الداعية خالد سعد يكتب: عندما يصبح المسلمون أغلبية تكثر المطالبات بحقوق الأقليات

profile
خالد سعد داعية إسلامي مصري
  • clock 12 يناير 2025, 6:54:26 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

ازدواجية المعايير الغربية تظهر بشكل صارخ عندما يصبح المسلمون أغلبية في دولة ما، وخاصة في العالم الإسلامي. فبينما يُغض الطرف عن الانتهاكات والتمييز الذي يتعرض له المسلمون كأقلية في دول غير إسلامية مثل الصين والهند وأوروبا، نجد أن الغرب يتخذ نهجًا معاكسًا تمامًا في الدول الإسلامية، حيث يفرض مطالب حقوق الأقليات بطريقة تدخّلية أحيانًا، تصل إلى حد الضغط السياسي أو العسكري. هذا السلوك المتناقض يُظهر بوضوح أن الهدف ليس حماية حقوق الإنسان بقدر ما هو فرض أجندة سياسية تخدم مصالح القوى الغربية.

سوريا: نموذج حي لازدواجية المعايير

 

في سوريا، التي يُشكّل فيها المسلمون 90% من السكان، طالب الغرب بشكل واضح وصريح بإشراك الأقليات في كل مناحي الحياة، خاصة في السلطة السياسية.

شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان: الغرب يدّعي أن تدخله في الشأن السوري يستند إلى ضرورة "حماية الأقليات" مثل المسيحيين والدروز والعلويين وغيرهم. ولكن، في الواقع، هذه الشعارات تُستخدم كذريعة للضغط على الأغلبية المسلمة وإضعاف قدرتها على قيادة الدولة، مما يؤدي إلى انقسامات طائفية ومذهبية.

تجاهل معاناة الأغلبية: رغم أن الأغلبية المسلمة في سوريا عانت لعقود من استبداد النظام القائم والقمع الذي تعرضت له ثورتهم، إلا أن الغرب ركز بشكل رئيسي على حماية الأقليات. هذه الحماية تُستخدم كوسيلة لتبرير التدخلات الخارجية واستمرار النزاعات، بدلًا من معالجة المظالم الحقيقية التي تواجهها الأغلبية.

سياسات التوازن المفروض: يتم الضغط على المسلمين، خاصة أهل السنة الذين يشكلون غالبية السكان، لإشراك الأقليات في السلطة بشكل مبالغ فيه. هذا لا يعني تحقيق عدالة شاملة، بل ضمان بقاء السلطة السياسية منقسمة وغير مستقرة، مما يمنع الأغلبية المسلمة من تحقيق سيطرة سياسية فعالة.

أفغانستان بعد التحرير: التركيز على الأقليات لتقويض الأغلبية

بعد تحرير أفغانستان من الاحتلال الأمريكي وعودة طالبان إلى الحكم، عادت ازدواجية المعايير الغربية للظهور بقوة:

حقوق الأقليات: الغرب يُطالب الحكومة الأفغانية بضمان حقوق الأقليات مثل الهزارة (الشيعة) وغيرهم، رغم أن هذه الأقليات لم تكن مستهدفة بشكل خاص في النظام الإسلامي الذي تم تطبيقه. هذه المطالب تُستخدم كأداة للضغط على طالبان وتشويه صورتها دوليًا.

تهميش معاناة الأغلبية المسلمة: لم يُظهر الغرب أي اهتمام حقيقي لمعاناة الشعب الأفغاني المسلم الذي عانى لعقدين من الاحتلال والتدمير. بل يتم التركيز بشكل حصري على "خطر الأغلبية" في قمع الأقليات، وهي رواية غير دقيقة تهدف إلى تقويض النظام الحاكم وإظهاره كغير مؤهل للحكم.

فرض قيم غربية: الغرب يحاول فرض مفاهيمه الخاصة حول حقوق الإنسان والمساواة، والتي تتناقض مع القيم الإسلامية التي يتبناها الشعب الأفغاني، وذلك تحت غطاء حماية الأقليات.

ازدواجية معايير الغرب بين الأغلبية والأقليات

هذه الأمثلة وغيرها تكشف بوضوح عن منهج الغرب في التعامل مع الأغلبية المسلمة مقارنة بالأقليات في دول غير إسلامية.

حين يكون المسلمون أقلية: يُتجاهل الاضطهاد الذي يُمارس ضدهم ولا يتم التركيز على حقوقهم السياسية أو الدينية، كما هو الحال مع الإيغور في الصين، والمسلمين في الهند، أو المورو في الفلبين.

حين يكون المسلمون أغلبية: يتم تضخيم الحديث عن الأقليات، ويُمارس ضغط هائل على الأغلبية المسلمة لإشراك هذه الأقليات في السلطة بشكل مبالغ فيه وغير متناسب مع حجمها الحقيقي في المجتمع.

الأهداف الحقيقية من التركيز على الأقليات

الغرب لا يتخذ هذه المواقف بدافع حماية حقوق الإنسان، بل لتحقيق أهداف استراتيجية:

1. إضعاف الأغلبية المسلمة: التركيز على حقوق الأقليات يأتي في سياق تقييد قدرة الأغلبية على تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي.

2. تفتيت الدول الإسلامية: إثارة قضايا الأقليات يُستخدم كوسيلة لتقسيم المجتمعات الإسلامية، مما يُسهل التدخلات الخارجية.

3. فرض السيطرة الثقافية والسياسية: من خلال دعم الأقليات، يسعى الغرب لفرض قيمه وأجنداته السياسية على الدول الإسلامية، مما يجعلها خاضعة لتأثيره.

4. تشويه صورة الإسلام: تصوير الأنظمة الإسلامية بأنها قمعية ضد الأقليات يهدف إلى تشويه صورة الإسلام دوليًا، مما يُبرر استمرار التدخلات الغربية.

المفارقة الصارخة

في الدول التي تكون فيها الأقليات غير مسلمة، مثل الهند والصين، يتم الدفاع عن الحكومات القمعية تحت شعارات "السيادة الوطنية" أو "محاربة الإرهاب". أما في الدول الإسلامية، حيث الأغلبية مسلمة، يُمارس ضغط هائل لإجبارها على تقديم تنازلات تتعلق بحقوق الأقليات، حتى لو أدى ذلك إلى اضطراب سياسي واجتماعي كبير.

خاتمة

ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع قضايا الأقليات والأغلبية المسلمة تُظهر بوضوح أن الغرب لا يسعى لتحقيق العدالة، بل يُحركه مصالحه السياسية والاستراتيجية. المطلوب من العالم الإسلامي اليوم أن يُدرك هذه الحقيقة، وأن يعمل على بناء أنظمة سياسية مستقلة تُحقق العدالة لكل مكوناتها دون أن تكون خاضعة لضغوط أو تدخلات خارجية. كما يجب أن يكون هناك خطاب إعلامي وسياسي قوي يُبرز هذه التناقضات ويُدافع عن حقوق المسلمين سواء كانوا أقلية أو أغلبية  .

كلمات دليلية
التعليقات (0)