تكبير الخط تصغير الخط

مع اقتراب الرئيس دونالد ترامب من إكمال شهره الأول في ولايته الثانية، فقد تحرك بسرعة مذهلة وقوة شديدة لإعادة ترتيب المعايير الاجتماعية والسياسية الأمريكية والاقتصاد، مع إعادة تعريف دور الولايات المتحدة في العالم.

وفي الوقت نفسه، قام ترامب بتمكين إيلون ماسك ، الملياردير غير المنتخب المولود في جنوب أفريقيا، من المساعدة في هندسة طرد الآلاف من الموظفين الفيدراليين وربما إغلاق وكالات بأكملها أنشأها الكونجرس.

وقد طغت هذه الجهود إلى حد كبير على حملات ترامب الصارمة على الهجرة والحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وجهوده لإعادة صياغة السياسة الاجتماعية من خلال القضاء على برامج التنوع والمساواة والإدماج وتراجع حقوق المتحولين جنسياً.

كما فرض الرئيس ترامب عشرات التعريفات الجمركية الجديدة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين وهدد بفرض المزيد، حتى مع تحذير خبراء الاقتصاد من أن ذلك من شأنه أن ينقل التكاليف إلى المستهلكين الأميركيين ويغذي التضخم.

إليكم نظرة على الأسابيع الأربعة الأولى:

بدء عمليات الفصل الجماعي للموظفين الفيدراليين

لقد طردت إدارة ترامب آلاف العمال الذين كانوا لا يزالون في فترة الاختبار الشائعة بين الموظفين الجدد. ولم يكن لدى بعضهم سوى أقل من ساعة لمغادرة مكاتبهم.

ومن بين أولئك الذين من المحتمل أن يفقدوا وظائفهم العلماء في المجال الطبي، ومتخصصي البنية التحتية للطاقة، وموظفي الخدمة الخارجية، وعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، والمدعين العامين، وخبراء البيانات التعليمية والزراعية، وعمال الإغاثة في الخارج، وحتى موظفي الموارد البشرية الذين سيتعين عليهم بخلاف ذلك إدارة عمليات الفصل.

في مكتب حماية المستهلك المالي ، الذي تم إنشاؤه لحماية الجمهور بعد الأزمة المالية في عام 2008، يقول الموظفون إن الإدارة لا تريد فقط خفض قوة العمل بأكملها تقريبًا، بل وأيضًا محو جميع بياناتها من السنوات الاثنتي عشرة الماضية. وافقت الإدارة على إيقاف أي تفكيك إضافي للوكالة حتى 3 مارس، بموجب أمر قضائي.

في حين وعد ترامب بقلب واشنطن رأسا على عقب، فإن تحركاته قد يكون لها آثار بعيدة المدى على آلاف الموظفين الفيدراليين في جميع أنحاء البلاد وقد تؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة إذا حدثت أعداد كبيرة من عمليات التسريح في وقت واحد.

التحديات القانونية تتزايد

بدأت الطعون القضائية على سياسات ترامب في يوم التنصيب واستمرت بوتيرة محمومة منذ 20 يناير/كانون الثاني. وتواجه الإدارة نحو 70 دعوى قضائية على مستوى البلاد تطعن في أوامره التنفيذية وتحركاته لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية.

إن الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون لا يبدي مقاومة تذكر، لذا فإن النظام القضائي هو نقطة الصفر للمقاومة. فقد أصدر القضاة أكثر من اثني عشر أمرًا بمنع جوانب من أجندة ترامب مؤقتًا على الأقل، بدءًا من الأمر التنفيذي بإنهاء منح الجنسية الأمريكية تلقائيًا للأشخاص المولودين في هذا البلد إلى منح فريق ماسك إمكانية الوصول إلى بيانات فيدرالية حساسة .

في حين تم ترشيح العديد من هؤلاء القضاة من قبل رؤساء ديمقراطيين، فقد حصل ترامب على أحكام غير مواتية من قضاة اختارهم رؤساء جمهوريون أيضًا. اقترح ترامب أنه قد يستهدف القضاء، قائلاً: "ربما يتعين علينا النظر في القضاة". قالت الإدارة في غضون ذلك إنها ستستأنف، بينما هاجمت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفات الأوامر التي تبطئ أجندة الرئيس، ووصفت كل منها بأنها "إساءة استخدام لسيادة القانون".

وحققت الإدارة أيضًا بعض الانتصارات، وأهمها عندما سمح لها القاضي بالمضي قدمًا في برنامج الاستقالة المؤجلة الذي قاده ماسك.

التوقعات الاقتصادية تتدهور

وفي خضم الاضطرابات السياسية، قد تثير البيانات الاقتصادية الأخيرة بعض المخاوف في البيت الأبيض.

وارتفع التضخم بمعدل شهري بلغ 0.5% في يناير/كانون الثاني، وفقا لوزارة العمل. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بمعدل سنوي بلغ 4.5% ــ وهي علامة على أن التضخم يسخن مرة أخرى بعد أن تباطأ لمعظم عام 2024.

وقال ترامب للناخبين إنه يستطيع خفض التضخم، وسيفعل ذلك فور توليه منصبه تقريبًا. لكن ليفيت، بينما ألقى باللوم على سلف ترامب، الديمقراطي جو بايدن، أقر بأن مؤشرات التضخم الأخيرة كانت "أسوأ من المتوقع".

ولقد ظهرت المزيد من علامات المتاعب عندما أعلنت وزارة التجارة أن مبيعات التجزئة هبطت بنسبة 0.9% على أساس شهري في يناير/كانون الثاني. وقد يشير هذا الانخفاض الكبير إلى ضعف ثقة المستهلك والنمو الاقتصادي.

وأشار تقرير بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن الإنتاج الصناعي أيضا إلى أن إنتاج المصانع انخفض بنسبة 0.1% في يناير/كانون الثاني، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض بنسبة 5.2% في تصنيع السيارات وأجزائها.

قد تكون هذه كلها مجرد بيانات مؤقتة، وهو ما يعني أن البيانات الشهرية لشهر فبراير/شباط سوف تكون مهمة حقا.

"التجارة العادلة" التي يريدها ترامب ليست بالضرورة عادلة

بعد فرض رسوم جمركية على الصين وفرض ضرائب على الواردات من كندا والمكسيك، طرح ترامب ما أسماه "الرسوم الجمركية الكبرى". وقال إن إدارته ستضع تعريفات جمركية جديدة في الأسابيع والأشهر المقبلة لتتناسب مع ما تفرضه دول أخرى .

ولكن دول أخرى لا تجد نهج ترامب عادلا.

ومن وجهة نظرهم، فإن ترامب يدرج بنوداً أخرى غير التعريفات الجمركية مثل ضريبة القيمة المضافة، التي تشبه ضريبة المبيعات. وهذا يعني أن المعدلات قد تكون أعلى كثيراً من التعريفات الجمركية القياسية في أوروبا.

وعلاوة على ذلك، يخطط ترامب لفرض رسوم جمركية إضافية منفصلة على السيارات، ورقائق الكمبيوتر، والأدوية، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية البالغة 25% على الصلب والألومنيوم التي أعلن عنها يوم الاثنين.

وليس من الواضح ما إذا كانت هذه العقوبات التجارية تمثل في الأساس أدوات تفاوضية أم أنها مجرد سبل يستخدمها ترامب لزيادة الإيرادات. وحتى الآن، أشار ترامب إلى أن الأمرين يمثلان نفس الغرض.

يراقب الكونجرس تآكل سلطته. ولكن هناك علامات على المقاومة

ويجد الكونجرس نفسه في حيرة من أمره إزاء الهجوم الشرس في الوقت الذي تتآكل فيه سلطته المؤسسية ــ باعتباره الفرع الأول من فروع الحكومة المنصوص عليه في الدستور والذي يتمتع بسلطة لا مثيل لها على الإنفاق الفيدرالي ــ في الوقت الحقيقي.

وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون ، الجمهوري عن ولاية لويزيانا، إنه يجد عمل فريق ماسك "مثيرًا للغاية". وأضاف جونسون أن ترامب "يتخذ إجراءات تنفيذية مشروعة".

ولكن حتى بين الجمهوريين في الكونجرس كانت هناك علامات صغيرة على الاحتجاج ــ كتابة الرسائل وإجراء المكالمات الهاتفية ــ لحماية مصالح ولاياتهم ودوائرهم الانتخابية في ظل تفكيك التمويل المخصص للبرامج والخدمات والعقود الحكومية.

وحث النائب كارلوس جيمينيز، من فلوريدا، وزارة الأمن الداخلي على عدم إصدار ترحيلات شاملة للمهاجرين الفنزويليين الذين فروا من بلادهم ويقيمون الآن في منطقة ميامي. وقال: "أنا لست عاجزًا. أنا عضو في الكونجرس".

انضم المشرعون الديمقراطيون إلى المحتجين خارج المكاتب الفيدرالية المغلقة، زاعمين أن ترامب وماسك قد تجاوزا الحدود. واقترح الديمقراطيون تشريعات لحماية برامج مختلفة، بل وقدموا حتى مواد عزل ضد الرئيس بسبب خططه لتدمير وإعادة تطوير غزة.

ترامب يريد نظاما عالميا جديدا

يأمل ترامب ، من خلال مكالمته الهاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الأسبوع الماضي، أن يكون قد بدأ بداية النهاية لحرب الكرملين على أوكرانيا.

واتفق الزعيمان على أن تبدأ فرقهما "المفاوضات على الفور". وبعد إنهاء المكالمة الهاتفية مع بوتن، اتصل ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمناقشة جمع الجانبين على طاولة المفاوضات.

وتمثل مكالمة بوتن تطورا هائلا في الحرب التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى الخطيرين.

لكن الطريق إلى الأمام لا يزال معقدا.

قال زيلينسكي إنه لن يلتقي بوتن حتى يتوصل ترامب إلى خطة للسلام. وتعرض ترامب لانتقادات حادة عندما انتقده زعماء أوروبيون ووزير دفاعه بيت هيجسيث بشدة بسبب اقتراحهما أن عضوية الناتو ليست واردة بالنسبة لأوكرانيا .

ويواجه البيت الأبيض معضلة أخرى مع رغبة زيلينسكي في أن تقدم الولايات المتحدة ودول أخرى ضمانات أمنية لأوكرانيا، وإصرار زيلينسكي على أن يتوصل هو وترامب إلى اتفاق حول الخطوط العريضة لأي اتفاق سلام.