لا شك أن المعلمين يمثلون الركيزة الأساسية في بناء المجتمعات وتقدمها. فهم المسؤولون عن تنشئة الأجيال وتزويدها بالمعرفة والمهارات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل

سجاد الياسري يكتب: التعليم بين الأضراب ونكران حق المعلم

profile
سجاد الياسري إعلامي وصحفي عراقي
  • clock 6 أبريل 2025, 8:01:51 م
  • eye 480
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

يشهد قطاع التعليم في العديد من الدول جدلاً متصاعداً حول لجوء المعلمين إلى الإضراب للمطالبة بحقوقهم المشروعة. فبينما يعتبر البعض الإضراب وسيلة ضرورية لتحقيق هذه الحقوق في ظل تجاهل أوضاعهم الصعبة، يرى آخرون فيه تعطيلًا للعملية التعليمية وإضرارًا بمصلحة الطلاب. هذا المقال يسعى إلى استعراض هذه القضية من منظور متوازن، مع الأخذ في الاعتبار حقوق المعلمين وأهمية استمرار التعليم.


حق المعلم في ظروف عمل كريمة:


لا شك أن المعلمين يمثلون الركيزة الأساسية في بناء المجتمعات وتقدمها. فهم المسؤولون عن تنشئة الأجيال وتزويدها بالمعرفة والمهارات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل. وللقيام بهذه المهمة النبيلة على أكمل وجه، يحتاج المعلمون إلى بيئة عمل محفزة وظروف معيشية كريمة تضمن لهم الاستقرار والأمان.


تتضمن حقوق المعلمين الأساسية الحصول على رواتب عادلة تتناسب مع جهودهم ومسؤولياتهم، وتوفير التأمين الصحي والاجتماعي، وتطوير قدراتهم المهنية من خلال الدورات التدريبية وورش العمل، وتوفير بيئة عمل آمنة ومجهزة، بالإضافة إلى تقدير جهودهم والإشادة بإنجازاتهم.


*الإضراب كأداة للمطالبة بالحقوق:


عندما تفشل القنوات الأخرى في تحقيق مطالب المعلمين العادلة، يصبح الإضراب أحد الخيارات المتاحة لهم للتعبير عن رفضهم للظروف غير المرضية والضغط على الجهات المعنية للاستماع إلى أصواتهم وتحقيق مطالبهم. فالإضراب يمثل وسيلة ضغط جماعية تهدف إلى لفت الانتباه إلى قضاياهم وإحداث تغيير إيجابي في أوضاعهم.


*تأثير الإضراب على العملية التعليمية:


على الرغم من أن الإضراب يعتبر حقًا مشروعًا للمعلمين، إلا أنه يحمل في طياته آثارًا سلبية محتملة على العملية التعليمية. فتوقف الدروس يؤدي إلى تأخر المناهج الدراسية، وإرباك الطلاب وأولياء الأمور، وفقدان أيام دراسية قيمة قد يصعب تعويضها لاحقًا. كما أن طول أمد الإضراب قد يؤثر سلبًا على نفسية الطلاب وتحصيلهم العلمي.


*الموازنة بين الحق والمصلحة:


تتطلب معالجة قضية إضراب المعلمين تحقيق موازنة دقيقة بين حق المعلمين في المطالبة بظروف عمل أفضل وبين مصلحة الطلاب في الحصول على تعليم جيد ومستمر. فمن الضروري أن تستمع الجهات المعنية إلى مطالب المعلمين بجدية وتسعى إلى إيجاد حلول عادلة ومنصفة تلبي احتياجاتهم وتضمن لهم حياة كريمة. وفي المقابل، يجب على المعلمين أن يضعوا مصلحة الطلاب في الاعتبار وأن يلجأوا إلى الإضراب كخيار أخير بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى، وأن يسعوا قدر الإمكان لتقليل الآثار السلبية للإضراب على العملية التعليمية.


*مكران الحق:


في خضم هذا الجدل، يبرز مفهوم "مكران الحق"، الذي يشير إلى استخدام الحق بطريقة قد تلحق الضرر بالآخرين أو بالمصلحة العامة. فبينما يعتبر الإضراب حقًا مشروعًا، فإن الإفراط في استخدامه أو اللجوء إليه دون مبرر حقيقي قد يتحول إلى "مكران حق" إذا أدى إلى ضرر كبير بالطلاب والعملية التعليمية.

 

‏وختاماً إن قضية التعليم بين الإضراب وحق المعلم هي قضية معقدة تتطلب حوارًا بناءً ومسؤولية مشتركة من جميع الأطراف المعنية. فالحكومات والجهات المسؤولة مطالبة بالاستماع إلى مطالب المعلمين وتلبية احتياجاتهم المشروعة، والمعلمون مدعوون إلى ممارسة حقهم في الإضراب بوعي ومسؤولية مع الأخذ في الاعتبار مصلحة الطلاب، وأولياء الأمور والمجتمع ككل مطالبون بدعم المعلمين في مطالبهم العادلة والسعي معًا لضمان بيئة تعليمية محفزة ومستقرة تخدم مصلحة الجميع. إن تحقيق التوازن بين حقوق المعلمين وضمان استمرار وجودة التعليم هو مسؤولية وطنية تتطلب تضافر الجهود والعمل بروح الفريق الواحد.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)