الداعية خالد سعد يكتب: براءة الإسلام من الرذيلة والعنف والآثام.. قراءة في الإحصاءات والوقائع التاريخية

profile
خالد سعد داعية إسلامي مصري
  • clock 4 فبراير 2025, 12:26:43 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

مع كل حادثة عنف تُرتكب باسم الإسلام، تتعالى الأصوات التي تربط هذا الدين بالإرهاب، متجاهلةً الحقائق التاريخية والواقع المعاصر الذي يُثبت أن العنف ليس حكرًا على دين أو ثقافة معينة. في هذا المقال، نهدف إلى تقديم قراءة تحليلية للإحصاءات المتعلقة بالعنف والجريمة في مختلف دول العالم، ونستعرض الوقائع التاريخية التي تكشف عن ازدواجية المعايير في تقييم الأديان والثقافات المختلفة.

سيُظهر هذا التحليل أن الجرائم الكبرى، مثل الدعارة، والسرقة، وإدمان الكحول، وجرائم القتل، لم تكن يومًا مقترنة بالإسلام، بل إن أكثر الدول التي تعاني من هذه الظواهر ليست دولًا إسلامية. كما سنسلط الضوء على تاريخ العنف والحروب العالمية، وسنثبت أن الإسلام لم يكن المحرّك الأساسي وراء هذه الكوارث الإنسانية.

أولًا: الإحصاءات والواقع – الجرائم الكبرى في العالم

1. الدعارة في العالم: من الأكثر انتشارًا؟

الدعارة تُعتبر واحدة من أكثر الجرائم انتشارًا في العالم، وهي مشكلة اجتماعية تعاني منها دول متعددة، رغم اختلاف ثقافاتها وأديانها. ومن اللافت أن الدول التي تحتل المراتب الأولى في انتشار الدعارة ليست دولًا إسلامية، بل هي دول ذات أغلبية غير مسلمة، وبعضها يعتبرها مهنة قانونية!

أعلى معدلات الدعارة عالميًا

1. تايلاند (بوذية)

يُقدَّر عدد العاملات في الدعارة بـ 2.8 مليون شخص.

النسبة من إجمالي السكان: 4%.

الأسباب: الفقر، وعدم المساواة الاقتصادية، وازدهار السياحة الجنسية.

2. إسبانيا (مسيحية)

يُقدَّر عدد العاملات في الدعارة بـ 300,000 شخص.

النسبة من إجمالي السكان: 0.6%.

الأسباب: الهجرة غير الشرعية، والسياحة الجنسية.

3. ألمانيا (مسيحية)

يُقدَّر عدد العاملات في الدعارة بـ 400,000 شخص.

النسبة من إجمالي السكان: 0.5%.

الأسباب: تشريع الدعارة، ووجود شبكات تهريب البشر.

4. إيطاليا (مسيحية)

يُقدَّر عدد العاملات في الدعارة بـ 70,000 شخص.

النسبة من إجمالي السكان: 0.12%.

5. المملكة المتحدة (مسيحية)

يُقدَّر عدد العاملات في الدعارة بـ 80,000 شخص.

النسبة من إجمالي السكان: 0.12%.

2. السرقة: الدول التي تتصدر الجرائم المالية

السرقة من أكثر الجرائم شيوعًا، والدول التي تتصدر القائمة ليست دولًا إسلامية، بل دول ذات أغلبية مسيحية أو غير دينية.

أعلى معدلات السرقة عالميًا

1. الدنمارك (مسيحية) – 6,000 سرقة لكل 100,000 نسمة.

2. فنلندا (مسيحية) – 5,500 سرقة لكل 100,000 نسمة.

3. أستراليا (مسيحية) – 4,500 سرقة لكل 100,000 نسمة.

4. كندا (مسيحية) – 4,000 سرقة لكل 100,000 نسمة.

5. الولايات المتحدة (مسيحية) – 3,000 سرقة لكل 100,000 نسمة.

3. إدمان الكحول: من الأكثر شُربًا؟

الكحول من أخطر المواد التي تسبب العنف الأسري، والجرائم، وحوادث الطرق القاتلة. والإحصاءات تُشير إلى أن الدول الأكثر استهلاكًا للكحول ليست إسلامية.

أعلى معدلات استهلاك الكحول عالميًا

1. مولدوفا (مسيحية) – 15 لترًا سنويًا للفرد.

2. بيلاروسيا (مسيحية) – 14.5 لترًا سنويًا للفرد.

3. ليتوانيا (مسيحية) – 13.5 لترًا سنويًا للفرد.

4. روسيا (مسيحية) – 13 لترًا سنويًا للفرد.

5. التشيك (مسيحية) – 12.5 لترًا سنويًا للفرد.

4. جرائم القتل: من الأكثر عنفًا؟

أعلى معدلات القتل عالميًا

1. هندوراس (مسيحية) – 90 جريمة قتل لكل 100,000 نسمة.

2. فنزويلا (مسيحية) – 80 جريمة قتل لكل 100,000 نسمة.

3. بليز (مسيحية) – 70 جريمة قتل لكل 100,000 نسمة.

ثانيًا: العنف في التاريخ – هل الإسلام هو المسؤول؟

1. الحروب العالمية: من بدأها؟

الحرب العالمية الأولى (1914-1918): قُتل أكثر من 20 مليون شخص. لم يكن المسلمون طرفًا رئيسيًا فيها.

الحرب العالمية الثانية (1939-1945): قُتل أكثر من 70 مليون شخص، وهي الحرب الأكثر دموية في التاريخ. المسلمون لم يكونوا المحرّك الأساسي لها.

2. الإبادة الجماعية والاستعمار

قتل أكثر من 20 مليون من سكان أستراليا الأصليين – ليس المسلمون من فعلوا ذلك.

إلقاء القنابل النووية على هيروشيما وناجازاكي – ليس المسلمون من فعلوا ذلك.
إبادة الهنود الحمر في أمريكا الشمالية والجنوبية – ليس المسلمون من فعلوا ذلك.
تجارة العبيد التي اختطفت 180 مليون إفريقي وقتلت أعدادًا ضخمة منهم – ليس المسلمون من فعلوا ذلك.

ثالثًا: ازدواجية المعايير – الإرهاب عندما يكون مرتكبه مسلمًا

عندما يرتكب شخص مسلم عملًا إرهابيًا، يُوصف بأنه "إرهابي"، بينما إذا ارتكب شخص غير مسلم نفس الفعل، يُوصف بأنه "مختل عقليًا" أو "متطرف منعزل". هذه الازدواجية تُعزز الصور النمطية السلبية عن الإسلام، وتُستخدم كأداة لتبرير الاعتداءات عليه.

الخاتمة

إن الإسلام بريء من العنف، وهذه الإحصاءات تثبت أن العنف موجود في جميع المجتمعات بغض النظر عن الدين. من الظلم إلصاق الإرهاب بالإسلام بينما الجرائم الكبرى تُرتكب في دول غير إسلامية. يجب أن ننظر إلى الأمور بموضوعية وعدل، وألا نسمح لوسائل الإعلام بفرض صورة خاطئة عن الإسلام والمسلمين.
لماذا يُوصم الإسلام بالإرهاب؟ ضعف المسلمين وقوة الإعلام

لا شك أن العالم بأسره يعلم أن الإسلام دين الرحمة والعدل والسلام، وأنه أطهر وأشرف من أن يُتهم بالإرهاب أو العنف. ولكن لماذا يُلصق هذا الاتهام بالمسلمين دون غيرهم؟ ولماذا يُضخم أي فعل يصدر عن مسلم، بينما تُتجاهل جرائم أفظع بكثير يرتكبها غير المسلمين؟

الإجابة ببساطة تكمن في ميزان القوة والسيطرة. فالتاريخ يثبت أن القوي، مهما بلغت جرائمه، لا يُحاسَب بنفس الطريقة التي يُحاسَب بها الضعيف. فمن يملك السلطة والإعلام والسلاح هو الذي يصوغ الروايات، ويحدد من هو "الإرهابي" ومن هو "المناضل"، ومن هو "المجرم" ومن هو "البطل". في حين أن المسلمين اليوم في حالة ضعف، وغير قادرين على إيصال صوتهم الحقيقي إلى العالم، فإن خصومهم يملكون أقوى أدوات الإعلام والتأثير، ويستخدمونها لتشويه صورة الإسلام وشيطنة المسلمين.

انظر إلى الإمبراطوريات الإعلامية الكبرى مثل جوجل، يوتيوب، فيسبوك، إنستغرام، إكس (تويتر)، وغيرها من المنصات التي يتحكم فيها لوبيات إعلامية عالمية تفرض أجنداتها وتروج لصورة مشوهة عن الإسلام. هذه المنصات لا تكتفي فقط بتجاهل الجرائم الكبرى التي يرتكبها غير المسلمين، بل تعمل بجهد منظم على ترسيخ الصورة النمطية الخاطئة عن المسلمين، بحيث يصبح أي عمل عنيف يرتكبه فرد مسلم "إرهابًا"، بينما إذا ارتكبه غير المسلم فهو مجرد "حادث فردي" أو "عمل إجرامي معزول".

وهنا نتساءل: لماذا لا يُتهم الجنود الأمريكيون الذين قتلوا الملايين في العراق وأفغانستان بالإرهاب؟ لماذا لا يُسمى الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل الفلسطينيين يوميًا إرهابًا؟ لماذا لا تُوصم العصابات في أمريكا الجنوبية وأوروبا التي تقتل وتنهب بالمصطلح نفسه؟ لأن هؤلاء أقوياء، ومن يمتلك القوة يصنع القوانين ويحدد التعريفات.

أما المسلمون اليوم، فقد أُضعفوا سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، وأصبحوا بلا آلة إعلامية جبارة تدافع عنهم، مما جعلهم عرضة للتلاعب والتضليل. ومن هنا جاءت ازدواجية المعايير، حيث يُبرَّأ القوي حتى لو ارتكب أبشع الجرائم، بينما يُدان المسلم حتى لو كان بريئًا، فقط لأنه مسلم.
ورغم هذا، فإن الحقيقة لا تموت، وسيظل الإسلام دين الحق، وسيبقى المسلمون رغم حملات التشويه أهل الشرف والنقاء والطهارة، ولا يمكن لمكر الأعداء أن يغير من جوهر هذا الدين العظيم. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)