سميح خلف يكتب: "العصر الترامبي".. لتتحول أمريكا إلى "مملكة"!

profile
سميح خلف كاتب ومحلل سياسي
  • clock 22 يناير 2025, 11:43:58 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
ترامب وزوجته ميلانيا يغادران بعد حضور قداس في كنيسة القديس يوحنا في إطار مراسم التنصيب (رويترز)

أمام الدولة العميقة، أدى الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية اليمين الدستوري، وكذلك نائبه الشاب الذي يتمتع بحيوية فائقة. وأمام حشد كبير من الحزب الديموقراطي والجمهوري، ومن بينهم ثلاث رؤساء أحياء للولايات المتحدة الأمريكية، ظهر بايدن، ونائبته كامالا هاريس، في حالة اكتئاب وهزيمة أمام رجل قوى، رجل مصارع، وعد بتغيير أمريكا إلى ما يسمي "العصر الذهبي" في ولايته رافعاً نفس الشعار الذي رفعه في ولايته السابقة "أمريكا أولاً".

بالقطع إن لهذا الشعار أهمية ويكشف عن جوهر برنامج ترامب سواء على مستوي الداخل الأمريكي أو السياسة الخارجية الأمريكية.

في خطابه أمام الدولة العميقة، انتقد ترامب سياسات بايدن والحزب الديموقراطي واعداً برفع الرقابة عن الرأي الآخر، والتوقيع علي عدة قرارات تتجاوز 18 قرار عاجل، يلغى القرارات السابقة للحزب الديموقراطي والدولة العميقة، ومنتقداً سياسات الحزب الديموقراطي الخارجية. وكذلك، الخطأ الكبير الذي تنازلت فيه عن قناة "بنما" وهي قناة افتتحت عام 1914م، وتربط المحيط الهندي بالمحيط الهادي وهي تقع كاملة في أراضي بنما في أمريكا اللاتينية، حيث إنه وعد فيما بعد بالسيطرة علي أرض "جيري لاند" وهي مشرفة على قناة بنما، وهي ثاني قناة في الأهمية في العالم، حيث إنها توفر الكثير من الوقت في التجارة العالمية وخاصة بأمريكا أولاً واليابان والصين.

وما يؤرق الرئيس ترامب هو توسع النفوذ الصيني، وربما يغزو بنما وبعض دول أمريكا اللاتينية وكذلك خط التجارة الصينية.

هذا من زاوية، أما من الزاوية الآخرى، فبعد أن تنازلت أمريكا عن السيادة في قناة بنما، في عهد الرئيس كارتر، فرضت بنما ضرائب عالية علي السفن الأمريكية. يرى ترامب أن قناة بنما من حق أمريكا ويحق لها الاستنفاع بها؛ لانها بُنيت بأيدي أمريكية ومال أمريكي، وهذا جانب مهم وخطوة أمامية لتعزيز أقتصاد أمريكا.

وعد ترامب، من خلال قراراته التي وقع عليها، بالانسحاب من إتفاقية المناخ في باريس، وكذلك الخروج من منظمة الصحة العالمية. ونسب إلى نفسه بأنه صاحب المؤثر القوي في وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأضاف أن غزة يجب أن تُعمر وبلا حكم حماس.

على المستوي الداخلي، انتقد ترامب قرار العفو الذي أصدره بايدن بحق اثنين متهمين بالفساد في البيت الأبيض ووزارة الدفاع، معلناً عن ثورة داخلية وحالة طوارئ في مؤسسات الطاقة والبحث عن البترول والغاز، وفي مؤسسة الكهرباء، وحالة الطوارئ على الحدود الجنوبية وأمريكا لوقف الهجرة من المكسيك وغيره، وعدم تسجيل المواليد الذين يولدون من مهاجرين غير شرعيين.

وقد سبق وردد ذلك أكثر من مرة، بأنه لو وجد على رأس البيت الأبيض، لما كانت حرب أوكرانيا وحرب غزة، معطياً أولوية لتلك القضيتين -والأزمتين- مكلفاً مندوب من مستشاريه لمنطقة الشرق الأوسط. هدد ترامب نتنياهو بوجوب وقف إطلاق النار قبل احتفال تنصيبه. وأن ما قاله عن الشرق الأوسط لن ينطبق على حماس وحدها، بل قد يطال إسرائيل. حين أنه قد تسربت الأنباء عن فك الحظر عن القنابل ذات وزن 2000 رطل التي كانت محظورة على إسرائيل.

هذا موجز عما حمله خطاب ترسيم ترامب في البيت الأبيض سياسياً، مع ارتباط ذلك بالاستغناء عن البيروقراطية التي أسسها الحزب الديموقراطي، والقضاء على الفقر والخلل في التأمينات الاجتماعية.

ولكن من زاوية أخرى من المشهد، وفي لوحة أخرى، بدت حفلة تنصيب ترامب، وبالمظهر بلغة الجسد هو وزوجته وزوجة نائبه، يشبه بروتوكولات تنصيب ملكة من ملوك بريطانيا.

فزوجته تلبس القبعة الواسعة والهندام الملكي، وكذلك ابن ترامب وعائلته، وكأنه مشهد من مشاهد أحد القصور لملكات أوروبا، وفي مقدمتها بريطانيا وربما بعض المشاهد من القياصرة وتنصيبهم مظهر وكأن التنصيب لأحد الملوك وعائلته. فهل فعلا يستطيع ترامب القضاء علي الدولة العميقة وإرثها الكبير! وهل سيحقق طموحه في أن تكون أمريكا في العصر الذهبي، وهل سيتذكره العالم بأنه صانع السلام في العالم والدولة القوية التي تفرض السلام في العالم وتقضي على كل الحروب في العالم. وبأنه الرجل الواضح الصريح والذي لن يكون أخطر من الصهيوني الثعلب بايدن، وإدارته، ووزير خارجيته بلينكن، مجرمى الحرب، قاتلي أطفال غزة، ومدمري بيوتها؟!

فلننتظر بعض القرارات التي اتخذها ليلة أمس، وأمام ارتجاف أوروبي، وموقفه من حلف النيتو. ماذا سيحدث في أوكرانيا وفلسطين وعلاقته مع الصين وروسيا، إنه عصر جديد لعالم جديد إنه العصر "الترامبي".


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)