إسلام الغمري يكتب: المقاومة بين المبادئ الإنسانية وازدواجية المعايير الدولية

profile
  • clock 20 فبراير 2025, 3:07:28 م
  • eye 65
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

مرة أخرى، تقدم المقاومة الفلسطينية نموذجًا فريدًا في الالتزام بالمبادئ الإسلامية والإنسانية، بينما يكشف الاحتلال الإسرائيلي وصمت المجتمع الدولي عن نفاقٍ لا تخطئه العين. فعملية تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين التي تمت اليوم، رغم قسوة الظروف التي تمر بها غزة، تؤكد مجددًا أن المقاومة ليست مجرد قوة عسكرية تواجه الاحتلال، بل هي مشروع حضاري وأخلاقي يضع القيم فوق الحسابات السياسية والميدانية.

معادلة إنسانية رغم العدوان

حين أقدمت “كتائب القسام” على تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين عبر الصليب الأحمر، كان ذلك امتثالًا لقيم الإسلام التي تُكرّم الإنسان حتى بعد موته، وهو ما لا يفهمه العدو الذي لم يتوقف يومًا عن تدنيس كرامة الشهداء الفلسطينيين، واحتجاز جثامينهم في “مقابر الأرقام” في مشهد يعكس أقصى درجات الحقد والانتقام.

إن الصورة التي شاهدها العالم اليوم، حيث تم تسليم الجثامين وفق إجراءات قانونية وبحضور الصليب الأحمر، تؤكد أن المقاومة تُمارس الحرب بوعيٍ أخلاقي، خلافًا للمجازر اليومية التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في غزة، بما في ذلك الأسرى الذين استهدفتهم طائرات الاحتلال وهم في قبضة المقاومة.

ازدواجية الصليب الأحمر

لكن ما يثير الاشمئزاز أن الصليب الأحمر، الذي سارع اليوم للإشراف على تسلم جثث الجنود الإسرائيليين، لم يُحرّك ساكنًا أمام آلاف الجثامين الفلسطينية التي تُركت تحت الأنقاض، ولم يطالب إسرائيل بالكشف عن مصير الأسرى الفلسطينيين الذين يتعرضون للتعذيب والتصفية في سجونها. فهل أصبح العمل الإنساني حكرًا على فئة دون أخرى؟ أم أن القانون الدولي، الذي يتشدقون به، قد تم تفصيله على مقاس الاحتلال؟

إسرائيل لا تفاوض.. إسرائيل تماطل

في الوقت ذاته، وبينما تتجه الأنظار إلى الدوحة حيث تجري المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى، يبدو واضحًا أن إسرائيل تسعى إلى كسب الوقت والمماطلة كما فعلت سابقًا، فهي تتحدث عن إطلاق سراح أسرى إسرائيليين “يُعتقد أنهم على قيد الحياة”، لكنها لم تقدم أي ضمانات لوقف عدوانها على غزة، ولم تُظهر التزامًا جادًا بعملية تبادل عادلة تشمل الأسرى الفلسطينيين، وخصوصًا النساء والأطفال الذين يُعذبون في سجونها.

المقاومة تنتصر أخلاقيًا

إن ما جرى اليوم يجب أن يُقرأ في سياقٍ أكبر، فالمقاومة لا تدير معركتها فقط بالسلاح، بل تُقدم للعالم نموذجًا حضاريًا في التعامل مع الأسرى، بينما تثبت إسرائيل أنها دولة عنصرية تتعامل بمنطق الانتقام الوحشي، مدعومةً بصمت المجتمع الدولي وانحيازه.

إن هذه اللحظة يجب أن تدفع الجميع إلى إعادة التفكير في مفاهيم العدالة وحقوق الإنسان التي تُنتهك يوميًا أمام أعين العالم. المقاومة، رغم الحصار والعدوان، تُقدم صورة مشرقة للالتزام بالقيم الأخلاقية، بينما العدو، رغم امتلاكه آلة الحرب والدعاية، يفضح نفسه كنظام دموي لا يقيم وزنًا لأي معايير إنسانية.

إن المفاوضات الجارية قد تكون فرصة لتحقيق بعض المكاسب الإنسانية، لكنها ليست حلاً دائمًا. وحده الصمود، والإيمان بعدالة القضية، والاستمرار في فضح الاحتلال وممارساته، هو ما سيقود في النهاية إلى انتزاع الحقوق الفلسطينية، كاملة غير منقوصة.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)