- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
د.يحيى القزاز يكتب : لست وحدك المحبوس ياجمال
د.يحيى القزاز يكتب : لست وحدك المحبوس ياجمال
- 27 مايو 2021, 1:29:29 ص
- 27780
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
انقذوه ولاتقتلوه كما قُتل الصحفى الكبير محمد منير بالإهمال والتعسف في استخدام السلطة.
فوجئت بسيل من الاخبار المزعجة عن سوء حالة الكاتب الكبير الأستاذ جمال الجمل في محبسه والتي تقترب من الهلاك لاقدر الله، بعد ان هاجر عكسيا من تركيا لمصر فى نهاية فبراير 2021 -كانت هجرته الاولى فى النصف الثانى من عام 2017 من مصر الى تركيا ليحط في قفص في اسمه زنزانة في منتجع سجون طرة. وهو واحد من خيرة المثقفين العضويين الموسوعيين الموضوعينن في مصر و"القارة العربية"، وواحد من الكتاب الذين دائما تمتزج خفة الروح ودعابة الكتابة بجدية الموضوع وعمق المعنى فيبدوا المنتج الأدبى/الصحفى للمتلقى بسيطا وعميقا وشهيا كوجبة شعبية في حى السيدة زينب.. تراه في صمته وهو حالم شارد مفكر بل فيلسوف من طراز فريد، يفترش قاع الأرض ينظر للناس على مستوى صفر الخليقة عند النمو وقبل المجيء لاجئا صارخا مطرودا من ضيق رحم أمه ليضع مقياسه الحقيقى في علم البشر منسوبا لصفر الأرض العدمى بعيدا عن صفر الثروة أو السلطة، مقياس المساواة، لا جالسا كالطير المنفوش فى برج عاجى عالى يصنف الناس بمقياس الأوزان والكتل الحرجة، على قاعدة المتغيرات التسلقية لا النسبية.
لن تستفيدوا ان قتلتم جمال الجمل بالعمد او بالإهمال. عقود مضت ومازلت لعنة قتل خميس والبقرى ود. شهدى عطية والصحفى محمد منير تطارد جلاديهم حتى اليوم وغدا وبعد غد وعلى مدار التاريخ. كل من كان مع في معسكر ثورة 25 يناير 2011 وثورة يونيه 2013، واختلف في الرأي مع السلطة سُجن أو قُتل، سلطة تتربص بأبنائها من أمثال جمال الجمل ومن على شاكلته، من يعانى الموت في السجن وأمثال د. ممدوح حمزة مطارد يخشى الموت في الغربة وهو رجل في العقد الثامن من العمر وأعطى للوطن مالم يعطه أحد. وكلاهما كان له دور كبير في ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيه 2013 فلماذا كل هذا الغدر؟!
انحاز جمال الجمل لأفكاره وصاغ معتقداته ومقياسه. اجتهد كثيرا، نجح قليلا وأخفق كثيرا، كون ثروة فكرية، ومنهج علمى يلزمه ويلتزم به. كان أخر مايشغله قبل هجرته لتركيا (منتصف 2017) هو سلطة المواطن باعتباره قدس أقداس الخليقة الذى خلقه الله في أحسن تقويم، قبل أن يزج بنفسه لأسفل سافلين. وبرغم صرامته وقت نزاله في معاركه الفكرية وشدة ميراثه إلا أنه رقيق المشاعر كالفراشات في التعامل، شارد كالفنان، حالم كالأطفال، نبيل كطائر الرخ، قوى في التحمل كالجمل سفينة الصحراء، وبسيط في تواضعه تحسبه غافلا، وإن ناقشته وجدته يقظا فارسا ومفكرا وفيلسوفا، وإن أصغيت لصمته سمعت حكايات الصراع والتاريخ والحضارة بداخله. فهو الأثرى الذى درس الأثار الفرعونية وما فاخر بها خشية أن يظن البعض أنها عنصرية، ورأى العالم بصورته الأوسع في حضاراته المتعددة، والإنسان في صوره المتقلبة، فاختار الحرب على الموروث الجاهل، وحاول القيام بعملية تنظيف العقل البشرى ليكون صالحا لفرش واحد متعدد الألوان يسع الجميع، وإنسان متعدد الثقافات يتحاور مع الغالبية. صنع بوتقة لصهر الفكر الجامد في محاولة لإعادة تشكيله برؤاه. احترف الكتابة بروح الهواية فأحبه الكبار والصغار، يصغون إليه وينتقدونه ويبتسم. عدو للظلم حتى لمن يختلف معهم، ومحب للناس ولو اختلفوا معه أو ضايقوه أو شهروا به ظلما وعدوانا. الاستاذ جمال الجمل واحد من قلة تتسع دائرة مستقره لأوصاف عديدة؛ مثقف ، حالم، فنان شارد فى الميتافيزيقيا، عاشق للفنون والجمال، هائم فى حب الوطن، مناضل عتيد فى الازمات ولا يلين، يعرف حق الصداقة وحق الوطن، ويفرق بين الخصومة الايدلوجية وفجر التنطع فيها. أي يعرف شرف الخصومة.
جمال الجمال هو منجم بمساحة الوطن متعدد المعادن النادرة، و خامة لم تستغل جيدا. خبرته ككاتب منذ زمن بعيد من خلال مقالاته الصحفيه. والتقيته قريبا من خمس سنوات في شقته المتواضعة بالمهندسين، وسقانى شراب الدوم الذى يحتفظ به دائما لانه من مخففات الضغط الذى يعانى منه وأمراض القلب. أذكر جيدا متى هاجر، وتناقشنا، ولا ادعى ان هناك اسرارا لديه او ادعى إننى المقرب الوحيد اليه، لكن حينما اتخذ قراره بالسفر، كان قرار الطيور المهاجرة فى موسمها، لا ينفع ان يتقدم او يتأخر.
لم يكن له حسابات ولا مطامع ولا مصالح، سافر عشقا فى وطن وثقة فى البشر، ولم يسافر هروبا من أحد ولا التحاقا بركب أحد. اتذكر جيدا وباختصار ،فهو الوحيد المخول بالكلام، ان سفره كان هجرة من عمق الذات، لحلم الناس. كان يحلم برأب صدع الوطن ولم شمل الأسرة المصرية على تنوعاتها وتناقضاتها، واختلاف مصالحها.
كنت متوجسا وقلقا لم اشاركه تفاؤله في الهجرة لسببين الأول أننى تعلقت بأفكاره والثانى أن حلمه أكبر من قاعدة تحقيقه، فالحلم يتحقق في الخلافات السياسية عندما تكون على خلفية وطنية محددة، قاعدتها المساواة في المواطنة، لكن عندما تتحول إلى معارك ثأرية قبلية انتقامية فقل على الوطن الهلاك وعلى الحلم الفناء. فالقبيلة لاتعرف إلا الإنتصار لذاتها على حساب الوطن. كما أننى لم استطع ان أوقفه أو أحبطه. وصعب ان تتحداه بجهل القوة او تحبطه بعاطفة.. وإن بدا للآخرين في سماحته كطيب القرية. فهو هادئ طيب طيع كالحديد المطاوع، وفجاة إذا مامس قناعاته خدش ولو غير مقصود تنتفض أطرافه الفكرية متحفزة. وهو طاقة إيجابية بحجم مناجم الارض واتساع الكون.
شكله بقبعته فنان تذكرنى بقبعة بيكاسو وصلاح جاهين لكنه من طراز فريد، يكتب ويجيد الرقص بالكلمات، يفرحك ويغضبك ويستحثك ويدفعك للأمام لكنه لا يحبطك ولا يحرجك.
ما اعرفه أنه حاول جاهدا ان ينفذ هدفه بطريقته الحالمة، وينقذ وطنه فلم يستطع أن يستخلصه من براثن الغربة. نفسه كريمةعزيزة لم يرض الذل ولا التسول ورفض كرم ضيافة الأصدقاء في تركيا، فشكرهم وانصرف محاولا استكمال حلمه بالا يعود الا والوطن معه منتصرا بالوئام والسلام، والتعايش مع الاختلافات دونما تكفير ولا تخوين. حاول ونجح على مستوى الذات ولم ينجح على المستوى العام. فكان لابد من العودة، أو لابد من الهجرة ثانية -الهجرة العكسية- لمصر في آواخر فبراير 2021 ومازال في زنزانة سجن طره يعانى آلام الكورونا وأمراض الضغط والقلب وكثير. جمال الجمل في خطر، إن لم يُنقذ الآن وفورا، فقد يضيع لا قدر الله، فانقذوه ياسادة أثابكم الله وقبل فوات الآوان. جمال قيمة وطنية وفكرية فلنحافظ جميعا عليه.
كم انا حزين عليك يا صديقى لأننى لست معك، ولا استطيع ان أنقذك، ولا اشفع لك، فأمثالنا صرنا من المغضوب عليهم، إن ذكرنا محاسن احد للإفراج عنه، ضيقوا عليه.. لذلك سندعو لك الله أنت وكل من على شاكلتك بان يفرج الله كربكم، ويفك اسركم، و"يحنن" قلوب سجانيكم، ويوسع زنازينكم، ويهديهم لعلاجكم. وندعو الله أن نحصل على حقوق الحيوان طبقا لقانون جمعية الرفق بالحيوان العالمية" فى الاهتمام والنظافة والرعاية الصحية والاكل والتريض.. من غير موضوع القراءة فى السجن.. هذا هو الفرق الوحيد بين الإنسان والحيوان. الإنسان حيوان قارئ والحيوان انسان جاهل. يعنى الفرق بينهما القراءة وليس النطق كما قالوا قديما الإنسان حيوان ناطق ، فكلاهما -الحيوان والإنسان- ينطق بلغته على لسانه، كما الشعوب المختلفة تنطق بلغاتها المختلفة فتبدو للجاهل بها "رطانة" أي زعيق غير مفهوم كزعيق البهائم.
يعتصر قلبى حزنا على اناس جل ذنبهم انهم عشقوا هذا الوطن، ووثقوا فى حكامه وناسه وأحبوا ترابه وانتعشوا بهوائه، وعندما داعبتهم رياح حرية التغيير صدقوا وصدحوا وطالبوا وناقشوا، ولأن احلامهم تجاوزت حدود إمكانياتهم فى الفضاء والأرض. مستر "مارك" أمم الفضاء الإلكترونى واستعمر كل صفحات الفيس بوك. صفحات الفيس بوك تمارس قيودا على الحرية لم يمارسها اى استعمار من قبل، مجرد ان تكتب كلمة فيها ملامة خفيفة للصهاينة أو المتصهينين العرب يتم غلق حساب الشخص اللائم أو المعلق على شبكة التواصل الاجتماعى. استعمروا الفضاء بالتكنولوجيا الحديثة والأرض بجيوشهم التي تحميها صواريخ موجهة من قواعد بعيدة.
جمال الجمل ليس الحالة الوحيدة التى تعانى في السجن لكنها هي الأخطر في الوقت الراهن. تطلب العلاج ولا تجده، مثل كثيرين مشكلتهم انهم صدقوا انفسهم وهم بالطبع صادقين، وحلموا بوطن يسع الجميع وليس على مقاس اهل الحل والعقد الذين يدبرون امورنا ويرسمون خطانا.
جريمتك ان تعشق الحرية، خطيئتك ان تصدق وعود انتخابية، ميزتك ان تكون انسيابى كالعصفور فى السماء والفلوكة فى عرض النهر، تمرق من غيم لغيم ومن موج لموج. تصادق الجميع وتريح الجميع وتربط الدواب مكان ما يريده شر الدواب.
السادة اصحاب البلد المؤقتين.. وإلى حين.. نناشدكم بإخلاء سبيل معتقلى الراى ومعاملتهم معاملة انسانية طبقا لقانون "جمعية الرفق بالحيوان"
نناشدكم أن تخلوا سبيل من تجاوزوا الفترات لقانونية ولم يحاكموا، ومن فى طريقهم للوصول لما يفوق الفترة القانونية، ولا داعى لعملية التدوير عند الإخلاء، فيكفينا تدوير مياه الصرف الصحى والزراعى لتعويض فقدان ماء النيل بيد اثيوبيا الآثمة. أرجوكم أفرجوا عن المرضى وعمن لم يثبت تورطه في أعمال إرهابية وحاكموا الإرهابيين بلا تأخير ووضعهم في ثلاجات السجون أعوام وأعوام حتى تتجمد عظامهم وعلى سبيل المثال لا الحصر ومعذرة ان نسيت فمازالت ادوية الكورونا تلعب براسى وتجعلنى ثملا: أ. جمال الجمل، د.عبدالمنعم ابوالفتوح، م. يحيى حسبن عبدالهادى، د. مجدى قرقر، الصحفى هشام فؤاد، أ. ماهينور المصرى، أ. زياد العليمى، أ.علاء عبدالفتاح وشقيقته سناء عبدالفتاح، أ. حسام مؤنس، أ. أيمن الرطيل أ.أشرف أيوب أ. أشرف الحنفي أ. خديجة الشاطر، أ. علا القرضاوى، أ. اسراء عبدالفتاح، أ. محمد القصاص. معذرة على نسيان البعض وسامحونى فالعدد اكبر من ان تحصيه ذاكرتى.
الكل فى العدل يتساوى مهما بلغت درجة القربى والمعرفة، ويبقى جمال الجمل هو عنوان الحدوته وهو الطائر الوحيد المهاجر بعقله وقلبه وفكره حتى وهو قابع بجوارك. وقد أقسم ألا يعود من الهجرة إلا بعودة الارض والشعب لمستحقيهم، بعودة الوطن أهله وناسه. جمال الجمال ومن على شاكلته يستحقون التكريم لا الإذلال والتعذيب والحرمان من العلاج. وان ضايقكم كلامنا حاكموهم بعدل ربنا ولا "تسقعوهم" في الثلاجات كأراضى الحكومة للاستثمار والاستغلال.
لست وحدك المحبوس ياجمال كلنا محبوسون، وان اختلفت العناوين.
#افرجواعنمحبوسى_الرأى
#المقاومة-هي-الحل