدم منطق حرب استنزاف طويلة يمكن أن تساعد إيران وحزب الله في الاستمرار في دعمهما لـ "حماس" لمدة طويلة من الزمن، والتسبب بتآكل قدرات إسرائيل.
في الختام، بعد قرابة عام على الحرب، فإن المطلوب من الأطراف إعادة تقدير الفرضيات الأساسية التي كانت في الأساس القرارات الأمنية والسياسية في المراحل السابقة للمعركة. والانتقال إلى معركة عسكرية متواصلة نهايتها لا تبدو في الأفق يطرح تحديات كبيرة ليس فقط على إسرائيل، بل أيضاً على إيران ووكلائها، ويفرض عليهم إعادة فحص الاستراتيجيا ومنظومة الاعتبارات وطرق العمل. ومن الأجدى أن يجري هذا الفحص للواقع الجديد في القدس أيضاً، وليس فقط في طهران وبيروت.