دعوات أمريكية لدعم النهج الإسرائيلي في التعامل مع سوريا الجديدة

profile
  • clock 7 أبريل 2025, 1:18:07 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
قوات إسرائيلية قرب المنطقة منزوعة السلاح في الجولان السوري المحتل (رويترز)

دعت مجلة ناشونال إنترست الأمريكية إلى تبني نهج جديد في التعامل مع الأزمة السورية، يقوم على تجنب الانخراط المباشر في الشؤون الداخلية لسوريا، والتركيز على المصالح الأمنية الأمريكية في المنطقة. جاء ذلك في مقال للباحث جاكوب أوليدورت، مدير مركز الأمن الأمريكي في معهد "أمريكا أولًا" للسياسات، نشرته المجلة يوم الأحد 6 أبريل 2025، تحت عنوان "نهج أمريكا أولًا تجاه سوريا".

التطورات السياسية في سوريا بعد الأسد

أشار المقال إلى أن السياسة الأمريكية تجاه سوريا ظلت تتسم بالارتباك منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيث لم تتمكن واشنطن من تحديد أولويات واضحة بسبب تعقيدات المشهد السوري، بدءًا من الأزمة الإنسانية، مرورًا بمواجهة تنظيم "داعش"، وصولًا إلى التصدي للنفوذ الإيراني. هذا الارتباك أدى، وفقًا للكاتب، إلى مقاربة لم تحقق نجاحًا يُذكر على مدار الإدارات المتعاقبة.

في المقابل، اعتبر أوليدورت أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تبنّت نهجًا أكثر فاعلية، إذ ركزت على التهديدات المباشرة، مثل القضاء على "داعش" وتقليص نفوذ إيران، دون محاولة "حل" الأزمة السورية برمتها، مما جعل السياسة الأمريكية أكثر واقعية وقائمة على الأولويات الاستراتيجية.

غير أن المشهد السوري شهد تغيرات كبيرة في الأشهر الأخيرة، حيث تم الإطاحة ببشار الأسد بشكل مفاجئ في ديسمبر 2024، وتولى الحكم في دمشق أحمد الشرع، المعروف سابقًا باسم أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة المصنفة على قوائم الإرهاب. وأوضح المقال أن الشرع يسعى منذ ذلك الحين إلى تقديم نفسه في صورة زعيم معتدل، حيث تخلى عن زيه التقليدي لصالح البدلات الرسمية، وبدأ بإجراء لقاءات مع قادة دوليين، متحدثًا عن حماية حقوق المرأة والأقليات.

القلق الدولي من الحكومة الجديدة

رغم محاولاته الظهور بمظهر أكثر اعتدالًا، لم يلقَ الشرع قبولًا دوليًا واسعًا، خاصة بعد اندلاع مواجهات دامية بين قواته والقوات الموالية للأسد في مارس الماضي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص، معظمهم من المدنيين. وأشار المقال إلى أن إسرائيل، على وجه الخصوص، تشعر بقلق بالغ تجاه الشرع، حيث وصفه وزير خارجيتها بأنه "إرهابي عالمي يسعى لإعادة تدوير نفسه".

تزداد الأمور تعقيدًا مع دخول قوات سوريا الديمقراطية في اتفاق مع هيئة تحرير الشام (التي يقودها الشرع)، وهو ما يجعل الولايات المتحدة أمام خيار صعب في كيفية التعامل مع الحكومة الجديدة في دمشق.

موقف واشنطن والجدل حول "العدو الذي نعرفه"

أوضح المقال أن هناك اتجاهًا متزايدًا في واشنطن وأوروبا يقوم على فكرة "العدو الذي نعرفه أفضل من المجهول"، حيث يرى بعض المسؤولين أن من الأفضل التعامل مع الشرع بدلًا من دفعه للتحالف مع قوى معادية للمصالح الغربية، كما فعلت بعض الدول الأوروبية التي بدأت بإقامة علاقات مع حكومته.

لكن الكاتب يعارض بشدة هذا الطرح، محذرًا من أن ثلاث أشهر من "التصرفات الدبلوماسية" لا تكفي لمحو سجل الشرع كقائد لجماعة متشددة. ويرى أن الولايات المتحدة إذا تعاملت معه دون وضع شروط واضحة، فإنها ستكرر أخطاءها السابقة بدعم أطراف انتهى بها المطاف إلى العمل ضد مصالحها الأمنية.

شراكة إقليمية بدلاً من الانخراط المباشر

يقترح أوليدورت أن تتبنى الولايات المتحدة نهجًا مختلفًا، يركز على المصالح الأمنية الأمريكية في المنطقة بدلاً من التدخل في الشأن السوري الداخلي. ويشدد على أن الأولوية يجب أن تكون لضمان عدم تحول المناطق غير الخاضعة للحكومة المركزية في سوريا إلى ملاذ جديد للجماعات المتطرفة أو نقطة ارتكاز للنفوذ الإيراني.

ومن هذا المنطلق، يوصي المقال بأن تعزز واشنطن شراكاتها الإقليمية مع إسرائيل والأردن، بدلًا من التعامل مع النظام السوري الجديد. ويشير إلى أن إسرائيل قامت بالفعل بتعزيز وجودها العسكري في جنوب غرب سوريا، حيث وسعت تعاونها مع الأقليات مثل الدروز، في حين أن الأردن أصبح أكثر انخراطًا في مواجهة النفوذ الإيراني، حيث شن ضربات جوية على قوافل تهريب المخدرات المرتبطة بطهران عبر الحدود السورية.

بالإضافة إلى ذلك، دعا المقال إلى توسيع مهام القوات الأمريكية الموجودة في شرق سوريا، والتي يبلغ قوامها نحو 2000 جندي، بحيث لا تقتصر على محاربة "داعش"، بل تشمل أيضًا مواجهة أي وجود عسكري إيراني في المنطقة، بالتعاون مع إسرائيل. كما شدد الكاتب على ضرورة تقويض نفوذ حزب الله في لبنان، لأن إيران تعتمد عليه كوسيلة رئيسية للحفاظ على نفوذها في سوريا.

لا يمكن "حل" سوريا الآن

اختتم أوليدورت مقاله بالتأكيد على أن الولايات المتحدة يجب أن تقبل بحقيقة أنها لن تتمكن من "حل" الأزمة السورية في المستقبل القريب، وبالتالي عليها ألا تستهلك مواردها في محاولة غير مجدية لتحقيق ذلك.

وأشار إلى تصريح سابق للرئيس ترامب عقب سقوط الأسد، قال فيه: "هذه ليست معركتنا"، معتبرًا أن هذا الموقف يعكس رؤية أكثر واقعية للسياسة الخارجية الأمريكية، حيث يجب التركيز على منع تحول سوريا إلى قاعدة لجماعات متشددة أو إعادة تموضع النظام الإيراني، بدلًا من الغرق في تعقيدات السياسة السورية الداخلية.

وأكد المقال أن تبني نهج أكثر براغماتية، قائم على تشكيل تحالف إقليمي يواجه المخاطر المشتركة، يمكن أن يضع الأساس لانتقال سياسي مستقبلي أكثر استقرارًا، يخدم مصالح الشعب السوري والمصالح الأمريكية على حد سواء.

التعليقات (0)