يلمان زين العابدين اوغلو يكتب: يوم سقوط بغداد 2003/4/9

profile
يلمان زين العابدين هاجر اوغلو إعلامي عراقي - كركوك
  • clock 19 ديسمبر 2022, 5:08:07 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بعد معارك عسكرية غير متكافئة تقنيا ً وإعلاميا ً استمرت 19 يوما ً فقط (( 20 / 3 / 2003 ـ 9/ 4 / 2003 )) سقطت بغداد بكافة تحصيناتها العسكرية الدفاعية  منها والهجومية تحت قبضة و ُسرف دبابات (( البراهام )) الأمريكية ورشاشات G6 الأوتوماتيكية وأزيز طائرات F16 ـ F18 والقاذفات الستراتيجية B52 و B1 فيما كانت حاملات الطائرات العملاقة الثلاث المرابطة في الخليج العربي والبحر الأحمر " جورج واشنطون " و " إبراهام لنكولن " و" نيمتز "تلوح  بإطلاق صواريخ نووية باتجاه بغداد في حالة استمرار قطعات الجيش العراقي بالمقاومة ... وعلى صعيد آخر موازي كانت إذاعة صوت أمريكا , وراديو ـ سوا ـ تمارسان دورهما الخطير في إدارة لعبة الحرب النفسية من خلال إضعاف الروح المعنوية للجيش العراقي بأخبار مصنوعة بذكاء وشيطانية كبرى مثل استسلام كبار قادة الجيش والحرس الجمهوري والحرس الخاص للقوات العراقية , بل ذهبت هاتين الإذاعتين إلى أبعد من ذلك من خلال الترويج لفكرة مفادها أ ّن معظم القادة العسكريين العراقيين لديهم اتصالات مع القوات الأمريكية منذ فترة طويلة , وأ ّن هؤلاء القادة (( دون أن تسميهم )) يعملون الآن مع القوات الأمريكية في تحرير العراق من الدكتاتورية (( حسب تعبيرها )) وأ ّن القوات الأمريكية تعمل الآن على نقل أ ُسر هؤلاء الضباط والقادة إلى أمريكا وأوربا للحفاظ عليهم . ومارست الفضائيات الكبرى الأمريكية دورا ً مهما ً آخرا ً لا يقل خطورة عن الأولى مثل CNN و ABC و CBS وغيرها من خلال نقل صور تغلغل القوات الأمريكية والبريطانية داخل الأراضي العراقية من عدة محاور , كما نقلت هذه القنوات صورا ً عسكرية مخيفة توضح كيفية انطلاق صواريخ توماهوك وكروز وبيرشنك , وترايدنت , من الغواصات والسفن الحربية الأمريكية مع نقل مشاهد ح ّية للآثار المدمرة التي تحدثها هذه الصواريخ عند انفجارها في أهدافها في كل بقعة من الأرض العراقية .

وعلى صعيد متصل كانت فضائية CNN تستعين بوجوه إعلامية إذاعية شهيرة لتغطية العمليات العسكرية مثل ـ دان راذر ـ لاري كنغ وغيرهما وذلك لجذب وشدّ أكبر عدد من المشاهدين لمجريات الحرب ولإعطاء العمليات العسكرية عمق شعبي وجماهيري عالمي ... فيما كانت الأقمار الصناعية الأمريكية تص ّور طائرات ـ بلاك هوك ـ وـ الشينوك المروحية وهي تقوم بإنزال المارينز كفرق مظلية محمولة جوا ً فوق القصور الرئاسية المتوزعة في جميع المدن والقصبات العراقية ...

وكانت جميع فعاليات الحرب ومراحلها تتابع وتنقى في مركز (( RRMT فريق الرد الحاسم الإعلامي )) ومقره في البنتاكون ... وعلى الجانب الآخر من المعادلة (( ألطرف العراقي )) فكان ما نسبته 85% من الشعب العراقي يريد التخلص من النظام السابق ظنا ً منه أ ّن العولمة الأمريكية وعصر (( ألأنفوميديا )) سوف يبدل حياتهم من الجحيم إلى الفردوس فخاب ظنهم اليوم بنسبة 85 % أيضا ً بعد أن عجزت أمريكا والغرب في تحقيق الحد الأدنى من مستويات المعيشة الطبيعية مقارنة ببعض دول الجوار العراقي . نقول أ ّن الجانب الآخر من المعادلة (( ألعراق )) كان مفككا ً ومتشرذما ً وضائعا ًومتخلفا ً , ويلف الجوع والجهل والتخلف ما مقداره 60 % من مجموع الشعب بسبب طول فترة الحصار الجائر (( 13 عاما )) ونحن لا نؤمن كثيرا ً بتلك الشائعات التي تحدثت عن وجود خيانات بالجملة داخل قيادات الجيش العراقي والأجهزة المخابراتية الأخرى ... بقدر ما نؤمن بوجود سايكولوجية جمعية لدى معظم أفراد الشعب العراقي بضرورة التخلص من البعث وصدام إلى غير رجعة . وحينما دخلت القوات الأمريكية بغداد من محاورها الأربعة بالتتابع بعد ما اختفت كل المؤسسات العسكرية والمخابراتية السلطوية في غيابت الجب ...

كانت جموع كبيرة من الشعب العراقي ترقص وتحتفل في شوارع بغداد وباقي المحافظات فيما كانت جموع أخرى تهاجم وتسطو على المصارف ودوائر الدولة ومباني السلطة وقصورها لتسرق كل شيء ولتحرق كل شيء وتسلب كل شيء وليختفي صدام مع نجليه ومعظم قياداته وتنقطع الإتصالات وتشيع حالة (( ألفوضى الهدامة )) كي تستمر منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا ولكن بنسب مختلفة ليكون الكولونيل المتقاعد " جي كارنر " أول حاكم عسكري ـ مدني للعراق المحتل الجديد ويدخل العراق في منازعات وتداخلات بين الكتل السياسيه  الحاكمه دون أن يظهر في الأفق أي بصيص أمل جاهز وواضح وسريع في الوقت الحالي والمستقبلي القريب على أقل تقدير . ومن غرائب الأمور وعجائبها أ ّن حكم الحزب الواحد والقائد الواحد الذي دام أكثر من خمسة وثلاثين عاما ً تمكن من الحفاظ كليا ً على وحدة العراق وتلاحمه ومن توفير السلم الأهلي للعراقيين , وفي الحفاظ على هيكلية الدولة وقوانينها العامة فيما عجزت القوات المحتلة ومن تجحفل معها بعد 9 / 4 / 2003 من توفير ذلك ... وهذه حقيقة تاريخية يوجب علينا الحال الاعتراف بها كاملة ً دون نقصان .

التعليقات (0)