-
℃ 11 تركيا
-
13 أبريل 2025
الدكتور إبراهيم جلال فضلون يكتب: ماما أمريكا ولعبة الأموال الساخنة
الدكتور إبراهيم جلال فضلون يكتب: ماما أمريكا ولعبة الأموال الساخنة
-
8 أبريل 2025, 5:58:18 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الدكتور إبراهيم جلال فضلون يكتب: ماما أمريكا ولعبة الأموال الساخنة
إن الدولة العظمى ليست إلا أحد أفلام الدعاية الأيديولوجية للرأسمالية التي اثبت اختبارها على الواقع البشري، لكنهُ (الاقتصاد يا غبي)، فوفقاً لموقع البيانات المالية بوزارة الخزانة الأمريكية، فإن الدين الحكومي للولايات المتحدة حالياً، يعادل ناتج الصين واليابان وألمانيا والهند والمملكة المتحدة مُجتمعة.. وبالتالي حذر صندوق النقد الدولي في أبريل 2024 من أن المستوى القياسي للديون الحكومية الأمريكية يشكل تهديدًا للاستقرار المالي العالمي الذي جاوز دينه الحكومي 36.2 تريليون دولار، لأول مرة على الإطلاق، بعد نحو 4 أشهر منذ لامس 35 تريليون دولار في أواخر يوليو الماضي، ومقارنة بأكثر من 900 مليار دولار قبل أربعة عقود فقط. بعدما سجل 34.006 تريليون دولار في أوائل شهر يناير 2024، ولامس 33 تريليون دولار في سبتمبر 2023. وخلال عام 2025 سوف يحل موعد دفع ديون أميركية بقيمة 9.2 تريليون دولار، ما يعني أن 25.4 % من الإجمالي من المقرر أن يحل موعد سداده.. ولا ننسى أنه منذ عام 2020، أضافت الولايات المتحدة 11.8 تريليون دولار إلى دينها الوطني، وهو ما يشكل أكثر من ثلث الإجمالي الحالي، فكان الدين الحكومي في عام 2008 أكثر م 9.2 تريليون دولار، وفي عام 1981، تجاوز علامة التريليون دولار لأول مرة، حيث وصل نصيب كل مواطن أميركي من الدين العام يقترب من 99 ألف دولار، ونصيب كل عائلة أميركية من الدين العام يقترب من 280 ألف دولار، مما جعل الدين العام يبلغ أكثر من 7 أضعاف الإيرادات الفدرالية السنوية، بقيمة 125 من الناتج الاقتصادي الأميركي السنوي، وليس أمام واشنطن سوى خيارين، إما الدفع وذلك مستحيلاً كونها (شحاذة ونهابة)، أو إعادة تمويل هذه القروض بفائدة أعلى، وهو خيار مُفضل كعادتها لكن بأي تكلفة.
فدولة مصر تستفيد من وضعها ضمن قائمة الدول المفروض عليها رسومًا جمركية بنسبة 10% فقط، في جذب شركات أجنبية كبرى، بعد الخسائر الضخمة في أغلب الأسواق كرد فعل لقرارات الرئيس الأمريكي بنسب تتراوح بين 10 إلى 50%، على الرغم أن مصر ضمن دول الشريحة الأقل للرسوم الحمائية، وهي دولة ضمن 185 دولة بحد أقصى 50% وبحد أدنى 10%، شملت نحو 125 دولة. وطالت الرسوم كلاً من مصر والسعودية والإمارات والمغرب بنسبة 10%، والأردن بنسبة 20%، كما قرر فرض رسوم بنسبة 41% على سوريا، وبنسبة 31% على ليبيا، وعلى العراق بنسبة 39%، ولكن الاستفادة لمصر ستكون عبر إنشاء مصانع لإنتاج منتجات مصرية بنسبة مكون محلي مرتفعة للتصدير للولايات المتحدة الأمريكية، مما ينعكس على نمو الصادرات المصرية.
ولعل استمرار سياسة ترامب الجمركية دون تغيير، رغم الاعتراضات الدولية داخلياً وخارجياً، قد يكون في صالح مصر إذا ركزت الحكومة المصرية على إعادة تصدير المنتجات والسلع للسوق الأمريكية، فمثلاً دولة الإمارات، التي تستحوذ نسبة 75% من حجم تجارتها الخارجية من خلال إعادة التصدير، مما انعكس على نمو عوائدها الدولارية. فإذا كانت الرسوم المفروضة على الدول المنافسة أعلى من مصر، فإن ذلك سيمنح ميزة تنافسية لزيادة الصادرات المصرية والعكس، فمثلاً الملابس المصرية مُعفاة من الرسوم الجمركية لأمريكا ولكن سيتم فرض نسبة 10% وفقًا للرسوم الحمائية الجديدة، لذا قد لا تتأثر في حين سيتم فرض نفس النسبة على صادرات مصر من الألومنيوم والحديد، التي تصل رسومها الجمركية إلى 25%. ولا ننسي أن الملابس المصرية المُصدرة للولايات المتحدة تنافس الواردة من دول الصين وفيتنام وبنغلاديش، كما أن اتفاقية "كويز" منفصلة عن الرسوم الحمائية التي فرضها "ترامب"، التي بموجبها تُعفى الملابس المصرية ولكن سيتم إضافة الرسوم الحمائية الأخيرة بنسبة 10%.، والأسابيع المقبلة للبورصة المصرية سيكون فيها ارتدادات بعد تسجيل تراجعات حادة خلال الجلستين المقبلتين على أقصى تقدير، خاصة أن بعض أسواق المنطقة، مثل السعودية سجلت تراجعًا حادًا بنسبة تجاوزت 6% لارتباطه بالمستثمرين الأجانب والتبادل التجاري مع الولايات المتحدة.. ولعل تراجع البورصة المصرية كغيرها من الدول الأخرى فرصة للمستثمر طويل الأجل في اقتناء الأسهم التي تمتاز بأداء مالي قوي بعد تحركها لمستويات سعرية مغرية، مما يمكنه من تحقيق عائد يتراوح بين 25 إلى 30% من ارتداد هذه الأسهم لمستوياتها السابقة بصورة أسرع من باقي الأسهم المقيدة.
وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن صادرات مصر للولايات المتحدة بلغت 2.2 مليار دولار خلال عام 2024 بنسبة نمو سنوي 12.3%، وأبرزها الملابس بقيمة 739.9 مليون دولار، والخضر والفواكه بقيمة 113.8 مليون دولار، والسجاد وأغطية أرضيات بقيمة 123.3 مليون دولار، والحديد والصلب بقيمة 227.7 مليون دولار. وبالتالي نلاحظ "أهمية رصد حركة الاستثمار الأجنبي غير المباشر"، أو ما يُعرف بـ"الأموال الساخنة"، خلال المرحلة المقبلة، لضمان استمرار الاستقرار النقدي وتعزيز الثقة في الاقتصاد.









