- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
22 سنة على رحيل الشيخ الفلسطيني الأحمر عبد الحميد السائح
22 سنة على رحيل الشيخ الفلسطيني الأحمر عبد الحميد السائح
- 9 يناير 2023, 9:20:06 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الناصرة- “القدس العربي”: صادفت أمس الذكرى الثانية والعشرون لرحيل المناضل الفلسطيني عبد الحميد السائح، ابن مدينة نابلس، وهو أبرز مؤسسي “الهيئة الإسلامية العليا في القدس”، بعد احتلالها من جانب القوات الإسرائيلية في سنة 1967. شغل منصب قاضي القضاة في الضفة الغربية، وترأس المجلس الوطني الفلسطيني ما بين 1984 و1993، واشتهر بلقب “الشيخ الأحمر” بسبب مواقفه التقدمية. وطبقاً لسيرته في موقع الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية (أحد مشاريع مؤسسة الدراسات الفلسطينية)، ولد عبد الحميد السائح عام 1907 في مدينة نابلس. والده عبد الحليم السائح. والدته صبحة بكري. زوجته فضلية بكري. أبناؤه؛ قدري، أسامة، بسام. بناته؛ نوال، نائلة، وباسمة. درس عبد الحميد السائح المرحلة الابتدائية في “مدرسة الخان” في نابلس، وتابع دراسته الثانوية في “المدرسة الرشادية الشرقية”، التي صارت تُعرف فيما بعد بـ”الصلاحية”، وكان يحضر حلقات التدريس في المساجد.
شيخ أزهري
بعد أن أنهى دراسته الثانوية في سنة 1920، سافر عبد الحميد السائح إلى القاهرة ضمن بعثة دراسية، اختارتها لجنة من علماء نابلس ووجهائها، كي يلتحق أفرادها بالجامع الأزهر، فدرس الفقه والعلوم الإسلامية، وحصل في سنة 1923 على شهادة “الأهلية”، ثم نال في سنة 1925 شهادة “العالمية”. وخلال دراسته في الأزهر، التحق بمدرسة القضاء الشرعي التابعة لوزارة المعارف المصرية، وحصل فيها في سنة 1927 على شهادة تخصص بالشريعة الإسلامية.
بعد عودته إلى فلسطين في تموز/ يوليو 1927، عمل السائح مدرساً للغة العربية والدين الإسلامي في “كلية النجاح الوطنية” في نابلس 1928– 1929، ونسج فيها علاقات صداقة متينة مع الشاعر إبراهيم طوقان وابن عمه قدري طوقان. شارك السائح بعد “انتفاضة البراق”، في آب/ أغسطس 1929، في تأسيس جمعية سرّية في نابلس، هدفها توعية الناس على مخاطر الأطماع الصهيونية في فلسطين، وحضّهم على النضال ضد الاستعمار البريطاني. كما كان من أعضاء المؤتمر الذي عُقد في نابلس في مطلع آب 1931 للاحتجاج على تسليح اليهود، وشارك في تشرين الأول/ أكتوبر 1932 في تأسيس “جمعية الشبان المسلمين” في نابلس، ولدى تأسيس “حزب الاستقلال العربي”، صار من أنصاره ومن خطباء اجتماعاته، من دون أن ينضم إليه رسمياً.
الحاج أمين الحسيني
وكان السائح، الذي ربطته علاقة جيدة بمفتي القدس الحاج أمين الحسيني، رئيس “المجلس الإسلامي الأعلى”، قد دعي في سنة 1930 للعمل رئيساً لكُتّاب محكمة نابلس الشرعية، ثم عيّن في سنة 1935 قاضياً في المحكمة نفسها. بعد إعلان الإضراب العام في نيسان/ أبريل 1936، وتأليف اللجان القومية في المدن الفلسطينية، اختارت اللجنة القومية في نابلس عبد الحميد السائح رئيساً للجنة التبرعات فيها. وفي أيلول/ سبتمبر 1937، اعتقلته السلطات البريطانية، واحتجزته لمدة تسعة أشهر في معتقل “مزرعة عكا”، وبعد إطلاق سراحه، نفته سلطات الانتداب إلى مدينة البيرة، حيث أمضى عاماً كاملاً. في سنة 1939، عُيّن السائح أميناً عاماً لـ”المجلس الإسلامي الأعلى” وبقي يشغل هذا المنصب حتى أواخر سنة 1940، عندما عُيّن قاضياً لمحكمة القدس الشرعية حتى أواخر سنة 1945، رُقّي بعدها إلى عضو في محكمة الاستئناف الشرعية في القدس، وظل يشغل هذا المنصب حتى سنة 1948.
نكبة فلسطين
بعد وقوع نكبة فلسطين، عُيّن السائح رئيساً لمحكمة الاستئناف، ومديراً للمحاكم الشرعية في الضفة الغربية لنهر الأردن، التي باتت خاضعة للحكم الأردني. وبعد توحيد ضفتي نهر الأردن رسمياً في نيسان 1950، أصبح رئيساً لمحكمة الاستئناف الشرعية في الأردن، كما عين عضواً في مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية.
اختير السائح عضواً في أول مجلس وطني فلسطيني عقد في مدينة القدس، في أواخر أيار/ مايو 1964، وانبثقت عنه منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد قيام إسرائيل باحتلال الضفة الغربية، ومن ضمنها الشطر الشرقي من القدس في حزيران/ يونيو 1967، بادر عبد الحميد السائح، بالتعاون مع بعض وجهاء المدينة المحتلة، إلى تشكيل “الهيئة الإسلامية العليا في القدس” التي فوّضته كي يمارس صلاحية قاضي القضاة في الضفة الغربية، كما فوّضت محكمة الاستئناف الشرعية في القدس بممارسة صلاحية مجلس الأوقاف ولجنة إعمار المسجد الأقصى.
مقاومة الاحتلال
ونتيجة وقوفه في مقدمة المناهضين للاحتلال الإسرائيلي، وقيامه بدعوة المواطنين إلى مقاومته من خلال الخطب والدروس التي كان يلقيها في المسجد الأقصى، قررت سلطات الاحتلال، في 23 أيلول 1967 إبعاده إلى الأردن، فكان أول فلسطيني تبعده إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حرب حزيران. لعب عبد الحميد السائح دوراً كبيراً في عقد المؤتمر الكبير في عمّان، في 21 شباط/ فبراير 1968، الذي انبثقت عنه لجنة دائمة لإنقاذ القدس. شغل السائح منصب وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الحكومة الأردنية مرتين، ما بين 7 تشرين الأول 1967 و26 كانون الأول/ ديسمبر 1968، وما بين 27 حزيران 1970 ومنتصف أيلول 1970 كما عُيّن قاضياً للقضاة، وكان محاضراً في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية. اختاره العاهل الأردني الملك حسين من بين الأعضاء المؤسسين لـ “المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت)” الذي أُعلن عن قيامه رسمياً في عمّان سنة 1980.
المجلس الوطني الفلسطيني
انتخب السائح رئيساً للمجلس الوطني الفلسطيني، خلفاً لخالد الفاهوم، في دورة اجتماعاته السابعة عشرة التي عقدت في عمّان في تشرين الثاني/ نوفمبر 1984، واستمر رئيساً لهذا المجلس حتى اعتزاله العمل السياسي واستقالته في سنة 1993، بسبب كبر سنه ومرضه وبقي في عمّان بعيداً عن الأضواء والحياة السياسية.
تكريم فلسطيني وعربي
توفي الشيخ عبد الحميد السائح في عمّان، ودفن، بناءً على وصيته، في مدينة القدس، وهو من المناضلين الفلسطينيين الذين شاركوا في جميع مراحل النضال الوطني الفلسطيني، وكرسوا حياتهم من أجل نصرة الحق الفلسطيني وحماية القدس الشريف. كان صاحب فكر ثاقب ومواقف مبدئية، عُرف بأخلاقه وأدبه، وتواضعه واعتداله، وحظي باحترام الأوساط الوطنية الفلسطينية والأردنية على السواء، كما اشتهر بلقب “الشيخ الأحمر” بسبب مواقفه التقدمية. حصل الشيخ عبد الحميد السائح على “وسام النهضة من الدرجة الأولى” من الأردن، في أيلول 1967، وعلى “وسام الكفاءة الفكرية الدرجة الممتازة”، في كانون الثاني/ يناير 1968 من المغرب. واستذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن رئيس دولة فلسطين محمود عباس قام في 22 اكتوبر/تشرين 2013 بمنح عبد الحميد السائح “وسام نجمة الشرف” من الدرجة العليا، تقديرًا لدوره الوطني الكبير خلال جميع مراحل الثورة الفلسطينية، وحرصه على القرار الوطني الفلسطيني المستقل من خلال مواقفه وكتاباته، وجهوده في الحفاظ على مكانة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًّا وحيدًا لشعبنا الفلسطيني من خلال دوره المهم كرئيس للمجلس الوطني الفلسطيني.
ترك الراحل عبد الحميد السائح مؤلفات كثيرة: “التضامن الاجتماعي في الإسلام”، “واجبنا تجاه ناشئتنا”، “مبادئ في الدين الإسلامي” (ستة أجزاء)، “نهج الإسلام” (أربعة أجزاء)، “مكانة القدس في الإسلام”، “ماذا بعد إحراق المسجد الأقصى”، “الإرهاب أنواعه وأخطاره” و”فلسطين، لا صلاة تحت الحراب” (سيرة ذاتية)، الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت.