إبراهيم محمد الهمداني يكتب: العالم في اليوم الثاني لانتصار غزة الحتميات_الثلاث

profile
إبراهيم محمد الهمداني صحفي وكاتب يمني
  • clock 24 يناير 2025, 6:35:45 م
  • eye 55
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

انتصرت غزة العظمى، بإيمانها بالله سبحانه وتعالى، وبحسن توكلها عليه وثقتها به، على قوى تحالف العدوان العالمي، التي ركنت إلى ترسانتها الهائلة، واعتمدت على حشودها المتحالفة، وحساباتها الدقيقة، القائمة على رهانات القوة، ومعادلات الهيمنة والمصالح، ولم يكن بين حضور زعماء قوى الاستكبار العالمي، لمواساة حليفهم المجرم نتنياهو، وبين نصرهم المتوقع الأكيد، سوى ما استغرقته تصريحاتهم الاستكبارية، المنحازة إلى آلة القتل والإجرام والإبادة الإسرائيلية، من منطلق انتماؤهم المعلن إلى الصهيونية، في سقوط أخلاقي وإنساني سافر، كشف عن عمق زيف شعاراتهم الإنسانية، غير مبالين بسقوطها مرة واحدة، لأنهم قد ملّوا تمثيل ذلك الدور النفاقي، ولم يروا أنهم بحاجته بعد اليوم، لأن معركتهم الفاصلة ضد غزة والدين الإسلامي، قد باتت محسومة لصالحهم مسبقا، ولم يعد هناك ما يدعو لإخفاء حقيقتهم الصهيونية، فكريا أو سلوكيا.

 

وبمقدار اخلاصهم لعقيدتهم الصهيونية الإجرامية، تسابق شركاء الإجرام والتوحش، في تقديم الجيوش والعتاد، وتوظيف كل الإمكانات التكنولوجية والاستخبارية، بالإضافة إلى الاستعانة بقطعان المرتزقة، من القتلة المأجورين، العاملين تحت إمره المرابي اليهودي، في صورة شركات الحماية والخدمات، وبذلك اكتظت أرض غزة المحدودة، بجحافل الجيوش وقطعان المرتزقة، من أمريكا وكل دول أوروبا الصهيونية، لتشهد تلك المساحة الجغرافية الصغيرة، أعظم معارك التاريخ، وأقسى حروب الإبادة الشاملة والتدمير الكامل، الذي ترك المكان جبالا دكا وخرابا موحشا، حيث أفادت تقديرات الأمم المتحدة المتخصصة، أن حجم الدمار بلغ حوالى 88% من إجمالي أرض غزة، وأنها بحاجة إلى 350 سنة، من إعادة الإعمار، لتعود كما كانت قبل الحرب، حيث غطى الدمار أكثر من 437600 وحدة سكنية، دمرها - كليا أو جزئيا - تحالف العدوان الصهيوغرب أوروبي، خلال 470 يوما من العدوان، الذي ألقى على القطاع أكثر من 100000 طن من المتفجرات، ليتجاوز عدد الشهداء أكثر من 47000 شهيدا، وعدد الجرحى أكثر من 111000 جريحا، والمفقودين أكثر من 14000 مفقودا، وهذه حصيلة غير نهائية، نظرا لاستمرار خروقات ومجازر الكيان الإسرائيلي، من ناحية، ولعدم تمكن فرق الدفاع المدني، من البحث في الركام، وانتشال جميع الجثث، كما يقدر عدد المجازر بأكثر من 10100 مجزرة، على مدى 470 يوما.

 

لكن غزة طوت 350 عاما، من عمر الإعمار، وحلم العودة المنتظر، المشروط بعودتها كما كانت عليه، في أقل من 24 ساعة فقط، من إعلان وقف إطلاق النار، ودخول الهدنة حيز التنفيذ، حيث فتحت ذراعيها لأبنائها، المهجرين قسريا، على فضاءات مرعبة من الدمار والخراب، وأكوام الركام الهائلة، التي أقبلوا عليها بدورهم، في مشاهد سباق جماعي أسطوري، وكأنهم يتسابقون إلى أبواب الفردوس، يحملون ما تبقى من سقط المتاع، مع كثير من جراحهم وآلامهم، وحكايات الفقد المرعب الممزوج بعنفوان الصمود، حتى استقر بهم المقام فيها، يفترشون أرضها ويلتحفون سماءها، ويتبادلون معها قصصا من الحرب الكونية، الأكثر وحشية وإجراما على مر التاريخ الإنساني، كان ضحيتها وبطلها الإنسان والمكان بالتساوي، لذلك لم يكن لمصاب إنسان غزة، من عزاء سواها، ولم يكن لدمارها الهائل، وجراحها الغائرة، من دواء يبلسمها سواهم، وتلك هي المعادلة الصعبة جدا، التي عجزت عن بلوغها الأفهام، وفشلت عن تخيلها الأوهام. 

 


انتصرت غزة العظمى، وسقط كيان الإرهاب الإسرائيلي الأمريكي الأوروبي، متقزما ذليلا صاغرا، وسقطت سكرة النصر المسبق، التي عاشها نتنياهو وحلفاؤه المستكبرون، وسقطت خططهم الخاصة، باليوم التالي لغزة بدون حماس، تساندهم في ذلك ماكينة إعلامية إمبريالية كبرى، تروج لانتصارهم المؤكد مسبقا، لكن ذلك الحلم لم يطل طويلا، إذ سقط بهم على وقع الهزائم النكراء والضربات المزلزلة، التي ألحقها بهم أبطال مجاهدي فصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية، بالشراكة مع محور الإسناد والجهاد والمقاومة، من لبنان إلى العراق إلى اليمن إلى إيران، وما قدمته من جليل التضحيات. 
هُزِمَ تحالف الإجرام الصهيو أمريكي أوروبي، في أشرس معارك التاريخ الإنساني، وهزمت أعتى الجيوش الصليبية، رغم إمكاناتها وأموالها وقدراتها الهائلة، في معركة غير متكافئة على الإطلاق، وخضعت أعتى القوى الاستعمارية العالمية - من خلال ربيبتها إسرائيل - لوقف إطلاق النار والهدنة على شروط حماس، وتمت أولى صفقات تبادل الأسرى، وتمت عملية الانسحاب الميهن، ووقف إطلاق النار جزئيا، في محاولة لفرض رأي نتنياهو المهزوم المأزوم، وعلى مدى 470 يوما، قدمت غزة وأبطالها، أصدق وأقوى شاهد، على صوابية نهج المقاومة، وأحقية خيار الجهاد، في سبيل الله تعالى، الموجب لاستحقاق النصر الإلهي الموعود، بوصفه نتيجة حتمية وسنة كونية، في مسار الصراع بين الخير والشر، ولم يكن انتصار غزة، ببعيد عن طروحات سادة وقادة الفصائل

 

 

والمحور، على السواء، الذين بشروا به وأكدوا حتميته المطلقة، التي تضمنتها تأكيدات سيد شهداء الإسلام والإنسانية، سماحة الأمين العام لحزب الله، الشهيد القائد حسن نصرالله، رضوان الله عليه، وتلتقي معها إلى حد كبير... الحتميات_الثلاث التي طرحها وشرحها، سماحة السيد القائد العلم المجاهد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، منذ بداية العدوان الصهيوسعوأمريكي على اليمن، أي قبل أكثر من عشرة أعوام، وكان العدو حينها، يراها ضربا من الخيال، وبابا من أبواب المستحيل، اعتمادا على رهانات تحالفاته، وحسابات قواته وإمكاناته، التي سقطت كلها دفعة واحدة، وظهر اليمن في عام تاسع، قوة عسكرية واستخبارية وتكنولوجية إقليمية كبرى، وبالتزامن مع انطلاق عملية طوفان الأقصى المباركة، توالت تأكيدات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه، على المآلات الحتمية، لهذه الحرب الكونية العدوانية، على قطاع غزة، التي تضمنتها الحتميات الثلاث، في زوال هذا الكيان الغاصب وحلفائه وهزيمتهم، وغلبة المجاهدين وانتصار خيار الجهاد في سبيل الله تعالى، وسقوط وذل وخزي المرتزقة والمنافقين والمطبعين، إلى غير رجعة. 


يمكن القول إن معركة طوفان الأقصى، وما تلاها من الحرب العدوانية على غزة، لم تسقط وتفشل مشروع "الشرق الأوسط الجديد" فقط، الذي كان بصدد التنفيذ، من خلال مشاريع التطبيع والهيمنة، بل أسقطت مستقبل إسرائيل وأمريكا وأخواتهما، من المنطقة العربية والإسلامية بأكملها، وعززت في نفوس الشعوب حق الحرية، وإمكانية هزيمة قوى الشر والاستكبار والطاغوت، متى ما وجد الإيمان بالله تعالى، والثقة بوعوده، والالتزام باشتراطاته، فلم يعد هناك ما تخشاه الشعوب، بعدما أثبتت غزة استحقاق النصر الإلهي العظيم، بثباتها على موقفها، وصمودها في خيارها الجهادي، وأسقطت أعتى قوى الاستكبار والإجرام والهيمنة العالمية.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)